قطاع غزة (الأراضي الفلسطينية): واصل الجيش الإسرائيلي الثلاثاء قصفه وعملياته البرية في غزة، على الرغم من ضغوط دولية تلحّ على حماية المدنيين في القطاع الفلسطيني المحاصر، وذلك بانتظار التبني المحتمل لقرار في مجلس الأمن الدولي.
وبعد عشرة أيام على استخدام الولايات المتحدة حق النقض، يتوقع أن يصوت مجلس الأمن الثلاثاء على مسودة جديدة لقرار يدعو إلى "تعليق عاجل" للأعمال القتالية في قطاع غزة، بعد الهجوم الذي نفذته حركة حماس في 7 تشرين الأول(أكتوبر) على إسرائيل.
إرجاء التصويت
التصويت الذي كان مقرّرا في الأصل الإثنين، يمكن ان يتم إرجاؤه مجددا، وسط قلق متزايد من اتسّاع نطاق النزاع من جراء الهجمات التي يشنّها المتمردون الحوثيون، حلفاء حماس، على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وليل الاثنين الثلاثاء، استهدف قصف إسرائيلي مدينتَي رفح وخان يونس (جنوب) ووسط غزة، بحسب مراسلين لوكالة فرانس برس.
وقُتل الثلاثاء 20 فلسطينيا في قصف لمدينة رفح، بحسب حركة حماس، من بينهم أربعة أطفال والصحافي عادل زعرب.
من جهة أخرى أعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء العثور على متفجرات في مركز طبي في الشجاعية، في ضواحي مدينة غزة، وتدمير أنفاق لحماس وقتل كوادر في الحركة في عمليات نفّذت مؤخرا.
في رفح
في رفح، المدينة الواقعة عند الحدود مع مصر والتي تؤوي عشرات آلاف النازحين الذين فروا من القتال في الشمال، كان ناجون يبحثون بين أنقاض مبنى منهار في الصباح وينتشلون جثثا.
وقال جهاد زعرب لوكالة فرانس برس "ما من مكان آمن. نحن نازحون من مدينة غزة. جئنا إلى هنا، دمرت منازلنا. هناك قصف في كل غزة".
الأمم المتحدة
من جهته، قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك "اليوم، يضطر الفلسطينيون للجوء إلى مناطق تزداد صغرا (...) فيما تقترب العمليات العسكرية شيئا فشيئا" منهم.
وأضاف "إنهم محاصرون في جحيم. لم يعد هناك مكان يذهبون إليه في غزة".
وقال الناطق باسم اليونيسف جيمس إلدر الثلاثاء إن غزة هي "أخطر مكان في العالم" للأطفال، وذلك بعد عودته من الأراضي الفلسطينية.
وقال إلدر "أنا غاضب لرؤية أن عيد الميلاد سيؤدي على الأرجح إلى زيادة الوحشية والهجمات فيما ينشغل العالم بالمحبة"، معربا عن أسفه لتحول آلاف الأطفال الذين قتلوا في غزة إلى مجرد "إحصاءات".
نزوح
وفي القطاع الذي تخضعه إسرائيل لحصار كامل منذ التاسع من تشرين الأول(أكتوبر)، نزح نحو 1,9 مليون نسمة، أي 85 في المئة من السكان، بسبب الحرب، وفق الأمم المتحدة.
واضطر كثير من السكان للفرار مرات عدة وأقاموا في مخيمات محرومين من الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأعلن فضل نعيم، مدير المستشفى الأهلي وهو من آخر المؤسسات الاستشفائية التي لا تزال في الخدمة في شمال قطاع غزة، توقف المرفق عن العمل الثلاثاء بعد اقتحام الجيش الإسرائيلي له.
وأضاف نعيم "استشهد 4 مواطنين متأثرين بجروحهم التي أصيبوا بها أمس" الإثنين.
تتزايد الدعوات للتهدئة مع تواصل ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين.
كاميرون
وحضّ وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إسرائيل الثلاثاء على اتباع "نهج أكثر استهدافا" في حربها ضد حماس والحد من الخسائر في صفوف المدنيين.
وخلال زيارة لتل أبيب الإثنين، حضّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن على إيصال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مؤكدا في المقابل أن بلاده "ستواصل تزويد" إسرائيل بالأسلحة والذخائر الحيوية والمركبات التكتيكية وأنظمة الدفاع الجوي التي تحتاج اليها في حربها ضد حركة حماس في قطاع غزة.
على الرغم من دخول مزيد من الشاحنات المحملة بضائع تجارية إلى القطاع الثلاثاء من معبري رفح، الحدودي مع مصر، وكرم أبو سالم، الحدودي مع إسرائيل، لا يزال ما يتم إدخاله إلى غزة بعيدا جدا من تلبية أبسط احتياجات السكان.
وينسلاند
وقال موفد الامم المتحدة الى الشرق الاوسط تور وينسلاند الثلاثاء إن "الاجراءات المحدودة لاسرائيل، وخصوصا السماح بإدخال مزيد من الوقود والغذاء وغاز الطهو، وفتح معبر كرم ابو سالم لدخول المساعدة الانسانية، هي ايجابية، لكنها غير كافية الى حد بعيد في ضوء ما هو ضروري لمواجهة الكارثة الانسانية على الارض".
بعدما كان مقررا الإثنين، يمكن أن يرجأ مجددا تصويت مجلس الأمن المقرر الثلاثاء على نص يدعو إلى "تعليق عاجل" للأعمال القتالية في غزة للسماح بوصول إنساني آمن ومن دون عوائق.
وتتواصل المحادثات من أجل التوصل لهدنة جديدة. وكانت هدنة دخلت مفاعيلها حيّز التنفيذ في 24 تشرين الثاني/نوفمبر واستمرت حتى الأول من كانون الأول/ديسمبر قد أتاحت الإفراج عن 80 رهينة كانت محتجزة في قطاع غزة في مقابل 240 من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
تبادل
وأعربت حماس مرة أخرى عن استعدادها لصفقة تبادل أسرى لكن "بعد وقف لإطلاق النار".
وتعارض إسرائيل وقف إطلاق النار الذي من شأنه، وفقا لها، أن يترك السيطرة على قطاع غزة لحركة حماس التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل منظمة إرهابية.
ويتخوّف المجتمع الدولي من اتسّاع نطاق النزاع، من جراء هجمات يشنّها المتمردون الحوثيون في اليمن ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
أوستن
والثلاثاء أكد وزير الدفاع الأميركي أن هذه الهجمات تشكل "تهديدا" للتجارة الدولية، وذلك لدى إعلانه تشكيل تحالف دولي للتصدي لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
وهدّد المتمرّدون الحوثيون بمهاجمة "أي دولة" تتحرّك ضدهم.
وأطلق عضو المجلس السياسي اليمني الاعلى محمد علي الحوثي تحذيرا جاء فيه أن "أي دولة تتحرك ضدنا سيتم استهداف سفنها في البحر الأحمر".