إيلاف من الرباط: أياما قليلة، بعد ردود الفعل المرحبة بعفو الملك محمد السادس، بمناسبة عيد الجلوس الـ 25، على صحافيين ومدونين ونشطاء في المغرب، والتي أجمعت على أنه "سار" و"يرتقي بالوطن إلى المستقبل"، جاء العفو الملكي، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب لعام 1953، على 4831 شخصا، المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي المتوفرين على الشروط المتطلبة للاستفادة من العفو، ليراكم مزيدا من الارتياح لدى مختلف شرائح الشعب المغربي.
وأجمعت آراء حقوقيين وفاعلين سياسيين ومهتمين وخبراء، في تصريحات لـ "إيلاف"، على الطابع الإنساني والنبيل للعفو الملكي، وشددوا على أنه خطوة استراتيجية ذات أبعاد قانونية واجتماعية واقتصادية وإنسانية سيكتمل بها بناء مشروع تقنين استعمالات القنب الهندي.
وتأكيدا لقيمة الحدث، ذهبت آراء إلى أن هذا العفو الملكي هو "صدى معاصر" لثورة الملك والشعب، التي ترمز إلى التلاحم بين الملك والشعب، حيث أن الأمر يتعلق بمبادرة نبيلة "تعزز التماسك الوطني من خلال تمكين المستفيدين من العفو الملكي من الاندماج في المجتمع، بما يسهم في الوحدة والتضامن اللذين كانا الحجر الأساس في ثورة الملك والشعب".
عفو إنساني
قال شكيب الخياري، منسق الإئتلاف المغربي من أجل الاستعمال الطبي والصناعي للقنب الهندي، إن "العفو الملكي أصبح فرصة لا ينتظرها، في كل مناسبة وطنية أو دينية، المعتقلون وأسرهم فقط، بل أيضا عموم الشعب المغربي، وذلك بالنظر لما يحمله في ثناياه من رسائل بليغة تتجاوز مجرد التعبير عن قيم الرأفة والرحمة المعهودة في جلالة الملك، بعد أن أضحى العفو يتجاوز ذلك ليشمل اعتبارات عميقة تتعلق بالمصلحة الفضلى للمجتمع، كما هو الشأن في العفو الصادر لفائدة مزارعي القنب الهندي".
شكيب الخياري
واعتبر الخياري أن "العفو الملكي يأتي في سياق وطني بالغ الأهمية، يتعلق بمرحلة التفكير الجماعي التي تهدف إلى سياسة وطنية جديدة عادلة وناجعة في مجال المخدرات"، وهي "سياسة لا يمكن تحقيقها دون صدور هذا العفو الإنساني الذي يحمل بعدا اجتماعيا أيضا، والذي كان مطلبا منذ 2007 للعديد من هيئات المجتمع المدني والنقابات والأحزاب السياسية التي كانت تطالب أيضا تقنين هذه الزراعة".
وشدد الخياري على أن العفو الملكي يهدف إلى "إنهاء حالة الاحتقان التي تعرفها مناطق زراعة القنب الهندي منذ عقود طويلة بسبب تجريم هذه الزراعة بمقتضى ظهير (مرسوم ملكي) 1954".
وأضاف الخياري أن العفو الملكي "يروم تعزيز اندماج الفئة المستفيدة من العفو الملكي في المجتمع وفي الاقتصاد المحلي بهدف الدفع بعجلة التنمية المستدامة في المناطق المعنية بزراعة القنب الهندي، والتي عانت من التهميش ليس لعقود وإنما لقرون من الزمن".
ورأى الخياري أن "العفو يعكس التزاما ملكيا قويا بتحقيق التنمية المنشودة"، التي لا تقتصر على الأنشطة الزراعية، الشيء الذي "يمهد الطريق لتنفيذ سياسة تنموية أكثر تكاملا وفعالية في المستقبل".
وخلص الخياري إلى أن هذا العفو الملكي يبقى "أكبر رسالة تفيد احتضان الدولة لمزارعي القنب الهندي ورغبتها في إشراكهم في إعداد وتنزيل سياسة جديدة وإخراجهم من حالة الارتهان لبعض بارونات الاتجار غير المشروع في المخدرات".
شكرا جلالة الملك
من جهته، قال العربي المحرشي، النائب في البرلمان عن اقليم وزان (شمال البلاد) المنتمي لحزب "الأصالة والمعاصرة"، إن العفو الملكي على المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي "مفاجأة سارة" و"بشرى" لهذه الفئة المتضررة، خاصة بعد ما تم تقنين زراعة القنب الهندي، حيث كانوا ينتظرون مآلهم، وكان عدد منهم في حالة فرار، بشكل جعلهم غير قادرين على تدبير أمورهم الحياتية بشكل طبيعي.
النائب العربي المحرشي
وذكر النائب المحرشي في تصريحات لـ "إيلاف" إن هذه الفئة المتضررة "استبشرت خيرا بمبادرة جلالة الملك وعطفه على رعاياه من ساكنة المناطق المعنية بزراعة القنب الهندي".
وتحدث المحرشي عن حزب "الأصالة والعاصرة" الذي ينتمي اليه، وتعاطيه مع الموضوع منذ سنوات، وقال "اليوم جاء الفرج" و"جاءت البشرى الكبرى" التي تهم المزارعين الذين كانوا ينتظرون القرار الملكي بالعفو عنهم، لكي يعودوا إلى حياتهم الطبيعية والعادية، كسائر المغاربة". قبل أن يقول: "شكرا جلالة الملك، والحمد لله على هذه النعمة، وعلى العطف المولوي الذي تفضل به لفائدة ساكنة المناطق الشمالية، وهنيئا للمزارعين بهذه المبادرة الملكية".
بشارات إيجابية
بدوره، قال محمد بوسلال، المدير الإقليمي للوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي بمدينة الحسيمة، لـ "إيلاف" إن العفو الملكي عن مزارعي القنب الهندي يحمل بشارات إيجابية كبيرة، حيث أن وقعه يتعدى الأفراد المستفيدين مباشرة من العفو ليشمل أسرهم الصغيرة والمجتمع برمته؛ دون إغفال التأثير الإيجابي على البيئة ومختلف مكوناتها.
محمد بو سلال
وشدد بوسلال على أن العفو الملكي يأتي في ظل ظرفية جد حساسة، تزامنا مع بداية جني الثمار الأولى لمشروع تقنين الاستعمالات المتعلقة بالقنب الهندي، واستكمالا لمختلف التدابير والإجراءات التي سنتها الدولة بغية القطع مع ممارسات قديمة أساءت لصورة الدولة من جهة والرقي بمستوى عيش المواطنين من جهة أخرى.
وأضاف بوسلال أن العفو الملكي سيكون بمثابة صمام أمان غايته تمكين الفئة المستهدفة من حريتها لممارسة جميع أنشطتها بعد تمكينها من كافة الوثائق اللازمة لذلك.
وأشار بوسلال، في هذا السياق، إلى أن المبادرة الملكية، ستتيح للفئة المستفيدة فرصة إعادة تأهيلها وإدماجها في محيطها الاجتماعي بشكل قانوني، كما ستعزز من مستوى الثقة بين الدولة والمزارعين وتشجعهم على الانخراط في المشروع بجميع أنشطته، مما سيضمن لهم حياة كريمة آمنة ومستقرة من خلال مورد عيش مشروع ومستدام، كما ستبرهن على التزام الدولة بالتنمية المستدامة والشاملة، مما ستؤدي إلى مستوى أكبر من التعاون بين الطرفين، وتحقيق استقرار هذه المناطق وتطويرها اقتصاديا واجتماعيا في ظل القانون.
وبالنسبة لبوسلال فمن شأن هذا القرار أن يكون مرحلة فاصلة بين ممارسات قديمة لا قانونية وأخرى تستمد شرعيتها من القانون وتفتح الباب لمستقبل زاهر عماده ومحوره ذلك المزارع البسيط الذي كان ضحية ابتزاز وقهر ذاق ويلاتهما منذ زمن، وذلك من خلال انخراط شامل دون استثناء لهذه الفئة، مما سيتيح جلب استثمارات محلية وأجنبية غايتها تثمين الصنف المحلي من القنب الهندي وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة لا تستثني أحدا.
وخلص بوسلال إلى أن العفو الملكي "خطوة استراتيجية ذات أبعاد قانونية واجتماعية واقتصادية وإنسانية سيكتمل بها بناء مشروع تقنين استعمالات القنب الهندي".
أبعاد إنسانية واقتصادية
أما إحسان صدقي، المدير الإقليمي للوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي بمدينة تاونات فقال بدوره لـ "إيلاف"، إن فرحة عارمة غمرت المعنيين بالأمر وأسرهم. وشدد على أن للمبادرة الملكية أبعادا كثيرة، ركز منها على بعدين: إنساني واقتصادي.
احسان الصادقي
فبخصوص البعد الإنساني، تحدث صدقي عن الأشخاص الذين كانوا متابعين بمقتضى القانون، بعد أن ارتكبوا جنحا في وقت من الأوقات، ولذلك صاروا خارج المجتمع. ولخص لهذه الوضعية بشخص مبحوث عنه يجد نفسه غير قادر على تجديد بطاقة تعريفه الوطنية، مثلا، حين يصل أجل تجديدها، ليجد نفسه عاجزا عن البيع والشراء والزواج وغيرها من الأمر الحياتية، فضلا عن عدم إمكانية انخراطه، تبعا لذلك، في سلسلة القنب الهندي المقنن.
وتبعا لكل هذا، يضيف صدقي، فالمبادرة الإنسانية للملك محمد السادس سمحت بإعادة اندماج المعنيين بالعفو، داخل أسرهم وفي المجتمع، كأشخاص مرفوعي الرأس بكرامتهم ومن دون خوف.
أما في ما يخص البعد الاقتصادي، فقد انطلق صدقي من حالة إقليم تاونات، ليشير إلى أن الفلاح في المجال غير المقنن، كان هو الحلقة الأضعف، لأنه حين كان يجمع منتوجه من القنب الهندي كانت أطراف السلسلة المافيوية تقتني منه المنتوج بأبخس الأثمان، وإذا امتنع أو رفض البيع بالثمن الذي يريدون يتم تهديده بالتبليغ عنه، وهذا شيء وقع مرارا، عبر وضع شكاوى كيدية مجهولة لدى مصالح الأمن والدرك ضد هؤلاء، الذين يجدون أنفسهم موضوع متابعة. أما الآن، فقد صار بمقدورهم، بعد التوفر على التراخيص القانونية والانخراط في تعاونيات، بيع منتوجهم بسعر السوق، الشيء الذي من شأنه أن يوفر لهم دخلا قارا وممتازا، يكفي لإعالة أسرهم ويمكنهم من الاندماج في السلسلة الاقتصادية، التي ستصبح بعد تقنين زراعة القنب الهندي رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في إطار يضمن الكرامة والأمان للمزارعين ويرفع الخوف الذي ركبهم لسنوات.
عفو إعادة الأمل
من جهته ، كتب محمد الحجيرة، وهو نائب برلماني عن إقليم تاونات، في مقال عممه على وسائل الإعلام ، قائلا إن العفو الذي شمل "مزارعي القنب الهندي، الذين عانوا طويلاً من ويلات الملاحقات القضائية"، جعل مَن شملهم العفو "يرفعون أكفّ الدعاء شكراً وامتناناً للملك محمد السادس، الذي أبان مرة أخرى كعادته عن عمق حكمته ورؤيته الإنسانية الثاقبة، وعن رغبته الصادقة في نشر الرحمة بين أفراد هذا الوطن العزيز".
النائب محمد الحجيرة
وأضاف الحجيرة، تحت عنوان "شكراً جلالة الملك.. عفوكم يعيد الأمل لبنات وأبناء الجبل"، أن العفو جاء ليكون بمثابة "النور الذي يشق طريقه في صعوبات وظلمات التهميش والمعاناة التي عاشها الكثير من أبناء الجبل".
وأشار الحجيرة إلى أن زراعة القنب الهندي كانت تمثل للبعض "مساراً إجبارياً فرضته الظروف القاسية والتهميش الذي تعانيه هذه المناطق. وبدلاً من أن يكون مصدراً للرزق، تحول إلى عبء يثقل كاهل الكثير من الأسر التي وجدت نفسها فجأة في مواجهة القانون، وسط مشاعر الخوف والقلق من المستقبل المجهول والهروب من الإدارة". لكن، يضيف الحجيرة، ووسط هذا المشهد القاتم، "جاء العفو الملكي ليكون بمثابة البادرة الإنسانية التي انتظرها الجميع. بفضل حكمة جلالة الملك، بات بالإمكان أن تطوى صفحة المعاناة وتفتح صفحة جديدة من الأمل والفرص الجديدة".
وشدد الحجيرة على أن ما يميز الملك محمد السادس، هو تلك "القدرة الفريدة على الإنصات لهموم شعبه، خاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية والمهمشة في المغرب الجبلي والقروي"، مع إشارته إلى أن هذا العفو لم يكن مجرد قرارٍ عابر، بل "كان نتيجة متابعة دقيقة للأوضاع الصعبة التي يعيشها أبناء الجبل. جلالة الملك، بصفته الراعي الأول لمصالح الشعب، أدرك تماماً أن العديد من أبناء هذه المنطقة اضطروا إلى هذه الزراعة ليس بدافع الجريمة، بل بدافع الحاجة والبقاء".
وقال الحجيرة إن القرار الملكي لم يكن مجرد عفو عن مزارعين، بل كان عفواً عن جروحٍ اجتماعية امتدت لعقود. جاء ليقول لأبناء الجبل: "أنا معكم، أفهم معاناتكم، وأقف إلى جانبكم". وخلص إلى القول إن هذا الإحساس بالمسؤولية العميقة تجاه أبناء الوطن، هو ما يجعل من الملك رمزاً للرحمة والعدل في قلوب كل المغاربة".
مبادرة نبيلة
أبرز الشرقاوي الروداني، الخبير في الدراسات الجيو - إستراتيجية والأمنية، أن العفو الملكي مبادرة إنسانية نبيلة تندرج في إطار منظور إستراتيجي واسع النطاق.
الشرقاوي الروداني
وأوضح الروداني، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية، أن الأمر يتعلق أيضا بـ "مبادرة تتماشى مع ديناميات التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي تشهده الأقاليم المعنية بزراعة القنب الهندي".
وأضاف الروداني أن "العفو الملكي ليس التفاتة كريمة فحسب، بل هو جزء من رؤية متبصرة للملك محمد السادس ، تقوم على إدماج المستفيدين في الإستراتيجية التنموية الجديدة، التي تجسدت في إحداث الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي".
وسجل الروداني أن الملك محمد السادس يسعى، من خلال هذه المبادرة، ليس فقط إلى إعادة الإدماج الاجتماعي للمستفيدين، بل أيضا إلى التنمية الاقتصادية المستدامة للمناطق المعنية، مشيرا إلى أن الإطارين القانوني والتنظيمي اللذين وضعتهما الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي يتيحان توجيه الفوائد الاقتصادية المتأتية من القنب الهندي نحو مشاريع مهيكلة، بما يعزز التماسك الاجتماعي والاقتصادي على المستوى المحلي.
وشدد الروداني على أن قرار العفو الملكي يجسد أيضا عدالة تطبعها الرأفة، إذ تتيح الفرصة للجميع للابتكار والمشاركة في مستقبل مشترك قائم على الاندماج، معتبرا أن الأمر يتعلق بـ "صدى معاصر" لثورة الملك والشعب، وهي الذكرى التي ترمز إلى التلاحم بين الملك والشعب، بما يواصل ترسيخ الهوية الوطنية والدفع بالمغرب في سعيه نحو التقدم والازدهار.
وخلص الروداني إلى أن هذه البادرة النبيلة تعزز بذلك التماسك الوطني من خلال تمكين المستفيدين من العفو الملكي من الاندماج في المجتمع، بما يسهم في الوحدة والتضامن اللذين كانا الحجر الأساس في ثورة الملك والشعب.
خطوة إنسانية متميزة
في سياق ذلك ، قال حزب "الأصالة والمعاصرة"، المشارك في الحكومة، إن العفو الملكي على المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا تتعلق بزارعة القنب الهندي، "خطوة إنسانية متميزة" و"مبادرة اجتماعية لقيت ترحيبا وارتياحا شعبيا كبيرين، ولا تزال تحصد إشادات حقوقية وسياسية واسعة، داخل الوطن وخارجه، مما يجعل من الحس الإنساني والاجتماعي لجلالة الملك خيارا أساسيا في البناء الديمقراطي والحقوقي والتنموي" للبلاد.
وأضاف الحزب، في بيان تلقت "إيلاف" نسخة منه، أنه إذ يقدر عاليا رمزية ودلالة هذه الخطوة الحقوقية والاجتماعية الهامة، فإنه يعتبر هذا القرار الملكي بمثابة "التفاتة مولوية جديدة للريف، وخطوة تنموية أخرى داخل مسار التوجه الاستراتيجي لصاحب الجلالة نحو تنمية الريف ومختلف المناطق الهشة"، و"تحريرا لفئات عريضة من المواطنات والمواطنين التي ظلت ضحية الوشايات الكاذبة والاستغلال المقيت لهذه الزراعة، وحدا لإقصاء آلاف الأسر من الاستفادة والمشاركة في التنمية التي تعيشها هذه المناطق بكل حرية واستقلالية"، و"خطوة حقوقية جد مهمة ترسخ المسار الإصلاحي الحقوقي الوطني"، و"قرارا دبلوماسيا حكيما وعميقا"، يعزز من مقاربة البلاد وسياستها الوطنية والدولية الواضحة في التصدي بحزم لتجارة المخدرات في احترام تام للمقررات والالتزامات الأممية، ويقطع الطريق على المتربصين بالركوب على هذه الزراعة للمس بصورة البلاد"، و"خطوة اجتماعية جديدة تعكس قوة الاختيارات الاجتماعية الاستراتيجية التي تنهجها المملكة المغربية بقيادة الملك محمد السادس اتجاه فئات الشعب البسيطة والهشة، وتعمل على تحسين أوضاعها المعيشية من خلال تثمين عائدات زراعة القنب الهندي عند تحويلها نحو الصناعات الطبية والصيدلية"، و"خطوة جهوية متقدمة في الاستراتيجيات المخصصة لتنمية الجهات وتثمين مواردها وخصوصياتها، ومنها الاستراتيجيات الموجهة نحو تنمية جهة الشمال ولا سيما الأقاليم التي تعيش على زراعة القنب الهندي، في إطار السياسات العمومية الاستراتيجية المهيكلة لهذه الزراعة بإسهام كبير من الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بهذه الزراعة".
إشادة
بدورهم ، أكد المعتقلون المستفيدون من العفو الملكي "تعبئتهم" القوية للانخراط في الاستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها المملكة لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي. كما أعربوا، في تصريحات لوكالة الأنباء المغربية، عن عزمهم المساهمة في إنجاح هذه السياسة الجديدة التي تهم بشكل مباشر ساكنة المناطق المعنية.
مرحلة مفصلية
قال المدير العام للوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، محمد الكروج، الثلاثاء، بالرباط، في تصريح للصحافة،إن العفو الملكي عن المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي سيمكن من انخراط مكثف للفلاحين والمنتجين والمزارعين في مسار تقنين القنب الهندي، بالنظر إلى خبرتهم في هذا المجال.
محمد الكروج
وأبرز الكروج أن هذه الالتفاتة الملكية تشكل "مرحلة مفصلية" و"نقطة تحول نحو القطع مع الزراعات غير المشروعة" وتعويضها بزراعات مشروعة وأنشطة بديلة. وشدد على أن العفو الملكي سيخلق جوا من الاطمئنان والسكينة في صفوف هؤلاء الفلاحين والساكنة المحلية، ويبدد التخوفات المعرب عنها في الميدان خلال اللقاءات مع الوكالة.
كما ستمكن هذه المبادرة، يضيف الكروج، من فتح آفاق وإمكانيات اقتصادية جديدة للساكنة المحلية والقطاع الخاص، الوطني والدولي، فضلا عن تحسين الدخل والظروف المعيشية لهذه الفئة في إطار قانوني ومهيكل، والتأسيس لمرحلة جديدة في مسار إنجاح ورش تقنين زراعة القنب الهندي.
استعمالات مشروعة
ومع دخول القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي حيز التنفيذ، أضحى المغرب يتوفر على تشريع مبتكر وفريد من نوعه يدعم المزارعين من خلال جملة من التدابير.
ويوفر هذا التشريع ويتيح، على الخصوص، للمزارعين المنتجين ضمانة لتسويق الإنتاج من خلال تعاونياتهم وعقود البيع مع الفاعلين المعتمدين من قبل الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي.
ومن خلال تنظيم مهني مهيكل، سيتيح هذا التشريع أيضا لصغار المزارعين تعزيز قدرتهم التفاوضية وقدرتهم على تحسين تقنيات الإنتاج. وبالتالي، لن يكون بمقدور صغار المزارعين بيع إنتاجهم من القنب الهندي مباشرة إلى الفاعلين، بما في ذلك الفاعلون المرخص لهم من طرف الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، وهم ملزمون بتشكيل تعاونية إنتاجية، وهي الوحيدة المؤهلة لإبرام عقد بيع مع الفاعل المعتمد، والتفاوض على الأسعار وتوزيع إنتاج مختلف المزارعين على الفاعلين المعنيين والمرخص لهم من قبل الوكالة.
وتهدف هذه التدابير أيضا إلى ضمان الحماية من اقتحام مزارعين جدد لم يكونوا ينتجون القنب الهندي في السابق، نظرا لأن الترخيص بممارسة نشاط إنتاج القنب الهندي لا يمنح إلا للمزارعين الذين يقطنون بالأقاليم الثلاثة المعنية بالتقنين، ويستغلون أراض كان يزرع بها القنب الهندي بشكل غير مشروع.
ولن يسمح هذا التشريع بتوسيع مساحات زراعة القنب الهندي إلى مساحات جديدة من قبل أشخاص جدد أو مزارعين جدد. كما يشترط التشريع منح الترخيص لممارسة نشاط إنتاج القنب الهندي من قبل المزارعين بالتحديد المسبق لسعر بيع إنتاج القنب الهندي ضمن إطار تعاقدي مع الفاعل المعتمد من قبل الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، بما يضمن وضوح الرؤية بخصوص الدخل السنوي لصغار المزارعين قبل بداية الموسم الزراعي.
ويمكن لصغار المزارعين، كذلك، تكوين تعاونيات تحويلية للاستفادة من ترخيص الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي في ما يتعلق بممارسة نشاط تصنيع القنب الهندي، ومن شأنها تثمين منتوجاتهم بشكل مباشر دون المرور عبر فاعل خاص معتمد من قبل الوكالة.
وقد مكن التقنين أيضا المزارعين المرخص لهم من قبل الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي من الاستفادة من المساعدات العمومية أو برامج التمويل القائمة لفائدة الأنشطة الزراعية الأخرى، وذلك بهدف تعزيز وتشجيع صغار المزارعين على القيام بأنفسهم بالاستثمارات اللازمة لتطوير نظام إنتاجهم.
تراخيص
وكانت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، قد اصدرت منذ مطلع سنة 2024، في إطار القانون رقم 21-13 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، 3029 ترخيصا مقابل 721 ترخيصا في سنة 2023.
وبحسب المعطيات الصادرة عن الوكالة، فإن الأمر يتعلق بـ 2837 ترخيصا لفائدة 2659 فلاحا لنشاط زراعة وإنتاج القنب الهندي مقابل 430 ترخيصا في 2023 ، و192 ترخيصا لفائدة 98 فاعلا مقابل 291 ترخيصا لفائدة 138 فاعلا سنة 2023.
وتتوزع التراخيص البالغ عددها 192 بين 60 ترخيصا لنشاط التحويل، و49 ترخيصا لنشاط التسويق، و39 ترخيصا لنشاط التصدير، و24 ترخيصا لنشاط استيراد البذور، و18 ترخيصا لنشاط النقل، وترخيص واحد لنشاط تصدير البذور وآخر لنشاط إنشاء واستغلال المشاتل.
وأكدت الوكالة أن الفاعلين الـ 98 المستفيدين من هذه التراخيص يتوزعون، من جهتهم، على 23 تعاونية و51 شركة و24 شخصا ذاتيا.
ومنذ مطلع العام الجاري، صادقت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي على 7,3 ملايين بذرة للقنب الهندي بناء على 26 ترخيص استيراد منحها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، وذلك على مساحة 1164 هكتارا لفائدة 100 تعاونية إنتاجية تضم 1520 فلاحا.
كما رخصت الوكالة، منذ بداية العام 2024، استعمال 1634 قنطارا من بذور القنب المحلية (البلدية)، استنادا إلى 106 تراخيص استعمال لهذه البذور "البلدية"، والممنوحة من طرف (أونسا) لمساحة 1916 هكتارا لفائدة 106 تعاونيات إنتاجية تضم 1816 فلاحا.
وتم ترخيص استعمال صنف "البلدية" سنة 2024 على مساحة 1916 هكتارا لفائدة التعاونيات الإنتاجية، وذلك بناء على النتائج الأولية المسجلة من خلال الدراسة التي تم إطلاقها مع المعهد الوطني للبحث الزراعي حول خصائص الصنف المغربي المحلي "البلدية".
من جهة أخرى، أعدت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي بالتشاور مع المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بروتوكولا يتضمن شروطا دقيقة ومحددة لضمان استخدام هذا الصنف وفقا للمقتضيات التنظيمية.
وتتعلق الشروط المذكورة، على الخصوص، بصياغة رئيس التعاونية الإنتاجية التي تضم حصرا الفلاحين المرخص لهم من قبل الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، لطلب موجه إلى (أونسا) والوكالة يطلب من خلاله استخدام بذور القنب من صنف "البلدية"، مع التزام التعاونية الإنتاجية بتخصيص سجل لتتبع بذور القنب من هذا الصنف.
وتتعلق هذه الشروط، أيضا، بالتزام الفاعل المعني، بموجب عقد بيع الإنتاج، بشراء مجموع الإنتاج المحصل لدى الفلاحين المرخص لهم من طرف الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي والمنخرطين بالتعاونية الإنتاجية المعنية، والذين قاموا بزراعة صنف "البلدية"، والتزام الفاعل المعني بإعداد وتقديم التزام للوكالة يهم إبرام عقد مع شركة لتصنيع الأدوية، قصد بيعها مجموع مستخلصات النبتة التي تحتوي على نسبة "تتراهيدروكانابينول" تفوق أو تساوي 1 في المائة وفقا لمقتضيات القانون رقم 21-13 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.
كما يتعلق الأمر بالتزام الفاعل المعني بإتلاف جميع المستخلصات النباتية التي تحتوي على كمية "تتراهيدروكانابينول" تفوق أو تساوي 1 في المائة في نهاية عملية المعالجة لأغراض صناعية، حتى يتسنى فقط ترك المستخلصات التي تحتوي على "تتراهيدروكانابينول" أقل من 1 في المائة، وذلك في حالة عدم احترام شركة تصنيع الأدوية المعنية للالتزامات المتفق عليها ضمن عقد شراء إنتاج القنب الهندي من صنف "البلدية".
وبحسب الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، فإن الأمر نفسه ينطبق على التزام الفاعل المعني بأن يقدم لها نتائج التحليل الذي أجراه مختبر معترف به من قبل الوكالة ويثبت أن محتوى "تتراهيدروكانابينول" للإنتاج في نهاية مرحلة معالجة صنف "البلدية" موضوع طلب التعاونية المعنية، أقل من 1 في المائة.