واشنطن: وقف أعضاء الكونغرس مرات عدة مصفقين للرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء خلال إلقائه خطاب حال الاتحاد الذي سعى من خلاله إلى استغلال دعم الحزبين لمواجهة روسيا لتدعيم الوحدة الداخلية فيما بدأت الولايات المتحدة الخروج من جائحة كوفيد-19.
وكرّس الرئيس بايدن الجزء الأول من الخطاب الذي استمر ساعة أمام مجلسي الكونغرس للغزو الروسي في أوكرانيا الموالية للغرب.
ووصف بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"الديكتاتور الروسي" وأشاد بمقاومة الشعب الأوكراني متعهداً مساعدة المقاتلين الأوكرانيين ومصادرة يخوت الأثرياء المقربين من الكرملين. فوقف له أعضاء الحزبين مصفقين في مشهد نادر الحدوث في الكونغرس في الفترة الأخيرة.
وأضاف بايدن أمام الكونغرس أنّ ما يقوم به "ديكتاتور روسي من غزو لدولة أجنبية له أثمان في كلّ أنحاء العالم"، مشدّداً على أنّ "بوتين كان مخطئاً. نحن مستعدّون، نحن أقوياء".
وأضاف "ربّما يطوّق بوتين كييف بالدبابات لكنّه لن ينجح أبداً في الاستيلاء على قلوب الشعب الأوكراني وأرواحهم ولن يقضي على حبّهم للحرية أبداً".
وبعدما عمل لأسابيع لتوحيد صفوف الحلفاء الغربيين لفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا وتخصيص كمية كبيرة من الأسلحة لأوكرانيا غير العضو في حلف شمال الأطلسي، أكّد بايدن "في المعركة بين الأنظمة الديموقراطية وتلك الاستبدادية، أثبتت الديموقراطيات أنّها على قدر التحدّي، ومن الواضح أنّ العالم يختار جانب السلام والأمن".
وأضاف أنّ بوتين لم يحقق هدفه المتمثل "في زرع الانقسام" في بلداننا.
وفيما ارتدى الكثير في قاعة الكونغرس الأصفر والأزرق تضامناً مع أوكرانيا، كان هذا الجزء السهل من خطاب بايدن.
الوحدة الداخلية
إلّا أنّ الرئيس البالغ 79 عاماً الذي يواجه شعبية متدنية جداً ومعارضة شرسة من الجمهوريين الذين لا يزالون تحت تأثير دونالد ترامب، سعى أيضاً إلى ركوب الموجة الإيجابية على صعيد السياسة الداخلية أيضاً.
واستغل تراجع جائحة كوفيد-19 للعب على وتر الوحدة الداخلية.
وقال إنّ "كوفيد-19 يجب ألا يتحكّم بحياتنا بعد الآن"، أمام أعضاء الكونغرس والوزراء وقضاة المحكمة العليا الذين تخلوا جميعاً تقريباً عن الكمامة إثر التوصيات الجديدة الصادرة عن السلطات الصحية.
وشدّد بايدن في خطابه أمام الكونغرس على "أنّنا سنواصل مكافحة هذا الفيروس كما نفعل مع أمراض أخرى"، مضيفاً أّنه "يجب أن نظلّ يقظين" بسبب إمكان ظهور متحوّرات جديدة من الفيروس.
وفي إشارة إلى النقاشات الحادة أحياناً حول الإجراءات الصحية، قال بايدن "لا يمكننا أن نغير انقساماتنا السابقة لكن بإمكاننا أن نغير طريقة المضي قدماً على صعيد كوفيد-19 ومسائل أخرى يجب أن نواجهها معاً".
توازن سياسي
وسعى الرئيس بايدن الذي يدرك أنه يواجه خطر خسارة الغالبية الضئيلة جداً التي يتمتّع بها في البرلمان خلال انتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني/نوفمبر، إلى عملية توازن سياسي أمام الكونغرس.
فهو لم ينتقد المعارضة الجمهورية بكلام حاد ولم يحمل بشدة كما سبق أن فعل على سلفه دونالد ترامب.
وقال متوجّهاً إلى الناخبين المحافظين الذين يتهمونه بالتساهل، إنه سيستثمر في قوات الشرطة لمواجهة ارتفاع معدلات الجريمة في الولايات المتحدة.
وأكّد أنّ الحل لوقف عنف الشرطة "لا يكون بوقف الاستثمار في الشرطة" في ما بدا انتقادا للتيار اليساري في حزبه، بل "الحل يكون في الاستثمار في الشرطة" في رسالة موجهة بوضوح إلى الناخبين الوسطين القلقين من ارتفاع معدلات الجريمة في المدن الأميركية.
وأكّد أنّه يريد "تأمين" الحدود الجنوبية إلى حيث يتوافد المهاجرون.
وإلى أنصاره التقدميين، أكّد بايدن أنه سيناضل من أجل الدفاع عن حق الإجهاض "المهدّد أكثر من أي وقت مضى" وتسهيل اقتراع الأميركيين السود.
ووعد كذلك بـ"دعم" الأميركيين الشباب المتحولين جنسياً في مواجهة تدابير اتخذتها بعض الولايات المحافظة ضد العمليات الجراحية أو العلاجات الهرمونية التي يخضع لها بعض القصر.
مكافحة التضخّم
وبعد عام على تولّيه الرئاسة، يواجه الرئيس الديموقراطي ناخبين غاضبين وخائبي الظن بسبب أعلى معدل تضخّم يسجّل منذ أربعة عقود.
وهو أكّد أنّ "أوليته الأولى" ستكون مكافحة التضخّم.
وأضاف "الكثير من العائلات تجهد لدفع الفواتير" لذا "أولويتي القصوى هي السيطرة على الأسعار"، مشيراً إلى أنّ خطّته ستتيح خفض الأكلاف والحدّ من العجز، وستقوم خصوصاً على تعزيز الصناعة الأميركية لكي لا تبقى الولايات المتّحدة "تحت رحمة سلاسل التوريد الأجنبية" بلهجة ذكرت بتلك التي كان يعتمدها دونالد ترامب.
وفيما كان الرئيس الأميركي يتحدث، نفّذت قوات روسية مجوقلة إنزالاً في خاركيف على ما أفاد الجيش الأوكراني مشيراً إلى معارك في ثاني مدن أوكرانيا.