الامم المتحدة (الولايات المتحدة): أرجأ مجلس الأمن الدولي مجدّداً حتى الجمعة التصويت على مشروع قرار يهدف لتحسين الوضع الإنساني في غزة، في نصّ أصبح بنسخته الأخيرة ضعيفاً جداً بعدما خلا من أيّ دعوة لوقف القتال فوراً لكنّ فرص إقراره ارتفعت بحصوله على تأييد واشنطن.
وأتى هذا التأجيل الجديد بعد أن أعلنت الولايات المتّحدة أنّها مستعدّة لتأييد النسخة الأخيرة من مشروع القرار، والتي تدعو إلى اتّخاذ "إجراءات عاجلة" لتحسين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكن من دون المطالبة بوقف فوري للأعمال العدائية بين إسرائيل وحركة حماس.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فمن المقرّر أن يتمّ التصويت على مشروع القرار الجمعة.
لكنّ النصّ الجديد، وهو ثمرة مفاوضات شاقة جرت تحت التهديد الأميركي باستخدام حقّ النقض مجدّداً، لم يعد يشبه بتاتاً النسخة الأصلية التي طرحتها الإمارات العربية المتحدة على طاولة مجلس الأمن الأحد.
ويدعو مشروع القرار بنسخته الجديدة التي صيغت الخميس واطّلعت عليها وكالة فرانس برس، إلى "اتّخاذ إجراءات عاجلة من شأنها أن تسمح على الفور بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، وكذلك تهيئة الظروف لوقف دائم للأعمال العدائية".
وبذلك يكون مشروع القرار الجديد قد تخلّى عن الدعوة إلى "وقف عاجل ودائم للأعمال العدائية"، وهي عبارة تضمّنها في نسخته الأصلية، وكذلك أيضاً عن الدعوة إلى "تعليق عاجل للأعمال العدائية"، وهي عبارة أضعف وردت في نسخة لاحقة لكن تمّ إسقاطها في النسخة الجديدة.
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد مساء الخميس "لقد عملنا بجدّ واجتهاد هذا الأسبوع مع الإمارات وآخرين ومع مصر للتوصّل إلى قرار يمكننا دعمه".
وأضافت أنّ "مشروع القرار لم يضعف. مشروع القرار قوي جداً، ويحظى بدعم كامل من المجموعة العربية".
وأكّدت السفيرة الأميركية أنّ النصّ الجديد سيتيح "تقديم المساعدات الإنسانية لمحتاجيها".
ومجلس الأمن الذي واجه انتقادات واسعة بسبب تقاعسه عن التحرك منذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، يشهد منذ أيام مفاوضات شاقّة بشأن هذا النصّ.
والتصويت الذي كان مقرّراً في الأساس يوم الإثنين أرجئ مرات عدّة كان آخرها مساء الخميس.
وفي الثامن من كانون الأول/ديسمبر الجاري استخدمت الولايات المتّحدة حقّ النقض (الفيتو) ضدّ مشروع قرار سابق يدعو إلى "وقف إطلاق نار إنساني" في قطاع غزة.
وأعلنت إسرائيل الحرب على حماس ردّاً على هجوم غير مسبوق نفّذته الحركة في 7 تشرين الأول/أكتوبر على جنوب الدولة العبرية وأدّى إلى مقتل نحو 1140 شخصاً، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استناداً إلى أحدث الأرقام الرسمية الإسرائيلية.
واقتادت معها حماس إبّان الهجوم نحو 250 شخصاً إلى قطاع غزة حيث احتجزتهم رهائن. ولا يزال 129 من هؤلاء محتجزين في القطاع، وفقاً للسلطات الإسرائيلية.
من جهتها، أعلنت حكومة حماس أنّ الردّ الإسرائيلي على القطاع خلّف عشرين ألف قتيل، بينهم على الأقل ثمانية آلاف طفل و6200 امرأة.
والخميس، أفاد تقرير لبرنامج أممي يرصد مستويات الجوع في العالم أنّ كلّ شخص يعيش في قطاع غزة سيواجه مستوى عالياً من انعدام الأمن الغذائي الحادّ في الأسابيع الستة المقبلة.
وتوقّع تقرير برنامج "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" (آي بي سي) الذي يصنف مستويات الجوع من واحد إلى خمسة، أنّه بحلول 7 شباط/فبراير وفي "السيناريو الاكثر ترجيحا" سيكون "سكان قطاع غزة جميعهم (نحو 2,2 مليون شخص)" عند مستوى جوع يلامس "الأزمة أو ما هو أسوأ".
ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس، لم يتمكّن مجلس الأمن الدولي من الخروج عن صمته إلا مرة واحدة، عندما أصدر في 15 تشرين الثاني/نوفمبر قراراً يدعو إلى "هدنة إنسانية".
بالمقابل فشلت خمسة نصوص بشأن هذه الحرب في أن ترى النور في مجلس الأمن خلال شهرين، اثنان منها بسبب الفيتو الأميركي.
وتعليقاً على التطورات في مجلس الأمن الدولي، قال ريتشارد غوان، المحلّل في مجموعة الأزمات الدولية، "يبدو أنّ الولايات المتحدة استغلّت رغبة أعضاء آخرين في المجلس في تجنّب استخدام حقّ النقض".
وأضاف "لكنّ النتيجة هي نصّ أصبح ضعيفاً للغاية في كثير من الجوانب".
وتابع "سيتعيّن على الأعضاء الآخرين في المجلس أن يقرّروا ما إذا كانوا سيقبلون نصاً ضعيفاً لمجرد رغبتهم بالتوصّل إلى اتّفاق"، مشيراً على وجه الخصوص إلى خطر أن يشكّل هذا النص "مشكلة بالنسبة لروسيا" التي تتمتّع بدورها بحقّ النقض ولا تنفكّ تطالب بوقف لإطلاق النار في هذه الحرب.
وتركّزت المفاوضات في الساعات الأخيرة على طلب إنشاء آلية لمراقبة المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة تشرف عليها "حصراً" الأمم المتّحدة لضمان الطبيعة "الإنسانية" لهذه الإمدادات.
لكنّ إسرائيل التي تريد الاحتفاظ برقابتها على قوافل المساعدات الإنسانية هذه، عارضت هذه الآلية فأزيلت من النسخة الأخيرة لمشروع القرار الإشارة إلى حصرية إشراف الأمم المتّحدة على قوافل المساعدات الإنسانية.
وهناك نقطة خلافية أخرى، هي عدم تضمّن مشروع القرار أيّ إدانة لحماس أو حتى ذكر لاسم الحركة، وهو أمر تندّد به دوماً إسرائيل والولايات المتحدة.
كما تخلّى مشروع القرار في صيغته الجديدة عن عبارتين وردتا في نسخه السابقة تدين أولاهما "كلّ أعمال الإرهاب" بينما تدين ثانيتهما "كل الهجمات العشوائية ضدّ المدنيين".
وتوعّدت اسرائيل بالقضاء على حماس ردّاً على الهجوم غير المسبوق الذي نفذته الحركة الإسلامية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل، وأدى إلى سقوط نحو 1140 قتيلا معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى أحدث الأرقام الإسرائيلية الرسمية.
بالمقابل، خلّفت العمليات العسكرية الإسرائيلية عشرين ألف قتيل في غزة منذ بداية الحرب، بينهم على الأقل ثمانية آلاف طفل و6200 امرأة، وفق حصيلة أوردتها حكومة حماس الأربعاء.