محمود معروف
يتقدم المغرب في ميدان حقوق الانسان بكل ما يشمله هذا الميدان، وتشهد بذلك تقارير منظماته الحقوقية وتقارير المنظمات الدولية، إلا أن هذه التقارير تحمل ايضاً انتقادات لانتهاكات هنا او هناك، تتعلق بالقوانين او بالممارسة السياسية او سلوكيات رجال السلطة في الشارع او مراكز الشرطة، ولا تنفي المؤسسات الرسمية المغربية هذه الانتهاكات لكنها تقلل من حجمها وتؤكد انها ليست في سياق منهج وانها انتهاكات فردية معزولة.
ودعت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، (مستقلة) إلى فتح تحقيق مسؤول وموضوعي في الخروقات التي شابت العملية الانتخابية لتشريعيات السابع من تشرين الاول/ أكتوبر 2016، والتي شكلت تهديداً حقيقياً وتقويضاً للتجربة السياسية في ظل الدستور وطالبت بإسناد الإشراف على الانتخابات إلى لجنة وطنية مستقلة، بدلاً من وزارة الداخلية ومراجعة القوانين الانتخابية المعمول بها حالياً.
واعتبرت الهيئة الحقوقية «أن المحاكمة السياسية لنقيب الصحافيين ومدير جريدة العلم عبد الله البقالي، بناء على شكوى موجهة ضده من وزير الداخلية بتهمة القذف في مسؤولي الإدارة الترابية ورجال السلطة في شأن فساد انتخابات مجلس المستشارين، تشكل انتكاسة حقوقية خطيرة ومحاولة يائسة لتكميم الأفواه، وترهيب الجسم الصحافي والإعلامي والتضييق على حرية الصحافة والإعلام».
وأدان البيان العصبة «تمادي السلطات في ممارساتها التعسفية التي استهدفت التظاهرات والاحتجاجات السلمية، والتضييق على عمل المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان»، وندد بـ»انتهاك الحق الدستوري في الإضراب، والتضييق على الحرية النقابية بالمتابعات التأديبية أو القضائية أو بالاقتطاع من الأجور»، داعياً القوى السياسية والنقابية والحقوقية المدافعة عن حقوق الانسان كافة الى تشكيل جبهة وطنية للدفاع عن الحقوق الأساسية بالمغرب حفاظاً على كرامة المواطنات والمواطنين.
وسجلت العصبة تحفظها عن الاستعمال المفرط للسلاح الوظيفي من طرف رجال الأمن في حالات توقيف الخارجين عن القانون، بعيداً عن الشروط الموضوعية والمهنية والمقتضيات القانونية، مؤكدة في بيان لها، على ضرورة الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين وحياة المتهمين إلى حين التحقيق معهم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حقهم.
وجددت موقفها الداعي إلى تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، والكشف عن مصير كافة المختطفين ومجهولي المصير، وتسوية الملفات العالقة ذات الصلة كافة، والإسراع بسن واعتماد استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب. كما دعت الدولة المغربية إلى تفعيل قرار التصديق على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، وإرفاقه بالتصريح باعتراف الدولة المغربية باختصاص اللجنة الأممية المعنية بالاختفاء القسري.
وعبرت العصبة المغربية لحقوق الانسان عن استغرابها من امتناع المغرب عن التصويت على مشروع القرار المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، أمام اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة المتخصصة في قضايا حقوق الإنسان، تنفيذًا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة التي أكدها الدستور في مادته 20 التي تؤكد على أن الحق في الحياة أسمى حقوق الإنسان. وقال إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي)، إن أحد الرهانات المطروحة على الحكومة المقبلة في المجال الحقوقي هو إخراج آليات للطعن لفائدة ضحايا التمييز العنصري؛ وذلك عبر الدخول في نقاش متعدد الأطراف مع الهيئات المعنية. ودعا اليزمي، في ورشة عمل نظمها المجلس ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، صباح الاربعاء بالرباط، الحكومة المغربية بتوفير إمكانيات للطعن لفائدة الأشخاص الذين كانوا ضحية ميز عنصري لسبب من الأسباب، خاصة الأجانب والمهاجرين واللاجئين.
واوضح أن النقاش الذي سيطغى على هذا الموضوع هو الهيئة التي ستشرف على هذه الآليات، «هل سيتم منح الإشراف عليها لهيئة الإنصاف والمصالحة أم لمؤسسة وطنية أخرى؟».
واعتبر اليزمي أن سياسة تسوية أوضاع المهاجرين وإدماجهم في المجتمع التي أطلقها المغرب مؤخراً تعد أحد الشروط الأساسية والأولية لمحاربة كل أشكال التمييز، وقال إن الهدف الأساسي من هذه السياسة هو اعتبار الأجنبي مواطناً كجميع المغاربة وذلك بعد التحول الذي تعرفه بنية الهجرة على الصعيد العالمي، واقتصار موجات الهجرة على فضاء جنوب- جنوب، بعد أن كانت نحو الشمال، وتحول المغرب من بلد عبور إلى بلد استقبال المهاجرين من جنوب إفريقيا والساحل والصحراء.
وعبر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان عن ارتياحه لإدخال جميع أنواع وأشكال مناهضة التمييز ضمن ديباجة دستور بلاده، مؤكدا أن المغرب حقق خطوات متقدمة في هذا المجال، إلا «أنها تبقى في حاجة إلى مزيد من الجهد والعمل، خاصة ما ذكره بشأن آليات الطعن في حق مرتكبي أفعال التمييز والعنصرية وكراهية الأجانب». وأشاد مكتار ندوي، ممثل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، بالمغرب بفضل «التزامه الدائم والمستمر في مجال محاربة التمييز في السنوات الماضية».
وقال ندوي، في الورشة إن «الحكومة المغربية أبانت عن التزامها في مجال محاربة التمييز، الذي يعكس انخراط البلاد في مسلسل احترام حقوق الإنسان» ودعا حكومات الدول العربية والافريقية، إلى احترام القواعد المدبجة في الاتفاقيات الدولية بشأن مكافحة العنصرية والتمييز والكراهية، ومؤكدا على أن المطلوب حالياً هو ضمان المساواة في الحقوق بين المواطنين والأجانب. وأعرب المسؤول الدولي عن قلقه من تزايد نسب الاضطهاد والكراهية، خاصة في صفوف الأفارقة «أكدت الأبحاث والدراسات أن الأفراد من ذوي البشرة السوداء، وخاصة المنتمون إلى إفريقيا يرزحون تحت وطأة التمييز العنصري بسبب العرق واللون، وذلك ناتج عن خلل في التعليم والتربية وغياب الاعتراف الكافي» واضاف أن «مشاعر الكراهية باتت تتحول شيئاً فشيئاً إلى حالات عنف من طرف الشرطة». وحمل أحمد شكيب، ممثل المندوب الوزاري لحقوق الإنسان بالمغرب الدول والحكومات مسؤولية تعزيز الحوار بين الثقافات وتجنب الصدام، من خلال إلزامها ببناء ثقافة السلام ووضع حد للعنف. وقال إن نبذ الكراهية ومناهضة التمييز يجب أن يشمل أيضاً تعامل رجال السلطة والمشرفين على تطبيق ونفاذ القانون، من خلال تلقينهم أبجديات احترام حقوق الإنسان، لاسيما في ما يتعلق بالتعامل مع المهاجرين غير الشرعيين، وأن سياسة المغرب في مجال تسوية وضعية اللاجئين تتطلب مواكبتها عبر خلق خطط موازية تساهم في نجاحها وفعاليتها.