ايلاف من لندن: اكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الخميس ان حكومته لن تسمح بالتنمر على الدولة او تقزيم بلاده واكد ان حكومته نجحت بتخطي ازمات اقتصادية واجتماعية ولاحقت السلاح المنفلت وقتلة الناشطين واشار الى انها حققت تقدما في مكافحة الفساد وتعزيز دور العراق الاقليمي والدولي واعلن رسميا عن عدم خوضه الانتخابات المبكرة المقبلة.
وخاطب الكاظمي مواطنيه مساء اليوم في كلمة متلفزة لمناسبة مرور عام على تشكيل حكومته وتابعتها "ايلاف" بالقول "العراقيون ..في كلِّ مساحةِ الوطن. العراقيون ..أينما كنتم، وحيثُما حللتم. الصابرون الصامدون أرفع إليكم أسمى التهاني بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، داعياً المولى العزيز الجليل أن يعيدهُ على شعبنا بالعزّةِ والكرامةِ والازدهارِ واضاف "أقف أمامكم اليومَ، بعد عامٍ من أدائي اليمين رئيساً لمجلس الوزراء لكي نتباحث معاً بشفافيةٍ في بعض ماواجهنا من تحدياتٍ خلال العام المُنصرم، وكيف تعاملنا مع المسؤوليةِ الملقاةِ على عاتقنا في مرحلةٍ انتقاليةٍ معقّدةٍ ومفصليةٍ من تاريخ العراق.
حكومة ولدت بظرف استثنائي
وأشار قائلا "إن الحكومةَ التي تشـرفت بتولي رئاستها، وُلِدتْ في ظرفٍ إستثنائيٍ خطير ...كان العراق يقفُ فيه على مُفترقِ طُرقٍ جرّاءَ أزمةٍ إجتماعيةٍ حادّةٍ ومصيرية....وهي أزمةٌ كانت في الواقع نتاجاً طبيعياً وحتمياً لسوءِ الإدارةِ وغياب الإرادةِ الحقيقيةِ للتغيير والتطوير".
وأوضح ان مهمته الاساسية كانت اجراء انتخاباتٍ نزيهةٍ وعادلةٍ، تنسجم مع ارادة شعبنا ، وقد حددنا العاشر من تشرين الاول هذا العام موعداً نهائيا لهذه الانتخابات وسنسخر لذلك كل الجهود والامكانيات.. منوها الى ان حكومته قدمت كل الدعم لانجاح الانتخابات.
عدم خوض الاتخابات او دعم اي جهة فيها
ودعا الاحزاب السياسية الى استحضار جوهر الوطن والتكاتف معاً لحمايته وتجاوز اخطاء السنوات الماضية من خلال نشـر التسامح والتعايش والتعاون والمنافسة الشـريفة لانجاح الانتخابات. وطالب الشعب بكل فعالياته الاجتماعية والشبابية والدينية والثقافية مدعو الى دعم المشاركة في الانتخابات وانجاح اهدافها النبيلة "ومن جانبنا أوفينا بعهدنا امام شعبنا بإعلان عدم المشاركة في الإنتخابات أو دعمِ أي حزبٍ أو طرفٍ على حسابِ الآخر وسنقوم بدورنا في حماية العملية الانتخابية القادمة".
السيطرة على الجائحة
واشار الكاظمي الى انه برغم تحدّيات جائحةِ فايروس كورونا في كل أنحاء العالم، حققتِ الحكومةُ تقدماً في السيطرة على الوباء من خلال سلسلةٍ من الإجراءاتِ لتقليل عدد الاصابات وتقديم أفضل دعمٍ ، وتوقيع اتفاقيات لشـراءِ اللقاحات، والمُضي باستكمال إعادةِ بناءِ المستشفياتِ المُتوقفة في عموم مُحافظات العراق.
واضاف ان الحكومة العراقية عززت خلال العام الماضي سيادة الدولة وحصر السلاح بيدها من خلال دعم القوى الامنية واعادة الثقة بينها وبين المجتمع ، للتصدي لدورها في مواجهة الارهاب والسلاح المنفلت وعصابات الجريمة.
ضرب الارهاب والتصدي للارهاب المنفلت
وعن فعاليات القوات المسلحة اشار الكاظمي الى انها حققت تطوراً لافتاً على صعيد مواجهة جيوب تنظيم داعش الارهابي، ونجحت بقتل الإرهابي الذي يُسمي نفسه والي العراق ونائب الخليفة المكنى أبو ياسر العيساوي، وقتل نائب والي داعش في العراق، و منسق داعش لعمليات سوريا والعراق "وعازمون على تجفيف منابع الإرهاب وتكريس الاستقرار من خلال سلسلة عمليات سيتم إطلاقها لمواجهة جيوب داعش وذيوله".
واشار الى ان القوات الامنية تصدت ايضا للسلاح المنفلت والجماعات الخارجة عن القانون التي تطلق صواريخ على البعثات الدبلوماسية والمؤسسات العراقية ، ولدينا مئات المعتقلين من الخارجين على القانون وعناصر فرق الموت التي ارعبت اهل البصرة للسنوات الماضية ومنفذي عمليات الاغتيال ، بالاضافة الى عصابات المخدرات والاسلحة.
وبهذا الصدد أقول ..
عدم السماح للتنمر على الدولة
ولكنه اشار الى انه "مازال هناك من يحاول التنمّر على الدولة مُستغلاً ظروف العراق الإستثنائية ، للتلويح بجرِّ العراقِ الى الدّم والحرب الأهليةِ، ولكن يجب أن يعرف الجميع
..إن التنمر على الدولة ليس بلا ثمن، سواء اليوم أو غداً وإن حقوق الدولة لاتسقط بالتقادم، وسيجد كلُ من يعتقد أنه أقوى من الدولة نفسه مُسائلاً أمام مؤسساتها القانونية مهما كبُر شأنه".
وشدد على ان "قتلة الناشط الشهيد ايهاب الوزني في كربلاء سيواجهون المصير الذي واجهه قتلة احمد عبد الصمد في البصرة وباقي الشهداء بما اجرموا بحق شعبنا وشبابنا.
اهلي العراقيين" في اشارة الى رئيس تنسيقية متظاهري كربلاء الذي اغتيل فيها الاسبوع الماضي.
لا تراجع عن حقوق ضحايا التظاهرات
ونوه الكاظمي الى ان حكومته اثبتت انها لن تسمح بالاستخفاف بالدم وعرضت نتائج لجان التحقيق التي شكلت في بعض الاحداث المؤسفة ، وهناك لجان تحقيقية مازالت تعمل بلا كلل في قضايا الاغتيالات الاجرامية التي وقعت خلال العام الماضي.
وبين ان حكومته عملت على ترسيخ مبدا الاعلان على نتائج التحقيق بموعدها المحدد وابعاد التسويف الذي كان ملازما لتشكيل اللجان سابقا واعلت عن نتائجها خلال المدد المحددة "واتخذنا اجراءات بعضها ادارية والبعض الاخر احلناه للقضاء وماضون بهذا النهج ولن نتراجع عنه".
واضاف ان الحكومة شكلت فريقا لتقصي الحقائق عالي المُستوى من قضاةٍ سابقين مازال تجمع البياناتِ والشهاداتِ حول أحداثِ تشرين من عام 2019، وسوف تعلنُ نتائجَ عملِ هذه اللجنة فور صدورها في اشارة الى تظاهرات الاحتجاج التي انطلقت منذ ذلك الوقت.
واشار الى انه في هذا الوقت اتخذت الحكومة عدةَ إجراءات للتعاطي مع تداعيات تلك الأحداث مثل الإفراج عن جميع المحتجزين بسبب التظاهرات إذ أن التظاهر حق دستوري، واعتبرت الضحايا في ساحات الاحتجاج شهداءَ وتم ضمان حقوقهم، كما اطلقت مشروعاً للحوار الوطني الشامل يشمَل المتظاهرين ويثبّتُ مطالبَهم المشروعة، مثلما يشمل القوى السياسية والفعاليات الشعبية.
مكافحة الفساد قطعت شوطا مهما
وفي ملفِ مُكافحة الفساد اوضح رئيس الوزراء العراقي الى انه كانت هناك قبل هذا العام (أقوالٌ) فقط ...حتى مجيء هذه الحكومة التي تعهدت أمام الشعب بالأفعال وفعلت، ولم تتوقف رُغمَ كلّ العراقيل التي وُضعت أمامَ لجنةِ مكافحةِ الفساد، ورغمَ كلِ الحملات الدعائية مدفوعة الثمن التي انطلقت لتشويهِ هذا الواجب الوطني.
واضاف "أقول وليسمعني الجميع ان مافعلناه خلال عامٍ واحدٍ من مكافحة الفساد يُساوي فعلياً ما انتجتهُ كلُ الجهودِ بهذا الصدد لأكثر من 17 سنة الماضية ".. ونوه بالقول "الدولة لاتنسـى دَيناً ،،، يعني ((يروح الكاظمي يجي غيره ..الدولة ماتنسة دين ...وكل دينار سرق من أموال الشعب العراقي راح يرجع ...اليوم رجعنا جزء ..وباجر يرجع الباقي)) ..هذا أمرٌ لا مساومة فيه ولا مزايدة ..وكل من يحاول المزايدةَ سيكشف نفسه أمامَ الشعبِ وأمام التاريخ ..والتاريخ لا يرحم ".
النازحون .. وسنجار
وعن قضية النازحين قال الكاظمي ان حكومته التزمت بمساعدتهم على العودة إلى ديارهم وإنهاء مشكلة النزوح الداخلي بشكل كبير، وإغلقت خلال عام واحد أكثر من تسعين بالمائة من مخيمات النازحين على مستوى العراق، ودعمت النازحين في العودةِ الطوعيةِ الى مناطقهم .
واضاف "لقد أقسمنا على عراقٍ يكون فيه جميع العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات، ولن نسمح بتصنيفِ العراقيين على أساسِ دينهم أو مذهبِهم أو هويّتهِم، وأوفينا بالقسم وسنكمل ما بدأناه مهما كانتِ التحديات ..قمنا برعاية اتفاقية َسِنجار التي عززت مسؤولية الحكومة الاتحادية لأهلِنا الأيزيديين في سنجار ، على المستويين الإداري والأمني، وبما يسمح بإعادة أهلنا النازحين في سنجار الى مدينتهم، كما عززنا التفاهم الايجابي بين الحكومة الاتحادية وحكومةِ إقليم كردستان تمهيداً لحل المُشكلات العالقة تحت ظلِّ الوطنِ الواحدِ والمصير الواحد".
التحدي الاقتصادي
واشار الكاظمي الى انه عندما تشكلت حكومته قبل عام من اليوم ..كان العراق يمرُ بواحدةٍ من أخطر التحدياتِ الإقتصادية، ووجدت الحكومةُ نفسها أمام واقعِ نقصِ المواردِ وافراغ الخزينة والاعتمادِ الكاملِ على النِفط واطلقت مشـروعاً اصلاحياً هو الورقة البيضاء ، وقدمتمشـروعَ الموازنة لعام 2021، بخطط طموحة لتنويع الإستثمار وتفعيل المشـروعات المتوقفة وقررت سحب أي استثمارٍ لم تنجز اعماله، ومنحهِ لمستثـمرين قادرين على العمل, كما بدأت في إعداد موازنةِ للسنوات 2022-2024.
دور العراق الاقليمي
وقال انه "عندما نتحدث عن دورٍ عراقي أساسي على المستوى الإقليمي والدولي لتهدئة الأزمات والاختناقات وتكريس التعاون بديلاً عن الصـراع، فنحن ننطلق من إيماننا بوزن العراق ودوره التاريخي وعلى هذا الأساس وضعنا مساراً جديداً للسياسةِ الخارجيةِ يكونُ العراقُ فيها مُبادراً ...قلنا قبل عامٍ بصوتٍ مُرتفع إن العراق أولاً ...وفهم الجميع ان العراق يرفض أن يكون ساحة للمنازعات، قلنا إن كرسيَ العراقِ الإقليمي لايمكن تقزيمه، ولن يجلس فيه أحد سوى العراق، وإن العراق لن يرتدي الا مايليق بشعبه وبمقاسهِ التاريخي، وإن اسمَ العراق أكبر بكثير من أن يكون حديقةُ خلفية لأحد أو ملعباً لمغامرات أحد بل عامل سلام واستقرار للمنطقة والعالم".
وقال ان "بغداد التاريخ والكرامة وبإسم الشعب العراقي عملت خلال هذا العام للبحث عن نقاط التقاء وتوازن في المنطقة لتأسيس واقع يحل فيه التكامل والتعاون الاقليمي محل التناحر ونفتخر بالتطور الكبير لعلاقتنا مع الاردن ومـصر و السعودية و الامارات وكل دول الخليج العربي وايران وتركيا ولبنان وسوريا وجميع دول المنطقة المحبة للسلام
كما كان نجاحِ زيارة الحبر الاعظم قداسة البابا فرنسيس للعراق في آذار 2021 انعكاساً لهذه السياسة".
وزاد الكاظمي قائلا "نفتخر بموقعنا اليوم داخل المجتمع الدولي وعلاقتنا المتميزة مع دول اوربا والولايات المتحدة الأميركية، وقد احتفظنا بموقف العراق التاريخي الحاسم الداعم للقضية الفلسطينية".
رفض الاعتداءات الاسرائيلية "الجبانة"
واكد رئيس الوزراء العراقي مواقف بلاده "برفض وادانة الاعتداءات الاسرائيلية الجبانة على اهلنا الفلسطينيين العزل في القدس وغزة ، هذا الشعب الذي عانى اقسـى ظلم شهده التاريخ الحديث، ويستمـر باعطاء العالم كله دروس الصمود والاصرار، والثبات على المطالب المشروعة وحيث ان حقوق الشعب الفلسطيني التي كفلتها المواثيق الانسانية والاخلاقية والدولية تعيش في وجدان كل عراقي ولا يمكن التفريط بها وخصوصا حق القدس العاصمة التاريخية لدولة فلسطين".
اتفاقات بمختلف المجالات مع العديد من دول العالم
واعتبر الكاظمي إن سياسة الانفتاحِ والاعتدالِ مع كل دول العالم التي انتهجتها حكومته انعكست على إعادة فتح مَعبر عرعر الحدودي مع السعودية المغلقِ منذ عقود، واستعدادِ الشـركاتِ السعوديةِ والإماراتيةِ والخليجية للاستثمارِ في مختلف القِطاعاتِ في العراق.
واوشح ان المفاوضات مع إيران لبناء خطِ سكٍة حديد بين البصـرة والشلامجة قد وصلت مراحلها النهائية، وتم توقيع خمس عشـرة اتفاقيةٍ ومذكرةِ تفاهمٍ مع الأردن ومصـرَ حول الطاقةِ وخطوطِ النقل، فضلاً عن توقيع العديد من الاتفاقياتِ مع تركيا في القضايا الأمنية والاقتصاديةِ والاستثماريةِ، وتوقيع عددٍ من الاتفاقيات ومذكراتِ التفاهم مع فرنسا، وألمانيا وبريطانيا لإعادة تأهيل و بناء طرقٍ ومطاراتٍ وخطوطٍ جديدة للسكك الحديدية وكذلك تفعيل التفاهمات في الاتفاقيةِ الصينيةِ لتطبيقها على أرضِ الواقعِ عبر سلسلةِ مشاريعٍ للبُنى التحتية، وتوقيعِ عقودٍ مع شركات أميركيةٍ كُبرى للاستثمارِ في العراق.
الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة
وفي ملف الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة اشار الكاظمي ان حكومته قد اثبتت أن الحوار والصـراحة والطرق المباشرة أكثر جدوى من العناد والتعنت والفوضى ووحققت خلال ثلاثِ جلساتٍ من الحوار خطواتٍ متقدمةً لخروج ماتبقى من القوات القتالية للتحالف الدولي، وتكريس التعاون في كل المجالات ومن ذلك التدريب والتـأهيل، ونعدُّ لجولاتٍ قادمة بين اللجان العسكرية لوضع الأطر الزمنية والفنية لتحقيق ذلك.
أفعال لا أقوال
وخاطب الكاظمي العراقيين قائلا "قبل عام من اليوم وفي خطابِ تكليفي لتشكيل الحكومة قلتُ لكم "علينا أن نعملَ معاً لنستعيدَ العراق من الأزماتِ والنزاعاتِ والحُروبِ العبثية، وعلينا أن نثبتَ أمام التاريخ أننا نليقً بالعراق، بالأفعال لا الأقوال.. وبعد عامٍ أقول لكم
كانت مِحنةً كبيرة .. لكنا نجحنا معاً في تجاوز مخاطرها وعلينا ان نكمل لنضع العراق على الطريق الصحيح".
ودعاهم الى استحضار روح العراق والتضامن معاً "لحماية وطننا ومنح شعبنا الامل الذي يستحقه بعراق مستقر مزدهر موحد.. وسلامٌ عليكم يومَ صبرتُم، ويوم انتفضتُم ويوم تمسّكتُم بحقِكُم في مستقبلٍ يليقُ بِكم وسلام على المرجعيةِ الرشيدةِ التي صانت العراق يتقدمها سماحة السيد علي السيستاني وسلام على المرأةِ العراقيةِ العظيمةِ، على كل أمٍ وزوجةٍ وابنةٍ وحبيبة
وسلام على رجال العراق، شبابَهم وشيوخهم وهُم يَنتزِعُونَ المستقبل وسلام على كل طفلة وكل طفل نستلهم من ابتساماتهم قيم الحياة.. سلامٌ على العراق والرحمةُ والخلود لشهداء العراق.. عاش العراق".
وكان الكاظمي قد شكل حكومته في السابع من ايار مايو عام 2020 اثر ازمة سياسية واجتماعية خطيرة بعد ان شهدت البلاد في تشرين الاول اكتوبر عام 2019 اندلاع احتجاجات شعبية غير مسبوقة في العاصمة وتسع محافظات اخرى ضد فساد الطبقة الحاكمة وفقدان الخدمات الاساسية وللمطالبة بفرص عمل وانهاء الهيمنة الايرانية على مقدرات البلاد واجراء انتخابات مبكرة ما ارغم حكومة عادل عبد المهدي السابقة على الاستقالة وتكليف الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة.