إيلاف من الرباط: قرر المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي (غالبية حكومية)، الثلاثاء، تجميد عضوية صلاح الدين أبو الغالي عضو المكتب السياسي والقيادة الجماعية للحزب من المكتب السياسي والقيادة الجماعية، وإحالة الملف على لجنة الأخلاقيات، وذلك "بإجماع أعضائه"، وبناء على "مضمون تقرير تنظيمي مفصل"، يتضمن "شكاوى خاصة لا علاقة لها بالمال العام تتهمه بشبهة ارتكاب خروقات للنظام الأساسي للحزب وتمس بقيمه، كما تخالف ميثاق الأخلاقيات الذي صادق عليه الحزب".
جاء ذلك في بيان، تلقت "إيلاف"، مساء الأربعاء، نسخة منه، توج أشغال الاجتماع العادي للمكتب السياسي للحزب، برئاسة القيادة الجماعية لأمانته العامة، بالرباط، خصص للتداول في مستجدات الدخول السياسي، وفي القضايا التنظيمية الداخلية للحزب.
واستنكر أبو الغالي، في معرض بيان توضيحي، ما وصفه بـ "التصرف الأرعن"، مشددا على أنه سيظل يمارس صلاحياته "كاملة"، وسيحضر أشغال المكتب السياسي "كلما انعقد"، ولن يخيفه "الطغيان"، ولن يقبل بـ"التحكم".
قيادة جماعية
يأتي تجميد عضوية أبو الغالي بعد نحو سبعة أشهر على انتخاب أعضاء القيادة الجماعية للأمانة العامة للحزب، وذلك في إطار فعاليات المؤتمر الخامس للحزب، الذي احتضنته بوزنيقة (جنوب الرباط) شهر فبراير الماضي.
وتضم الأمانة العامة كلا من فاطمة الزهراء المنصوري، ومحمد مهدي بنسعيد، وصلاح الدين أبو الغالي. وتتقلد المنصوري منصب عمدة مراكش، وهي أيضا وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة في الحكومة الحالية.
فاطمة الزهراء المنصوري
ويشغل بنسعيد منصب عضو المكتب السياسي للحزب، وكان قد فاز، عقب الانتخابات التشريعية التي نظمت في 8 سبتمبر 2021، بمقعد نائب برلماني عن دائرة "الرباط – المحيط"، وهو حاليا يشغل منصب وزير الشباب والثقافة والتواصل. أما أبو الغالي، فيشغل منصب المنسق الجهوي للحزب بجهة الدار البيضاء-سطات، وعضو المكتب السياسي للحزب. كما يشغل منصب رئيس بلدية مديونة، بالإضافة إلى منصبه كنائب برلماني عن الدائرة ذاتها.
وجاء انتخاب القيادة الجماعية بعد أن أعلن الأمين العام المنتهية ولايته، عبد اللطيف وهبي، خلال افتتاح أشغال المؤتمر الخامس،عن عدم نيته الترشح لولاية ثانية.
صدمة واستنكار أبو الغالي
قال أبو الغالي، في معرض تفاعله مع تجميد عضويته، في "بيان من أجل الديمقراطية في البام" (البام كلمة تختصر تسمية "حزب الأصالة والمعاصرة" بالأحرف اللاتينية)، وقعه بصفته "عضو القيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة"، إنه تفاجأ "لحد الصدمة والذهول"، بـ "السلوك التحكمي الاستبدادي" لعضوة القيادة الجماعية للأمانة العامة، فاطمة الزهراء المنصوري، التي "أضحى تدبيرها التنظيمي والسياسي وكأن حزب الأصالة والمعاصرة ضيعة خاصة تتصرّف فيها حسب الأهواء، بعيدا عن القيم النبيلة التي آمنا بها، والتي شدّد عليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، في برقية التهنئة باختتام المؤتمر الوطني الخامس للحزب"، حسب قوله.
واستعرض، أبو الغالي مجموعة من "الوقائع"، على علاقة بالموضوع، مشيرا إلى أنه "بدا جليا" أن المنصوري "حزمت أمرها، واتخذت قرارها، بغير وجه حق، للضغط علي لتغليب كفة الربح لفائدة الطرف الآخر، وتطلب مني تقديم استقالتي في حالة رفضي الإنصياع لأمرها، فرفضت بالإطلاق، على اعتبار أن ما تتكلم عنه هي أمور تجارية لا علاقة لها بالحزب، ولا بتدبير الشأن العام"، مشيرا إلى أنها هدّدته بأنها ستطلب تجميد عضويته في اجتماع المكتب السياسي، وأن جوابه كان هو "الاحتكام إلى الحكامة الحزبية"، وإلى "ميثاق الأخلاقيات"، وإلى "القيم والمبادئ النبيلة"، التي "شكلت منطلق وهدف عملنا السياسي داخل حزب الأصالة والمعاصرة".
وأوضح أبو الغالي أنه اضطر، قبيل اختتام اجتماع المكتب السياسي، إلى الانسحاب من الاجتماع، "أولا للاحتجاج على كل السلوكات التي تتناقض جذريا مع الرسالة السامية للعمل السياسي النبيل، ولأكتب هذا البيان الاحتجاجي".
وشدد أبو الغالي على أن "المكتب السياسي ليس هو المكان الأصح لحل المشاكل التجارية الخاصة، فالمكتب السياسي ليس تاجرا ولا قاضيا ولا وسيطا ولا سمسارا يريد تغليب كفّة تاجر على كفّة تاجر آخر منافس!!! المكتب السیاسي هيئة تنفيذية تترأسها القيادية الجماعية للأمانة العامة للحزب، وهي مكلفة تنفيذ سیاسة الحزب وقراراته كما حددھا المؤتمر الوطني والمجلس الوطني، والتي لا علاقة لها بالخلافات التجارية بين أعضاء الحزب".
وأوضح أبو الغالي أن "أصل المشكل التجاري مع متعامل آخر، يعود إلى خلافٍ ذي صلة ببيع وشراء عقار تملكه عائلتي، وإذا رأى الطرف الآخر أنه تعرّض لظلم ما، فمن حقّه طلب الانتصاف بما في ذلك القضاء، الذي وحده يفصل بين البريء والمذنب، ودخول عضوة القيادة الجماعية للأمانة العامة فاطمة الزهراء المنصوري على خطّ هذا الخلاف التجاري الشخصي، هو إقحام قضية شخصية في ممارسة حزبية، وهذا شيء لا يستقيم ولا يقبله أي ديمقراطي، لأنه يتحوّل إلى فعل استبدادي، تستعمله السيدة فاطمة الزهراء المنصوري مستقوية بإيحاءات عن "جهات عليا" وعن "الفوق"، لتفعل في الحزب ما تريد، فتقرّب المريدين، وتسعى إلى "تصفية" المخالفين".
وأضاف أبو الغالي أن "السلوك الاستبدادي" للمنصوري "هو "تطاول" على ميثاق الأخلاقيات المصادق عليه من طرف المجلس الوطني، الذي يقول في المادة 13 أنه "يمكن للمكتب السياسي تجميد العضوية لأحد أعضاء الحزب وتوجيه إنذارات في حق كل منخرط ويختص بالإحالة على اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات لاتخاذ المتعين لكل من يشغل مهمة انتدابية أو نيابية حُركت في مواجهته متابعة من أجل جناية أو جنحة عمدية مرتبطة بتدبير الشأن العام بناء على إحالة المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للداخلية. ولا علاقة لكل هذا بالمعاملات التجارية الخاصة". وحسب المادة 14 "تصدر اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات قرارا بتجميد العضوية في حق كل منخرط بالحزب صدر في شأنه قرار قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به من أجل جناية أو جنحة عمدية مرتبطة بتدبير الشأن العام ما لم يرد له اعتباره". والحال، يضيف أبو الغالي، أن "الخلاف المعني، هو خلاف تجاري بين اثنين متعاملين تجاريا، فهو مشكل شخصي، بين شخصين، لديهما من الرشد والأهلية ما يمكّنهما من حل المشكل، وإذا استعصى على الحل، فهناك طريق القضاء وليس طريق حزب الأصالة والمعاصرة ولا طريق السيدة المنسقة الوطنية للقيادة الجماعية للأمانة العامة للبام".
وشدد أبو الغالي على أنه "خلافا للسلوك الاستبدادي" للمنصوري "بطلب تجميد" عضويته. وأضاف: "المكتب السياسي ليست لديه الصلاحية القانونية للنظر في عضوية عضو القيادة الجماعية للأمانة العامة، وننوّر السيدة المنصوري، التي أعماها عن ذلك "التحكُّم" ، أن أعضاء القيادة الجماعية منتخبون من قبل المجلس الوطني، الذي وحده له الحق، حسب المادة 88 من النظام الأساسي للحزب، في النظر في هذه العضوية، وبالتبعية المنطقية، فإن سقوط أو إقالة عضو من القيادة الجماعية، التي تجسد الأمانة العامة للحزب، فإنه يترتب عليه إقالة جماعية لأعضاء الأمانة العامة. فالرسالة الملكية، في برقية التهنئة، لم تَعدَّ شخصاً واحداً أو شخصين، بل ذكرت وهنأت الأسماء الثلاثة على اعتبار أنها تجسّد مخرجات انتخابات المؤتمر الوطني والمجلس الوطني، حيث قال صاحب الجلالة : "نتوجه إليك بتهانئنا بمناسبة انتخابك منسقة للقيادة الجماعية للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، التي تضم في عضويتها كلا من السيد محمد مهدي بنسعيد والسيد صلاح الدين أبو الغالي، وذلك من قبل مجلسه الوطني، مع متمنياتنا الخالصة لكم بكامل التوفيق والسداد في النهوض بمسؤولياتكم القيادية الحزبية الجديدة".
صلاح الدين ابو الغالي
وقال أبو الغالي إن رفضه "للسلوك الاستبدادي التحكمي" بتجميد العضوية "يتأتى من احترامه لحزبه، ولمبادئه السامية". وأضاف أن "النقطة التي أفاضت الكأس"، كانت هي عندما رافقت المنصوري سمير كودار رئيس جهة مراكش-أسفي إلى الاجتماع الأخير لهيئة رئاسة الأغلبية الحكومية، في يونيو 2024 بالرباط، و"نشرت صورة له بصحبتها مع رئيسي الحزبين المشكلين للتحالف الحكومي، إذ وجّهتُ لها، بكل رفاقية حزبية، الملاحظة حول الاجتماع، وأن الأحرى كان يجب أن يرافقها أحد عضوي القيادة الجماعية للأمانة العامة، ومنذ ذلك الوقت، بدأ الخلاف يحتدّ ويتأجج". واستدرك أبو الغالي: "وهنا سأحدد نقطة البدء في تفجّر الخلاف، فالسلوك الاستبدادي للسيدة عضوة القيادة الجماعية بدأ يظهر ويتنامى منذ انتهاء أشغال المؤتمر الوطني الخامس في فبراير 2024، خصوصا عندما كنت أطالب، بين الحين والآخر، بالعودة إلى مخرجات المؤتمر من أجل العمل على تنزيلها في أفضل الظروف وفاء لالتزاماتنا وتعهّداتنا ليس فقط أمام عموم الباميات والباميين، بل أساسا أمام صاحب الجلالة، وأمام الشعب المغربي، الذي منحنا ثقته لنكون ثاني قوة سياسية في البلاد، ولكي يرافق تفاعلنا معه في اتجاه أن نكون القوة السياسية الأولى... لكن السيدة عضوة القيادة الجماعية لديها رأي آخر، ورؤية أخرى، للأولويات، إذ كلما أصررتُ على فتح أوراش المراجعة التنظيمية والسياسية، التي أسندتها لنا أعلى هيئة تقريرية في الحزب، وهي المؤتمر الوطني، كلما استعر الخلاف، خصوصا أن المنصوري ظل كل همّها، في البداية، هو الانتخابات المقبلة، ليس عبر التأهيل الحزبي الذاتي للنجاح في خوض غمار هذه المعركة السياسية في مسيرة الديمقراطية المغربية، وإنما فقط في البحث عن "العناصر" التي تضمن "الفوز" بالمقعد، ثم أصبح شغلها الشاغل حاليا اللقاءات المعلنة وغير المعلنة، مع أسماء بعينها حدّدتها وحدها، لتتهيّأ للتعديل الحكومي المرتقب، مع التكتّم على الاتصالات والتواصلات و"المحادثات" ومعايير الانتقاء ولائحة الأسماء التي ستحملها السيدة المنصوري إلى رئيس الحكومة".
وشدد أبو الغالي على أن المنصوري "ليست إلاّ عضوة في تساوٍ تام بين باقي القيادة الجماعية"، وأضاف: "وقد ارتأينا أنا والمهدي بنسعيد تعيينها منسقة مع المؤسسات، وفي ما يخص المشاورات في حالة طلبَها رئيس الحكومة، وقد سبق أن اقترحت تشكيل لجنة موسعة لانتقاء المرشحات والمرشحين للإستوزار زيادة في الوضوح والشفافية، حتى لا يتسلل بعض "المقربين" إلى المناصب دون كفاءة ومصداقية، وهذا الخلاف بيننا دفعها لاختلاق الأسباب الواهية، والأكاذيب المفضوحة، لإبعادي في هذه المرحلة عن مراقبة ما يجري، وتمكين السيد سمير كوادر من شغل منصبي في ضرب لقرارات الحزب، وضداً عن القانون، وسأضع رهن إشارة الرأي العام المتتبع للشأن الحزبي نسخة من القانون الأساسي، ونسخة من النظام الداخلي، ونسخة من مدونة الأخلاقيات التي صِغتها شخصيا صحبة رئيسة اللجنة الوطنية للأخلاقيات التي أصيبت بدورها بالذهول وهي تسمع وترى هذه الترهات".