: آخر تحديث

جيل السلطة الجديدة

17
12
14

الاستسلام المطلق لجيل سلطة الإعلام الجديد وجماهيرها، أي منصات التواصل الاجتماعي، يعتبر خطأ سياسيًا واجتماعيًا فادحًا، لكن الحل ليس في قمع الحريات أو التعسف في القوانين ووأد جيل تشرب عبر السنين قوة وعنف سلطة لا تعرف حدودًا للتعبير والتفكير في عالم مفتوح الأفق.

تغير نمط الحياة عند جيل وسائل التواصل الاجتماعي وتغير أيضًا المتلقي والمتابع المهتم في نمط التفكير والتعبير والغضب والاستسلام، في حين تشكيل أجيال أخرى لعالم سوشيال ميديا ما زال مستمرًا.

جيل السلطة الجديدة يتفوق بحضوره على جيل الإعلام التقليدي والطبقة المثقفة التقليدية والمنغلقة على ذاتها التي ترفض التطور، وكذلك الحال في الدول التي لا ترفض الحريات المنضبطة ولا تطيق التعامل مع الحريات المنفلتة!

الأفراد سهل عليهم ملاحظة حجم التغيير ورصد نمط الحياة والسلوكيات لدى الشباب، جيل السلطة الجديدة، حتى على مستوى أجيال الإعلام التقليدي الماضية والحالية، في حين صعب على الحكومات العربية تفهم وفهم حالة جيل الإعلام الجديد.

جيل وسائل التواصل الاجتماعي، الإعلام الجديد، يعتبر واقعة نفسية وحالة اجتماعية وسياسية وثقافية، وهي حالة مستمرة ومتحركة في النمو والتمرد والتنمر والتفوق في عالم مفتوح لتحقيق طبقة اجتماعية جديدة وصناعة جماهير مؤيدة ومعارضة لها!

لم يعد هناك أقلية بمفهومها التقليدي بين جيل سلطة الإعلام الجديد، ولم يعد هناك أغلبية بمفهومها المطلق، فعملية التطور والنمو سريعة للغاية، سعيًا إلى تحقيق ذات شابة مفعمة بالحماس وروح المنافسة والتفوق بنجاح في عالم سوشيال ميديا.

تعتبر حالة جيل الإعلام الجديد ليست ظاهرة استثنائية، فهي نتيجة حتمية لتطور الإعلام الجديد والإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي وتكوين جماهير وأبطال "المشاهير" والمؤثرين على الرأي العام والتسويق بأدوات غير علمية وخارج ميدان المهنية، لكنها مشوقة ومحفزة!

جيل منصات "إكس" و"فيس بوك" و"إنستغرام" وغيرها ينشط على مدار الساعة، والجيل نفسه يتعرف على أجيال أخرى من نفس الفئة العمرية وأكبر وأصغر ومن جنسيات مختلفة ومن الجنسين من دون التمييز بين الذكور والإناث، لذلك جيل السلطة الجديدة قوة فاعلة وضاغطة وغير نرجسية.

الخوف ليس على جيل الإعلام الجديد، وإنما الخوف من حكومات وسلطات لا تجيد التعامل مع حالة واقعية جديدة ومؤثرة في المجتمع والعالم ككل، لكن مفاهيم التعامل مع هذه التطورات والحالات تعتمد على عدم الاهتمام والتهاون طالما ليس هناك انقلاب أو تمرد سياسي!

السلطات المتحكمة في الرأي العام والحريات تتهرب من المسؤولية التربوية والتعليمية والمجتمعية، لكنها سلطات تستنفر بانتقائية شديدة قوتها التعسفية والقمعية حين يكون الحديث عن الشؤون السياسية وحرية التعبير مطلب جيل سوشيال ميديا ومادة إعلامية جاذبة ورائجة!

الخوف طبعًا على الأطفال والشباب من الإعلام الجديد، ولابد من إعادة التنظيم والتشريع على مستوى العالم عمومًا والعالم العربي خاصة دون القمع والترهيب على جيل السلطة الجديدة، فالتهور قرار مفزع في ردة الفعل والنتائج التي يصعب التكهن فيها وهضمها سياسيًا.

العالم المتحضر قادر على هضم التحديات الجديدة ومعالجتها من دون الاستسلام لنزعات انتقامية أو قمعية، لكن التحدي الأكبر في سلطات عربية متحجرة ومتعسفة تعتمد على الترهيب والهروب من المسؤولية الثقافية بانتقائية شديدة لأنها سلطات لا تقوى على التعايش مع الحريات!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.