كييف (أوكرانيا): اتهمت السلطات الأوكرانية الأربعاء روسيا بقصف مدينة تشيرنيهيف ومركز للصليب الأحمر في ماريوبول رغم إعلان موسكو عن خفض الأنشطة العسكرية وهو ما بدد الآمال بتسجيل تقدم حاسم إثر مفاوضات اسطنبول.
وقالت أمينة المظالم الأوكرانية ليودميلا دنيسوفا في بيان "في ماريوبول، استهدف المحتلون مبنى تابعًا للجنة الدولية للصليب الأحمر" مضيفة أن المبنى استُهدف بغارات جوية وبالمدفعية رغم أن عليه علامة الصليب الأحمر "وذلك يعني وجود جرحى وممتلكات مدنية أو إغاثية" بداخله. لكنها قالت إن ليس لديها معلومات عن ضحايا محتملين.
وفي الشمال، قال فياتشيسلاف تشاوس حاكم المنطقة التي تضم تشيرنيهيف إن المدينة "تعرضت للقصف طوال الليل" بالمدفعية والطيران موضحا ان بنى تحتية مدنية دمرت وان المدينة لا تزال بدون كهرباء ولا ماء.
بعد ماريوبول في الجنوب، تشيرنيهيف هي المدينة التي تتعرض لأعنف قصف منذ بدء الحرب في 24 شباط/فبراير. وكانت المدينة تعد 280 ألف نسمة قبل الحرب.
وفي ما يبدو عودة عما أعلنه الروس إثر مفاوضات اسطنبول، قال الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف للصحافيين "في الوقت الراهن، لا يمكننا الإشارة الى أي نتائج واعدة جدا أو تقدم من أي نوع. ما زال هناك الكثير من العمل".
وشدد على أنه "في الوقت الحالي، لا يمكننا الحديث عن التقدم ولن نفعل ذلك"، مشيرًا إلى أنه "ليس هناك تقدم" كذلك بشأن تنظيم لقاء محتمل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وعلى أي حال، فقد قوبل بالتشكيك تصريح نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين أن موسكو ستقلص بشكل جذري نشاطها العسكري على جبهتي كييف وتشرنيهيف. إذ قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية بأن "ما يسمى +انسحاب القوات+، ربما يكون تناوبًا بين وحدات فردية بهدف خداع القيادة العسكرية للقوات الأوكرانية".
من جانبها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر "يجب أن نكون حذرين للغاية لدى تقييم تقدم المفاوضات"، فموسكو قد تستخدم برأيها المفاوضات "لكسب الوقت".
وهو ما عبر عنه المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي الذي اعتبر الأمر مجرد "إعادة تموضع" وليس "انسحابًا حقيقيًا".
طريق سريع استراتيجي
في كييف والمناطق المحيطة بها، دوت صفارات الإنذار عدة مرات خلال الليل. وقال حاكم المنطقة أولاكساندر بافليوك على تلغرام "في الساعات الأربع والعشرين الماضية، قصف الروس مناطق سكنية وبنية تحتية مدنية في منطقة كييف 30 مرة" لا سيما في الشمال.
وكان دوي الانفجارات ما زال يُسمع صباح الاربعاء من جهة ايربين الواقعة في الضاحية الشمالية الغربية لكييف والتي قال رئيس بلديتها اولكسندر ماركوشين "اعتقد ان ما بين مئتين الى 300 شخص قضوا ويا للاسف" فيها.
وقال رئيس البلدية في مؤتمر صحافي "في ذروة المواجهات، وحين كان يسجل قصف طوال اليوم، تم دفن الناس في الحدائق او المتنزهات. اعتقد ان ما بين مئتين الى 300 شخص قضوا ويا للاسف".
وقالت الرئاسة في بيان "منذ المساء وطوال الليل، دوت صافرات الإنذار من هجمات جوية في عموم أراضي أوكرانيا. لكن الليل كان هادئا في غالبية المناطق".
كما استعاد الجيش الأوكراني السيطرة على طريق سريع استراتيجي يربط بين خاركيف وتشوغويف في شرق أوكرانيا، بحسب صحافيي وكالة فرانس برس الأربعاء.
وقال ضابط استخبارات اوكراني لوكالة فرانس برس "هناك جثث روسية منتشرة في كل مكان. كانت المعارك ضارية، أحيانًا من على بعد عشرة أمتار. لقد استمرت قرابة ثلاثة أيام".
وأضاف أن "الجنود الروس كانوا منهكين"، لا سيما "الشباب الذين كانوا يتضورون جوعاً: كانوا ينهبون المنازل".
4 ملايين لاجئ -
أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في جنيف أنه خلال خمسة أسابيع من الحرب، أجبر أكثر من 4 ملايين أوكراني على الفرار من بلادهم. لم تشهد أوروبا مثل هذه الموجات من اللاجئين منذ الحرب العالمية الثانية.
في الإجمال، اضطر أكثر من عشرة ملايين شخص، أي أكثر من ربع السكان، إلى مغادرة منازلهم. ووفقاً لمفوضية اللاجئين ، خلف الصراع 1189 قتيلاً مدنياً و1901 جريح.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه يقدم مساعدات غذائية طارئة إلى مليون شخص في أوكرانيا.
في ماريوبول، ما زال نحو 160 ألف مدني عالقين تحت القصف ويواجهون "كارثة إنسانية" فيما يختبئون في الملاجئ بدون كهرباء وبلا طعام ولا ماء، وفقًا لشهادات جمعتها وكالة فرانس برس من أشخاص تمكنوا من الفرار من المدينة.
وقال مجلس بلدية ماريوبول الأربعاء أن الروس نقلوا مرضى وطاقم مستشفى توليد بشكل قسري الى روسيا من المدينة المحاصرة. وكتبت البلدية على تلغرام "تم نقل أكثر من 70 شخصا، نساء وأفراد من الطاقم الطبي، بالقوة".
وقالت البلدية إنه تم إجلاء أكثر من 20 ألفًا من ماريوبول "رغما عن إرادتهم" الى روسيا وإن الروس صادروا أوراقهم وأعادوا ارسالهم الى "مدن روسية بعيدة".
لم يتسن التأكد من هذه المعلومات من مصدر مستقل، لان ماريوبول محاصرة منذ نهاية شباط/فبراير مع تعطل الاتصالات.
وضمن مبادرة مشتركة مع تركيا واليونان، طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إجلاء سكان المدينة بشكل منظم، لكن فلاديمير بوتين اشترط لذلك أن "يوقف المقاتلون القوميون الأوكرانيون كل أشكال المقاومة ويلقوا بأسلحتهم"، بحسب بيان صدر عن الكرملين مساء الثلاثاء.
في شمال شرق البلاد، استعادت القوات الأوكرانية مدينة تروستيانتس التي كان عدد سكانها قبل الحرب 20 ألفًا، في نهاية الأسبوع الماضي. فبعد شهر من احتلالها، رحل الروس تقريبًا من دون قتال، وفقًا لشهادات متعددة جمعتها وكالة فرانس برس في المدينة المدمرة جزئيًا.
قال بافلو أحد سكانها إن "القوات الروسية وصلت إلى المدينة في اليوم الثاني من الحرب" ثم توغل رتل لمسافة عشرات الكيلومترات إلى الجنوب الغربي حيث واجه مقاومة أوكرانية شرسة، كما يتضح من هياكل الدبابات المتفحمة.
غروسي في أوكرانيا -
ما زال الوضع حول المحطات النووية الأوكرانية يثير القلق أيضا. وكتب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي الذي زار محطة كونستانتينوفكا الأربعاء على تويتر "من الضروري أن نكون على الأرض لتقديم دعم فعال في هذه الفترة شديدة الصعوبة".
منذ بدء الهجوم الروسي، حذر غروسي باستمرار من مخاطر هذه الحرب وهي الأولى في بلد لديه عدد كبير من المفاعلات النووية فضلاً عن العديد من مستودعات النفايات النووية، فقد قال الثلاثاء "لقد تجنبنا بالفعل عدة حوادث بفارق ضئيل. لا يمكننا إضاعة مزيد من الوقت".
وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني إيرينا فيريشوك إن "المحتلين الروس أقاموا مكبًا ضخمًا للذخيرة في المنطقة المحظورة حول تشيرنوبيل. يمكن أن تنفجر في أي وقت (وتسبب) كارثة بيئية هائلة".