قالت منظمة العفو الدولية يوم الأربعاء إن مقاتلي تيغراي قتلوا عمدا مدنيين وارتكبوا جرائم اغتصاب جماعي بحق عشرات النساء والفتيات القاصرات في بلدتين في منطقة أمهرة الإثيوبية العام الماضي، في أحدث مثال على الخسائر المروعة التي خلفتها الحرب المستمرة منذ 15 شهرا.
وأجرت المنظمة الحقوقية مقابلات شملت 30 ناجية من الاغتصاب، بعضهن لم يتجاوزن 14 عاما، وغيرهن من ضحايا العنف، بغية الوقوف على ملامح الفظائع التي حدثت في بلدتي تشينا وكوبو في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، بعد أن سيطر متمردو جبهة تحرير شعب تيغراي على البلدتين.
وقال ما يقرب من نصف ضحايا العنف الجنسي إنهن تعرضن لاغتصاب جماعي، كما قال أطباء منظمة العفو الدولية إن بعض الناجيات تعرضن لتهتك من المحتمل أن يكون بسبب إدخال حراب بنادق في أعضائهن التناسلية.
وقالت تلميذة، تبلغ من العمر 14 عاما، للمنظمة الحقوقية إنها ووالدتها تعرضتا للاغتصاب على يد مقاتلي جبهة تحرير شعب تيغراي، الذين قالوا إن الاعتداءات بمثابة انتقام للفظائع التي ارتكبت بحق عائلاتهم.
وأضافت: "اغتصبني أحدهما في الفناء والآخر اغتصب والدتي داخل المنزل".
وقالت: "أمي الآن مريضة للغاية، ومكتئبة جدا ويائسة. نحن لا نتحدث عما حدث، إنه أمر مستحيل".
وجاء التحقيق في أعقاب نشر تقرير لمنظمة العفو الدولية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وثّقت فيه اعتداءات جنسية ارتكبها متمردو تيغراي في نيفاس وميوشا في بلدة أمهرة.
وقالت سارة جاكسون، نائبة مدير منظمة العفو الدولية لمنطقة شرق أفريقيا: "تتزايد الأدلة التي تشير إلى ارتكاب قوات تيغراي جرائم حرب وجرائم محتملة ضد الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها في منطقة أمهرة منذ شهر يوليو/تموز 2021".
وأضافت: "يشمل ذلك حوادث اغتصاب واسعة النطاق وجرائم قتل خارج نطاق القانون وعمليات نهب، بما في ذلك المستشفيات".
وقال أهالي بلدة كوبو إن مقاتلي جبهة تحرير شعب تيغراي قتلوا مدنيين عزّل بالرصاص، في ظل عمليات قتل انتقامية بعد أن واجهوا مقاومة من ميليشيات الأمهرة أمام زحفهم.
وقال أحد السكان: "أولى الجثث التي رأيناها كانت على مقربة من سور مدرسة، كانت هناك 20 جثة ملقاة على الأرض لأناس بملابسهم الداخلية، وأمام السياج كانت توجد ثلاث جثث أخرى في مجمع المدرسة، معظمهم أصيبوا برصاص في مؤخرة الرأس والبعض من الظهر".
وأضاف: "أولئك الذين أصيبوا برصاصة في مؤخرة الرأس لم يتسن التعرف على وجوههم".
وقالت المنظمة إن تحليلها لصور الأقمار الصناعية كشفت وجود مواقع دفن جديدة أشار إليها أهل القرية.
وأضافت أن جبهة تحرير شعب تيغراي لم ترد على الادعاءات الأخيرة، بيد أن الجماعة المتمردة وجهت انتقادات للمنظمة بشأن تقريرها السابق عن ارتكاب فظائع مزعومة في نيفاس وميوشا، وقالت إنها ستجري تحقيقها الخاص وسوف تحيل الجناة إلى المحاكمة.
وتضمنت الحرب في شمالي إثيوبيا روايات عن مذابح واغتصاب جماعي، ومقتل آلاف الأشخاص، ومواجهة مئات الآلاف مجاعة.
وكانت منظمة العفو قد وثقت، في وقت سابق، عمليات اغتصاب بحق مئات النساء والفتيات ارتكبها جنود نظاميون من إثيوبيا وإريتريا في تيغراي.
وخلص تحقيق مشترك أجراه مكتب مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، ولجنة حقوق الإنسان الإثيوبية التابعة للحكومة، نُشر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى أدلة على "انتهاكات جسيمة" من جميع الأطراف، مشيرا إلى أن بعض الانتهاكات قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
لماذا اندلعت الحرب؟
يكمن السبب الجذري للصراع في الخلاف بين رئيس الوزراء آبي وجبهة تحرير تيغراي، التي هيمنت على البلاد بأكملها على مدى 27 عاما تقريبا، وليس فقط تيغراي.
ووصل آبي إلى السلطة في عام 2018 بعد موجة احتجاجات أعضاء من جماعة أورومو العرقية.
ومازالت جماعة الأورومو - وهي أكبر مجموعة في إثيوبيا - تشعر بالتهميش. وكان يُنظر إلى آبي، وهو نفسه ينتمي إلى قبيلة الأورومو وجزء من الائتلاف الحاكم، على أنه الرجل القادر على حل المشكلة.
في زوبعة الإصلاح، التي حرر فيها السياسة وأقام السلام مع إريتريا، الخصم القديم، همّش آبي أحمد جبهة تحرير شعب تيغراي.
ثم اندلع الخلاف المحتدم بين الجبهة وآبي أحمد في حرب قبل 15 شهرا عندما اتُهمت قوات من تيغراي بمهاجمة قواعد للجيش لسرقة أسلحة، وردت الحكومة الفيدرالية.