الدوحة: اجتمع ممثلون للحكومة الأفغانية وطالبان في قطر اليوم السبت لإجراء محادثات بينما تدور معارك طاحنة على الأرض بالتزامن مع انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان بعد وجود دام عشرين عاما.
ويعقد الجانبان محادثات متقطعة منذ أشهر في العاصمة القطرية. لكن مصادر مطلعة أشارت إلى أن المفاوضات تتراجع مع تقدم طالبان في ساحة المعركة.
وحضر عدد من كبار المسؤولين بينهم عبد الله عبد الله رئيس المجلس الحكومي المشرف على عملية السلام ورئيس الحكومة السابق، الى فندق فاخر في الدوحة السبت بعد صلاة الفجر. وانضم إليهم مفاوضون من المكتب السياسي لطالبان في الدوحة.
وكان من المقرر أن ينضم اليهم الرئيس الأفغاني السابق حميد كرزاي لكنّه بقى في كابول في اللحظة الأخيرة، على ما أفاد مصدر.
وأفاد مراسل وكالة فرانس برس بحضور الموفد الأميركي الخاص إلى أفغانستان زلماي خليل زاد الاجتماع بين الطرفين.
وقالت ناجية انواري المتحدثة باسم الوفد الحكومي المفاوض لوكالة فرانس برس إن "الوفد الرفيع المستوى موجود هنا للتحدث الى الجانبين وتوجيههما ودعم فريق التفاوض (التابع للحكومة) لتسريع المحادثات وتحقيق تقدم"، معبرة عن أملها في أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق قريبا.
وتابعت "نتوقع أن يسرع ذلك المحادثات (...) وخلال وقت قصير سيتوصل الطرفان إلى نتيجة وسنشهد سلاما دائما وكريما في أفغانستان".
وبدأ الطرفان اجتماعا مغلقا على أثر حوار مقتضب مع وسائل الإعلام.
شنت حركة طالبان هجوما شاملا على القوات الأفغانية في أوائل ايار/مايو مستغلة بدء انسحاب القوات الأجنبية الذي من المقرر أن يكتمل بحلول نهاية آب/أغسطس. وقد سيطرت الحركة على مناطق ريفية شاسعة، خصوصا في شمال أفغانستان وغربها، بعيدًا عن معاقلها التقليدية في الجنوب.
وقال المتحدث باسم المكتب السياسي لطالبان محمد نعيم لمحطة الجزيرة القطرية "نحن مستعدون للحوار ومستعدون للمحادثات والمفاوضات واولويتنا ان تحل المشاكل من خلال الحوار". وأضاف "في ما يتعلق بالجانب الآخر لا بد من ان يكون هناك ارادة صحيحة ومخلصة لإنهاء المشاكل".
وبدأت جلسة المحادثات بين وفدي الحكومة الأفغانية وطالبان الذي يقوده الملا عبد الغني برادر بتلاوة أيات من القرآن، على ما كتب نعيم على تويتر السبت.
وقال برادر في كلمته الافتتاحية "في سعينا لتحقيق أهدافنا الأسمى، علينا أن نتخطى التفاصيل".
من جهته قال عبد الله "علينا أن نمتنع عن فرض وجهات نظرنا على بعضنا البعض وعلى الشعب بوسائل غير سلمية".
والسبت أعيد فتح معبر رئيسي بين أفغانستان وباكستان كان قد أغلق قبل أيام بعد سيطرة طالبان على منطقة أفغانية حدودية.
وصرّح مسؤول حدودي باكستاني لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته أنه تقرر السماح لمجموعات صغيرة بدخول باكستان فيما يعبر المئات إلى أفغانستان.
وقال الباكستاني نور علي الذي كان يجري زيارة في كابول إنه حاول في الأيام الأخيرة مرّتين الوصول إلى سبين بولداك.
وصرّح لفرانس برس بعيد وصوله إلى كويتا "كنت خائفا لكن طالبان لم يتسببوا بأي مشاكل لقد تثبّتوا من وثائقي وسمحوا لي بالعبور".
وأفاد مراسل ميداني لفرانس برس بتسجيل حركة عبور بالاتجاهين.
باكستان تفتح الحدود
من جهة أخرى، أعادت باكستان السبت فتح جانبها من المنفذ الحدودي مع أفغانستان، الذي أغلقته بعد سيطرة طالبان على بلدة سبين بولداك الحدودية الاسبوع الماضي.
وقال المسؤول المحلي في قوات شبه عسكرية باكستانية محمد طيب إنّ القرار اتخذ بسبب "الهدوء النسبي على الجانب الآخر" للحدود، لكنه أشار إلى أن المنفذ سيظل مغلقا أمام حركة التجارة.
وعززت طالبان تقدمها في الشمال حيث استمرت المعارك العنيف في بلدة زعيم الحرب عبد الرشيد دستم التي تحاذي تركمانستان.
وأجلت فرنسا السبت نحو مئة من مواطنيها والأفغان العاملين لدى سفارتها في العاصمة مع تدهور الوضع الأمني، على ما أفاد مصدر دبلوماسي.
وأجلت دول عدة أخرى من بينها الهند والصين وألمانيا وكندا مواطنيها أو أبلغتهم بضرورة المغادرة خلال الأيام الأخيرة.
ويدور قتال مكثف منذ أسابيع في أرجاء أفغانستان، حيث شنت الحركة المتمردة عدة اعتداءات واستولت على عشرات المناطق بسرعة كبيرة.
وشكلت الحدود الجنوبية لأفغانستان دائما نقطة حساسة في العلاقات مع جارتها.
وظلت ولاية بلوشستان الباكستانية تؤوي على مدى عقود قادة طالبان الرئيسيين بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من المقاتلين الذين يتوجهون الى أفغانستان بانتظام.
بينما يحتدم القتال بين القوات الحكومية وطالبان، تتصاعد أيضا حرب كلامية بين اسلام أباد وكابول التي تتهم الجيش الباكستاني بتقديم دعم جوي للمتمردين في بعض المناطق.
ونفت باكستان ذلك بشدة.
وكانت إسلام أباد قد أعلنت عقد مؤتمر لمختلف الجهات المشاركة في الصراع، من اجل مواجهة تصاعد العنف. لكنّ القمة ارجئت بسبب عطلة عيد الأضحى.
وشكلت الحدود الجنوبية لأفغانستان دائما نقطة حساسة في العلاقات مع جارتها.
وتنتشر القوات الأجنبية في أفغانستان منذ نحو عشرين عاما، بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001. لكن هذه القوات بدأت الانسحاب في الأشهر الأخيرة.
وتسود مخاوف أن يؤدي انسحاب هذه القوات إلى إضعاف القوات الأفغانية لا سيما بغيب المؤازرة الجوية لعملياتها الميدانية.