: آخر تحديث
بعد 119 عامًا من التأسيس "الاشتراكي" ومراحل من سنوات التيه

حزب العمال البريطاني يتفكك!

66
88
68

غداة الاستقالة الجماعية لسبعة من نواب حزب العمال البريطاني المعارض في أكبر انشطار منذ 40 عامًا، صدرت تحذيرات من مغبة تفكك الحزب الاشتراكي اليساري الذي تأسس في عام 1900 ليصبح واحدًا من أكبر الأحزاب السياسية في المملكة المتحدة. 

إيلاف: بعد يوم من استقالة سبعة نواب رسميًا من الحزب يوم الاثنين، وصفوه بأنه "معادٍ للسامية" على نحو مؤسسي، وعنصري، ويقوده رجل يشكل تهديدًا للأمن القومي، حذر وزير الداخلية العمالي المخضرم السابق اللورد ديفيد بلانكيت في مقال له في صحيفة "دايلي مايل" من أننا "نواجه احتمال تفكك حزب العمال".

تقول تقارير إن نحو 50 من أعضاء البرلمان العماليين يفكرون في تحديد مواقفهم من البقاء في الحزب أو الهجرة منه ومغادرته نهائيًا. وتشير إلى أن انشقاق يوم الاثنين والانشقاقات اللاحقة ستوجّه ضربة قاتلة إلى آمال زعيم الحزب جيريمي كوربين في الوصول إلى 10 داوننغ ستريت كرئيس للحكومة.

كوربين وزوجته خلال جولة تسوق

أبلغ برلمانيون عمّاليون، كوربين، بالاستعداد لمزيد من الاستقالات، وقد حذر نائبه توم واتسون من أن "كثيرين آخرين يمكن أن يستقيلوا، وأن حزب العمل قد يرى المزيد في الأيام المقبلة، واعترف واتسون بأنه في بعض الأحيان "لم يعد يعترف" بحزبه الخاص.

يشار إلى أنه على مدى الأشهر الماضية، يواجه كوربين انتقادات، لأنه لم يتخذ موقفًا واضحًا من مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وعدم التحرك بقوة كافية في مواجهة الاتهامات بمعاداة السامية داخل حزبه.

انشقاق
وكان 7 نواب من حزب العمّال البريطاني أعلنوا في مؤتمر صحافي، يوم الاثنين، انشقاقهم عن أكبر حزب معارض في المملكة، بسبب سياسة زعيمه جيريمي كوربين تجاه "بريكست"، واتهامه بعدم التحرك في مواجهة معاداة السامية.

قالت النائبة لوسيانا بيرغر إن النواب سيشكلون كتلة خاصة بهم في البرلمان، وشددت على أن "القرار كان صعبًا ومؤلمًا، لكنه ضروري".

بعبارات قاسية، تحدّث كل من النواب عن أسباب انشقاقهم، قائلين إنهم يشعرون بالاشمئزاز مما قالوا إنها "معاداة للسامية" داخل الحزب. وقال النائب كريس ليزلي: "الحزب الذي كنا فيه لم يعد كما كان، لقد سيطر عليه اليسار المتطرف".

من بين النواب المنشقين، النائب البارز الصاعد شوكا أومونا، الذي أكد رغبته في "رمي السياسة القبلية القديمة في سلة المهملات" للنهوض برؤية مختلفة للسياسة. كما أعلن النائب مايك غابس من جهته أنه "غاضب من أن توجّه حزب العمال يسهّل بريكسيت".

التأسيس
يذكر أن حزب العمّال البريطاني كان تأسس في السنة الأولى من القرن العشرين، حاملًا لواء الاشتراكية الديمقراطية، ونادى بتوزيع عادل للثروة. وصل الحزب للمرة الأولى إلى السلطة في سنة 1924، وبعد قرابة قرن تراجع منسوب الاشتراكية في فكره وأصبح جزءًا من يسار الوسط.

جاء تأسيس الحزب بتحالف مجموعة من النقابات والهيئات العمّالية، حيث تمكنت من إيصال عدد من أعضائها إلى البرلمان لتمثيلها فيه، وقاد هذا التحالف إلى تأسيس حزب العمّال البريطاني عام 1900.

الفكر والأيديولوجيا
نشأ الحزب بهدف حماية حقوق الاتحادات العمالية، والدفاع عن حق الطبقة العاملة في أن يكون لها صوت ودور في الحياة السياسية، وانطلق الحزب حاملًا لواء الاشتراكية الديمقراطية، ومناديًا بتوزيع الثروة والقضاء على الفوارق الاجتماعية.

زعيم حزب العمال ينقل المشتريات من سيارته (الصور من دايلي مايل) 

وبعد مرور حوالى قر ن على تأسيسه بدأ حزب العمال ينحو منحى آخر أكثر ليبرالية، وبدا في ظل قيادة توني بلير أكثر قربًا من وسط اليسار الأوروبي، يحمل سياسة جديدة، ليضع نهاية للانقسام القديم بين اليسار واليمين.

في تحرك رمزي للانسلاخ عن الماضي، ألغي البند الرابع، الذي كان يُلزم الحزب بعمليات التأميم، وألزم نفسه بتحديث بريطانيا وإقامة مجتمع أكثر عدالة، وألغيت السياسة القديمة، التي تقضي بفرض الضرائب من أجل المصروفات، وتقررت معاملة الاتحادات العمّالية بصورة عادلة ومن دون تحيّز.

المسار السياسي
استطاع الحزب خلال سنوات محدودة بعد تأسيسه أن يكون ثاني أهم وأكبر حزب سياسي في بريطانيا، ووصل إلى السلطة عام 1924 حينما شكل زعيمه رامزي ماكدونالد أول حكومة للعمال، لم تعمّر طويلًا، ثم شكل حكومة أخرى سنة 1929.

غير أن الحزب خرج من السلطة التي تولاها المحافظون، ودخل معهم في حكومة ائتلافية سنة 1940 خلال الحرب العالمية الثانية، وتولى زعيمه كليمنت آتيلي منصب نائب رئيس الوزراء، قبل أن يفوز العمّاليون في انتخابات 1945.

في سنة 1951 خرج من السلطة، وظل خارجها لمدة 13 سنة، ثم عاد إليها من جديد بقيادة هارولد، ليخسرها من جديد في سنة 1970، ويعود إليها عام 1974، في لعبة صعود وهبوط، أنهتها زعامة مارغريت تاتشر للمحافظين وفوزها في انتخابات 1979.

خارج السلطة 
في انتخابات 1979 تخلى الناخبون عن العمال، واحتلت مارغريت ثاتشر مقر رئاسة الوزراء في 10 داونينغ ستريت. وكان ذلك إيذانًا ببداية ثمانية عشر عامًا من بقاء حزب العمال في مقاعد المعارضة، وبأكثر الفترات الحالكة في تاريخ الحزب، وفاز المحافظون في أربعة انتخابات على التوالي، ثلاثة خلال رئاسة تاتشر، والرابعة خلال رئاسة جون ميجور.

وخلال سنوات التيه، انتقلت زعامة العمّال إلى زعيم الجناح اليساري مايكل فوت، وقامت مجموعة من الوزراء السابقين في الجناح اليميني للحزب، عرفت باسم مجموعة الأربعة، بالاستقالة من الحزب، وإنشاء الحزب الديمقراطي الاجتماعي.

في عام 1983 أعلن حزب العمال عن برنامجه الانتخابي. وقد وصفه البعض في وقت لاحق بأنه أطول رسالة انتحار في التاريخ. وتولى زعامة الحزب نيل كينوك بعد انتهاء ولاية فوت، وقد واجه تحديات قوية أثناء قيامه بضخ دماء جديدة في الحزب.

في الوقت الذي بدأ فيه حزب العمال يتحرك خطوة بعد أخرى نحو الحكم، فإن كينوك لم يتمكن من قيادته لتحقيق الفوز الحاسم.
وقد خلفه في رئاسة الحزب جون سميث، وهو من أعضاء البرلمان، الذين كانت لهم مكانته ، وكان ينظر إليه على نطاق واسع بأنه رئيس الوزراء المنتظر. وكانت وفاته المفاجئة بنوبة قلبية عام أربعة وتسعين لطمة قاسية للحزب.

سنوات التيه
وقد بقي العماليون خارج السلطة، ودخلوا ما أسماها أحد معلقي بي بي سي "سنوات التيه" التي استمرت حتى سنة 1997 حين فازوا في الانتخابات في ظل زعامة توني بلير، واحتفظوا بها أطول فترة في تاريخهم (في ظل زعيمين: توني بلير، وغوردن براون).

بعد تصاعد تبعات مشاركة بلير في غزو العراق سنة 2003، وفضائح فساد في صفوف برلمانيين ووزراء من حكومة العمال، والفشل في مواجهة الأزمات الاقتصادية، خسر العماليون السلطة، وحلوا في المرتبة الثانية في انتخابات 2010، فتحالف المحافظون، الذين احتلوا المقدمة، والأحرار الديمقراطيون، وشكلوا حكومة ائتلاف، أعادت العمال إلى مقاعد المعارضة.

وفي انتخابات مايو 2015، حصد حزب المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون 331 مقعدًا من أصل 650 في البرلمان البريطاني، وحل حزب العمال بزعامة إد ميليباند في المرتبة الثانية بـ232 مقعدًا. أما في انتخابات مايو 2017 فقد فاز حزب المحافظين 318 مقابل 262 مقعدًا لحزب العمال.
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار