: آخر تحديث

صرخة حرية للشعب السوري

9
8
7

الصور محزنة حقاً، جعلتنا نحدق ونتابع ساعات طويلة عبر القنوات الفضائية ومنصات السوشيال ميديا، لنشهد ما يجري بكل وضوح. هذه المشاهد المؤلمة التي نراها اليوم، وبخاصة تلك القادمة من سجون الأسد المخلوع - صيدنايا وغيرها - تعكس حجم المأساة التي عاشها السوريون لعقود طويلة.

لقد ترك الأسد البلاد في أسوأ حال، هارباً، بعدما أدار ظهره لشعبه، تاركاً وراءه جراحاً عميقة لن تندمل بسهولة.

ما شاهدناه، وما رواه المساجين الذين كُتبت لهم حياة جديدة بعد سقوط النظام، يكشف عن تفاصيل مرعبة لا يصدقها عقل بشري. جرائم القمع والتعذيب التي طالت الآلاف تحت حكم الأسد وزبانيته هي شهادة دامغة على حقبة سوداء من تاريخ سوريا، مليئة بالظلم والقهر والإذلال.

نقف جميعاً أمام أسئلة محيرة: كيف تُسلَّم دولة بحجم سوريا بهذه السهولة؟ كيف ينهار جيش كبير بهذا الشكل المهين خلال عشرة أيام فقط؟ كيف يمكن لقوة عسكرية ضخمة أن تفر من مواقعها، تاركةً وراءها الغنائم والسلاح للمحررين؟

أين ذهبت كل تلك الأسلحة والآليات التي كان الجنود يتفاخرون بها، والتي استُخدمت لترهيب الشعب لعقود؟ أين الطائرات والدبابات التي ملأت صورها شوارع سوريا؟ أين المدافع والصواريخ؟ وأين الضباط الذين كانوا يشرفون على هذه الترسانة العسكرية؟ أسئلة كثيرة تتكرر في ذهن كل سوري، لكن الإجابات تبقى غائبة، في ظل غموض يلف المشهد بأكمله.

إقرأ أيضاً: سقوط الطاغية وبزوغ شمس الحرية

الشعب السوري اليوم يبحث عن حرية حقيقية، حرية تُعيد الكرامة والعدالة لأبنائه، بعيداً عن التصفيق لأي طرف يحمل شعارات زائفة. لم يعد الشعب السوري يرغب في استبدال نظام قمعي بآخر، أو دكتاتورية بعناوين جديدة.

لقد ملّ السوريون من النماذج التي تطلق على نفسها "فاتحين" أو "مجاهدين"، والتي جاءت بأساليب حياة وصور لا تحمل أي أمل أو مستقبل مشرق. الحرية التي يحلم بها السوريون ليست مجرد شعار يُرفع، بل هي فعلٌ وحقيقة، تُجسد في حياة كريمة وأمن واستقرار.

نريد سوريا حرة بالكلمة والفعل، بعيدة عن كل من يسعى إلى خرابها، سواء أكان من بقايا النظام القديم أو من القوى الجديدة التي تدّعي أنها تحمل لواء الحرية.

الحرية الحقيقية ليست مع أحد أو ضد أحد؛ إنها مع الشعب وحده، مع المواطن البسيط الذي يرغب في أن يعيش بسلام، دون أن يكون مرهوناً لأي أيديولوجيا أو طائفة أو دين.

إقرأ أيضاً: تساؤلات في واقعنا العربي

السؤال الأهم الذي يطرح نفسه الآن: هل يمكن للسوريين أن يعيشوا حياة آمنة وكريمة بعد كل ما ذاقوه من ويلات؟ هل يمكنهم أن يطووا صفحة عقود من القهر تحت حكم عائلة لم تعترف يوماً بحقوقهم؟

لقد أثبتت التجربة أنَّ النظام الذي حكم سوريا لعقود لم يكن معنياً بالشعب، بل كان معنياً بمصالحه الخاصة وبحماية وجوده على حساب كل شيء.

هذا النظام كان مشغولاً أكثر بحماية إسرائيل ومصالح القوى الكبرى، بينما كان الشعب يعاني في الداخل من الجوع والخوف والاضطهاد.

السوريون اليوم أمام تحدٍ حقيقي، لإعادة بناء وطنهم من جديد، وطن يحقق أحلامهم التي طالما حلموا بها. سوريا التي يحلم بها أبناؤها هي سوريا حرة، بلا قيود، بلا شعارات جوفاء، بلا زيف. إنها سوريا التي تحتضن الجميع، وتعيد الكرامة لكل مواطن عاش عقوداً في ظل القمع والذل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف