إيلاف من الجونة: تستمر فعاليات مهرجان الجونة السينمائي في دورته السابعة ليومها الثالث، والذي كان حافلًا بالجلسات الحوارية، و"الماستر كلاس" وكذلك عروض الأفلام. وتستمر الفعاليات إلى مطلع نوفمبر المقبل.
الفعالية الأبرز، خلال اليوم الثالث كانت الجلسة الحوارية مع المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، والتي أدارها الناقد أحمد شوقي، رئيس الاتحاد الدولي للنُقاد. وبحضور عدد كبير من الفنانين والمخرجين، وأبرزهم المخرج هاني خليفة، المخرج تامر عشري، الفنانة يسرا اللوزي.
فني هو سلاحي
في بداية حديثه عرف "أبو أسعد" نفسه بإنه إنسان أولًا ثم صانع أفلام، وتطرق للحديث عن التحديات أمام تطور الإنسان وتقدمه، فقل إن الإنسان لا يستطيع تحقيق التقدم لا من خلال حصوله على مجموعة حقوق أساسية ومتساوية وهو ما نفتقده هذه الأيام في ظل إعلان مشروع لتدمير العالم العربي.
أضاف المخرج العالمي، أنه كعربي وفلسطيني يقاوم ضد ذلك المشروع، مستغلًا مواهبه للدفاع عن العالم العربي، مؤكدًا أنه لا يزال مرتبطًا بالمجتمع الفلسطيني بكل شرائحه، على الرغم من هجرته خارج بلاده وهو في الثامنة عشر من عمره.
وعن إذا ما كان لا يزال يزور فلسطين أو لا، قال إنه حريص على السفر إليها وقضاء أوقات طويلة فيها والاختلاط مع كافة الشرائح، من المخيمات وحتى السلطة، مما يتيح له تكوين صورة كاملة عن الأوضاع فيها، وملامسة القضية عن قرب.
وأشار إلى أن سعيه في التعبير عن قضايا شعبه الفلسطيني، والعالم العربي كله ليس بالأمر السهل، فهو يواجه الكثير من الصعوبات التي تسببت في إيقاف مشاريع كثيرة له، نظرًا لتحكم شركات الإنتاج، مشيرًا لتوقف عمل كبير له على منصة "نتفليكس" بعدما أنفقوا عليه أكثر من 2 مليون دولار، ومنصة شهيرة أخرى لم يذكر اسمها قد أوقفت مشروعًا قد تعاقد معها عليه وتدور أحداثه حول فتاة عربية في أمريكا لكنها تواجه خطر الإرهاب، ولفت إلى أنه توقف عن العمل لأكثر من 4 سنوات متواصلة لأسباب قال إنها "سياسية".
وأشار "أبو أسعد" إلى أنه يدرس مشاريع ترفيهية لتقديمها في الوقت الحالي، ليستطيع بعد ذلك تمويل وإنتاج أعمالًا فلسطينية مستقبلًا، مؤكدًا على أن السينما كانت ولا تزال وسيلته للتعبير عن القضايا التي يؤمن بها.
الحضارة الغربية هشة عكس حضارتنا العربية
وتطرق المخرج الفلسطيني في حديثه إلى الأوضاع في غزة، حيث قال إن بها حاليًا 2 مليون شخص يعانون من الجوع، والأوضاع فيها مرعبة، وأشار إلى أن تاريخ القطاع يتجاوز الـ6 آلاف سنة لذلك فحضارة الأرض تسير في عروقهم، مشيرًا إلى أننا كعرب نمتلك الإنسانية والحضارة التي تُمكنا من تقديم أفكارنا وحضارتنا وقصصنا.
وذلك على عكس المواطن الغربي الذي لا تتجاوز حضارته الـ200 عام فقط، منوهًا أن تجاربه الحياتية والعملية جعلته يدرس الشخضية الغربية عن قرب، ولاحظ انبهارهم بذواتهم خاصة الأغنياء منهم الذين يمتلكون عقلية وصفها بـ"الغريبة".
أردف، أن تعامل الغرب مع حضارتهم يختلف تمامًا عن تعامل المصريين مع حضارتهم الفرعونية على سبيل المثال، فهي حضارة تجري في دمائهم، لأصالتها، واستكمل حديثه عن مصر والفن المصري قائلًا إن لها دور دولي وثقافي هام في المنطقة العربية، وأكد أنه تربى على السينما والدراما والأغنية المصرية وأها من الدول التي أثرت في وجدانه وثقافته.
الرقابة العربية على الأفكار شديدة
وبالعودة للحديث عن الفن، قال إنه يواجه الكثير من الصعوبات في إخراج الأعمال العربية، لأنه يواجه مشاكل في الإنتاج، قائلًا: "أغلب التمويل العربي للأفلام تمويل مشروط وجميع المواضيع الهامة عليها رقابة، لذلك أتمنى أن يفهم المسؤولون أن مناقشة مثل هذه المواضيع هي إثراء للمجتمع.".
وأشار إلى أن صناع السينما في الوطن العربي كله يواجهون حالة من التخبط بسبب النظام المهيمن على العالم كله، مما يدفع الكثيرون للتنازل عن مبادئهم، وعن حل تلك الأزمة قال إنه يقترح إنشاء منظومة خاصة بصناع الأفلام العرب مثل "البريكس" للحفاظ على استقلالية السينما.
وألمح إلى أنه يحمل في قلبه أمل كبير وتفاؤل من المستقبل لأن هناك الكثير من المواهب العربية التي لديها القدرة على مخاطبة العالم داخليًا وخارجيًا بقضايانا وأفكارنا. لافتًا إلى أنه أصبح يرى مواهب حقيقية تستحق فرصًا أكبر تذهب إلى نجوم يتلقون أجورًا كبيرة وهم لا يمتلكون نفس الموهبة والطاقة الإبداعية، مؤكدًا أنه يبحث دائمًا عن تلك المواهب ليدعمها ويمنحها الفرص التي يستحقونها.
ونصح المخرج الفلسطيني صناع الأفلام العرب بألا يتخلوا عن مبادئهم لمواكبة النظام العالمي المهيمن على صناعة السينما، ويشقوا طريق نجاحهم بما يؤمنون به، مشيرًا إلى أنه نجاح صانع الأفلام يبدأ من بلده، لذا يجب عليهم النضال من أجل النجاح، وعدم الوقوع في فخ الإحساس بأنه ضحية.