: آخر تحديث
تكتيكية ونفسية ومالية

الأوجُه المختلفة لحرب الطائرات المسيّرة في أوكرانيا

26
23
25

باريس: تحمل حرب الطائرات المسيّرة التي اتخذ استخدامها أبعاداً جديدة في الحرب الروسية على أوكرانيا، أوجهاً عديدة، تكتيكية ونفسية ومالية.

في ما يلي بعض الجوانب التي يمكن تسليط الضوء عليها في إطار استخدام المسيّرات في ظل الجمود الحالي على الجبهة.

كانت الطائرة المسيّرة التركية "بيرقدار تي بي 2" من أبطال المقاومة الأوكرانية في بداية الغزو. وتُعرف هذه المسيّرة أيضاً بـ"مايل" MALE بحسب الأحرف الأولى لعبارة "علو متوسط صمود طويل" Moyenne Altitude, Longue Endurance، إذ تحلق على ارتفاع متوسط وهي قادرة على الطيران لفترة طويلة.

يقول الباحث الفرنسي ليو بيريا-بينيي من "المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية"، "احتلت (هذه المسيرة) مكانة مهمة في الاتصالات الاستراتيجية للقوات الأوكرانية. وأصبحت تي بي 2 التي قدمت على أنها عنصر أساسي خلال العديد من العمليات المسلّحة المهمّة مثل تعطيل رتل من الآليات العسكرية الروسية الآتية من بيلاروس أو تدمير الطرّاد موسكفا، من رموز الأيام الأولى للصراع".

ورغم الإشادة بها، إلّا أنّ "بيرقدار" لم تعد تحلّق منذ أشهر. ويقول مصدر أوروبي في الصناعة الدفاعية طلب عدم الكشف عن هويته، إنّ "الجبهة المتحرّكة مؤاتية لإشراك طائرات بدون طيار من نوع MALE التي الحقت الكثير من الأضرار. لكنّ الجبهة شهدت جموداً لاحقاً وبات من المتعذر خرقها مع نشر الروس أنظمة" المضادات الجوية. وبما أنّ "بيرقدار" باتت هشّة أمام هذه التحوّلات، فهي لم تعد تحلّق كثيراً كما في السابق.

تُمطر موسكو بانتظام العمق الأوكراني بمسيرات متفجرة من طراز "شاهد" إيرانية الصنع. في المقابل، تُرسل كييف طائرات مماثلة إلى العمق الروسي، سواء القرم أو منطقة بيلغورود، وحتى إلى موسكو، على ما أفادت به الحكومة الروسية الثلاثاء.

تلجأ القوات الأوكرانية إلى "طائرات مسيّرة انتحارية بعيدة المدى، وأحياناً إلى مسيّرات صينية بمروحة وهي متاحة تجارياً، أو إلى مسيرات استطلاع سوفياتية قديمة تعمل بالطاقة النفاثة من طراز Tu-141. وهذه الأخيرة مزوّدة بعبوات ناسفة، ويمكنها إصابة أهداف داخل الأراضي الروسية"، حسبما يوضح المصدر الأوروبي.

وبما أنّها أقل كلفة بكثير من الصواريخ التي يتم اعتراضها في الكثير من الأحيان، فهي تُستخدم من كلا الجانبين "لتكون بمثابة شرَك، لإجبار الدفاعات على إطلاق صواريخها لاستنفادها. كما لإثارة الرعب وعدم اليقين بشكل دائم. وعلى المدى البعيد، كلّ هذا له مزايا"، حسبما يقول ضابط فرنسي رفيع المستوى.

ويشير كل من جاك واتلينغ ونيك رينولدز من "المعهد البريطاني للخدمات المتحدة" (RUSI) إلى إنّه نظراً إلى أنّ الصناعة الروسية لا يمكنها توفير إلّا "حوالى 40 صاروخاً طويل المدى كلّ شهر"، تطلق موسكو عدداً كبيراً من الطائرات بدون طيار "لزيادة عدد محاور التهديد، فتستخدم مسيرات شاهد-136 ككشّافة لتحديد الثغرات في الدفاع الأوكراني".

تُستخدم غالبية المسيّرات قرب الجبهة من أجل الاستطلاع وتحديد الأهداف أو شنّ هجمات، وذلك بواسطة طائرات مسيّرة صغيرة تجارية يتم تعديلها لهذا الغرض، تلقي قنابل على الجنود الروس في ملاجئهم.

ويقول خبراء "المعهد البريطاني للخدمات المتحدة"، "من الشائع إحصاء ما بين 25 و50 طائرة من دون طيار من كلا الجانبين تعمل في المنطقة المتنازع عليها بين الخطّين الأماميين، على عرض حوالى 10 كيلومترات".

وتتراوح النماذج المستخدمة بين طائرات بدون طيار تكتيكية مثل "فوريا" FURIA الأوكرانية التي يبلغ مداها حوالى خمسين كيلومتراً أو "ايليرون-3" (Eleron-3) الروسية، ومروحيات رباعية تجارية يتم شراؤها عن طريق الاكتتاب العام وتعديلها، ويقل مداها عن عشرة كيلومترات.

في مواجهة هذه الأسراب، نشر كلّ معسكر دفاعات، خصوصاً الإلكترونية منها، للتشويش على مسيرات منخفضة التكلفة للغاية أحياناً، ليس من المحبّذ إسقاطها بصواريخ باهظة الثمن.

ويوضح المصدر الصناعي أنّ "الجنود معرّضون بشدّة" لمروحيات رباعية صغيرة معدلة، مشيراً إلى أنّ "الطريقة الوحيدة للقتال هي عبر التشويش".

ووفق "معهد الخدمات الملكية المتحدة"، "لا يمكن الفصل بين الحرب الإلكترونية والطائرة المسيّرة". ويضيف "هذا نوع جديد المعارك المتعددة الاسلحة، وكما هناك سلاح المشاة + سلاح المدفعية...، هناك طائرات بدون طيار + حرب إلكترونية + اتصال".

من جهة أخرى، يشير خبراء "المعهد الملكي للخدمات المتحدة" إلى أنّ الروس نشروا وسائل أخف على نطاق واسع، حيث "يتمّ تخصيص قدرات مضادة للطائرات بدون طيار عند كلّ قطاع، تتضمن بصورة عامة أجهزة تشويش اتجاهية".

ويوضح المصدر الصناعي أنّ "البندقية المضادة للطائرات بدون طيار (فائدتها) صفر في الدفاع. ما ينجح هو أجهزة التشويش الثابتة المنصوبة بالقرب من منطقة الجبهة، ولكن يمكن رصد موقعها كما أن عمرها المتوقّع محدود للغاية لأنّه يتم إطلاق النار عليها"، وفقاً للمصدر الصناعي.

في النهاية، فإنّ خسائر الطائرات بدون طيار مرتفعة للغاية، وبحسب المصدر العسكري "يُعتقد بأنّ كلّ طائرة بدون طيار لا تطير أكثر من أربع إلى ست مرّات قبل إسقاطها".

ويقول الأوكرانيون إنهم يخسرون 10 آلاف مسيّرة في الشهر. وهذا رقم لا يمكن التحقّق منه وقد يكون جزءاً من استراتيجية التواصل مع الغربيين الداعمين لكييف.

إذا شهدت الجبهة تحرّكات كبيرة للقوات مع اختراقات وهجمات وهجمات مضادة، من الواضح أنّ الطائرات بدون طيار ستكون مشارِكة في ذلك.

ويقول الأستاذ في أكاديمية "ويست بوينت" فيكرام ميتال لمجلة "فوربس"، "مع تغيّر ديناميكيات ساحة المعركة، ستوفّر الطائرات بدون طيار قدرات جديدة للأوكرانيين".

ويضيف "يمكن تعديلها للمساعدة في تخطي العقبات" مثل حقول الألغام على سبيل المثال، أو لضمان إمدادات الذخيرة "أو غيرها من المعدّات اللازمة للوحدات لمواصلة عملياتها".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار