: آخر تحديث

حلم يتجدّد

15
14
15
مواضيع ذات صلة

احتفلنا قبل يومين بالعيد الواحد والخمسين لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ورب قائل يقول وسائل يسأل، هل لا يزال لدينا بعد نصف قرن من قيام الدولة، ما نقول من أفكار، وما نعبّر عنه من مشاعر؟ هل لا تزال لدينا أحلام تمتلك الإرادة ذاتها والتصميم ذاته؟ هل لا تزال اللغة تتسع لقصائد جديدة ومقالات جديدة وفرح جديد؟

قد تبدو الأسئلة مدهشة للبعض وعادية للبعض الآخر، وقد يعدّها كثيرون نوعاً من الفلسفة والأسلوب الإنشائي، إلاّ أنها ليست كذلك على الإطلاق، فلولا الابتكار في التفكير والتحديث في الاستراتيجيات لما واصل الاتحاد صعوده الدائم نحو التجلّي في التنمية والتطوير والتحسين والإضافة، ولولا الأشكال الإبداعية الكثيرة في مختلف المجالات الاقتصادية والأدبية والثقافية لتوقفت الحناجر عن الغناء للفكرة الاتحادية المستدامة، ولولا توالد الأفكار والمشاعر وازدهار معاني الولاء والانتماء لما عمّ الجمال وحفّز الأجيال لمواصلة الاعتزاز والفخر وشحن العزيمة للوصول إلى أقصى الطاقات البشرية على الحلم.

لا تزال الروح التي احتفلت في الثاني من ديسمبر من العام 1972 هي ذات الروح التي احتفلت بعيد الاتحاد في الثاني من ديسمبر من العام 2022، التمجيد ذاته لفكرة الاتحاد، الالتزام ذاته بمبدأ الوحدة ومحاورها العديدة، البهجة ذاتها التي تُبقي على إشراقة الحلم، والإصرار ذاته لتحقيق المزيد من الإنجازات.

إن هذه الاستمرارية والتألق يعودان إلى التزام القيادة الرشيدة الحالية بالمبادئ ذاتها التي وضعها المؤسسون، وهذا لا يعني الجمود والاستكانة، فالمبدأ يتطور ويتأنق مع القيادة التي تحمل فكراً متجدّداً، وأساليب ابتكارية جديدة للعمل الوطني التنموي، والقيادة الإماراتية المتمثلة بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، وأولياء العهود، حفظهم الله جميعاً، أثبتت أنها قيادة تاريخية استطاعت التعامل مع المتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية بروح المسؤولية، واتخذت قرارات مصيرية وحاسمة، وسياسات حكيمة وآمنة لتحافظ على أمن واستقرار الدولة، وتواصل تنفيذ البرامج التنموية التي تؤمن الحياة الكريمة لأبناء الإمارات والمقيمين على أرض الاتحاد.

وهناك ما يثير دهشة المراقب السياسي والاقتصادي بشكل إيجابي، ويتمثّل في الأجيال الصاعدة التي اعتنقت فكرة الاتحاد ومبدأ الوحدة، والتزمت بها وآمنت بجوهرها وأهميتها، لإدراكها أنها الملجأ والوسيلة المثلى لمواصلة العيش بكرامة، وتحقيق التميّز والجودة في تسهيل الحياة. وقد استخدم هذا الجيل لغة العصر حتى تحولت الإمارات إلى الدولة الأولى في الشرق الأوسط في استخدام تكنولوجيا المعلومات، وهي تستعد حالياً للتعامل مع الذكاء الاصطناعي وصولاً إلى مجتمع المعرفة، الذي لا يعتمد فقط على عائدات النفط. لقد قطعت الإمارات شوطاً كبيراً في طريقها نحو مجتمع المعرفة، وهذا يعني نجاح الاستراتيجيات والسياسات التنموية التي جعلت الإنسان هدفاً لها وأداة لتطويرها.

بعد كل هذا، يصبح تجديد الحلم أو الحلم المتجدّد سياسة وليس أمنية، فالأحلام التي تحولت إلى واقع يسهل الانطلاق منها نحو أحلام واقعية أخرى، ألم يشعر كثيرون أن الإمارات أصبحت بلد تحقيق الأحلام، أو وطن الأحلام؟ ليس في الأمر مبالغة، فالدهشة التي ترتسم على وجوه الزائرين أبلغ ترجمة لما ذهبنا إليه، والانسجام الذي يسود المجتمع والتفاعل بين الثقافات بشكل حضاري أيضاً دليل آخر على جمال الفكرة والطرح وتألق الإنجاز.

يمهد ما سبق لأمل آخر وفكرة أخرى، تقول إن الإمارات ستحتفل بعد نصف قرن آخر بتأسيسها بالروح المتوهجة ذاتها التي احتفلت بها في الثاني من ديسمبر من العام 1972. وكل يوم والإمارات في خير وتقدّم وازدهار واستقرار.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.