بعد سنوات من إفشاء المعارضين الإيرانيين وانتقادات الأوساط التقدمية في ألمانيا، أخيرًا تم إغلاق قاعدة أنشطة النظام الفاشي الإيراني في ألمانيا، المعروفة بـ "المركز الإسلامي في هامبورغ" وما لا يقل عن 53 مركزًا وفروعه في ولايات مختلفة بقرار من الحكومة الألمانية وتم حظر أنشطتها. هذا الإجراء بلا شك خبر سار للمعارضين والنشطاء والإيرانيين الذين كانوا هدفًا للتهديدات والتجسس المستمر من قبل هذا المركز.
حظر المركز الإسلامي في هامبورغ والمنظمات المختلفة التابعة له جاء بسبب "دعمه" لجماعة حزب الله اللبنانية شبه العسكرية و"ترويج إيديولوجية القيادة الإيرانية". تم اتخاذ هذا القرار يوم الأربعاء 24 تموز (يوليو). وسيتم مصادرة ممتلكات هذا المركز وجميع المكاتب التابعة له أيضًا.
كان "المركز" المذكور تحت مراقبة جهاز الأمن الألماني لعقود، وكان موضوعًا غير سري ومعروفًا في التقارير السنوية حول التهديدات الأمنية. السبب في عدم اتخاذ الحكومات الألمانية المختلفة، رغم الأدلة الكافية على توجيه النظام الإيراني لهذا المركز وأنشطته الإرهابية والاستخباراتية، إجراءً رادعًا ضده لسنوات عديدة كان سياسة المهادنة الأوروبية تجاه حكام إيران.
بالإضافة إلى ذلك، حدثان مهمان ومتزامنان تقريبًا من حيث التوقيت غيّرا توجه الحكومة الألمانية تجاه "المركز الإسلامي في هامبورغ". حدث سلبي وبغيض، وآخر إيجابي ومشجع يدعو إلى السلام والأمن والتعايش السلمي.
الحدث الأول - مظاهرات أصولية بغيضة في هامبورغ
في 11 أيار (مايو)، شارك حوالى 2300 شخص من أنصار "الخلافة الإسلامية" في مظاهرة بمدينة هامبورغ. أعلنت الجهات المانحة للتراخيص للمظاهرات حظر أي خطاب كراهية أو دعوة للعنف. وأعلنت الشرطة قبل المظاهرة أن الدعوة للحكم الديني الإسلامي في ألمانيا "بأي شكل" ممنوعة. في أواخر أبريل، نُظمت مظاهرة أخرى في هامبورغ رفعت فيها بعض اللافتات التي كُتب عليها "الخلافة هي الحل"، مما أثار احتجاجات واسعة النطاق.
كانت هذه المظاهرة صدمة كبيرة ليس فقط للمجتمع الألماني بل للجهاز السياسي أيضًا. دفع هذا الحدث الحكومة الألمانية إلى السيطرة على الأنشطة التي تجرى على أرضها في ظل هجوم منظم وصريح من المتشددين الإسلاميين، وعلى رأسهم النظام الإيراني، ضد الغرب بوسائل إرهابية وانتحارية. لا ينبغي أن يكون هناك أدنى شك في أن مصدر مثل هذه المطالب هو النظام الفاشي في إيران الذي يطمح إلى إقامة "حكومة إسلامية" وتوسيعها إلى "إمبراطورية إسلامية".
الحدث الثاني - التظاهرة المجيدة لأنصار المقاومة الإيرانية في برلين
الحدث الثاني المهم هو المظاهرة التي شارك فيها عشرات الآلاف من الإيرانيين المعارضين للنظام الإيراني في برلين يوم 29 حزيران (يونيو). حيث أفادت وسائل الإعلام بتنظيمها وجلالتها قائلة: "برلين تحت أقدام المعارضين للنظام الإيراني". تزامنًا مع مظاهرات الإيرانيين في برلين، انعقد في باريس اجتماع كبير للمقاومة الإيرانية لمدة ثلاثة أيام. وخلال هذه الأيام الثلاثة ألقى أكثر من 100 شخصية سياسية بارزة من جميع أنحاء العالم خطابات، منهم مايك بنس نائب الرئيس الأميركي السابق، مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي السابق، جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، والجنرال جيمس جونز أول مستشار للأمن القومي في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.
شارك في مظاهرات برلين شخصيات بارزة مثل البروفيسور ريتا زوسموث الرئيسة السابقة للبرلمان الفيدرالي الألماني (البوندستاغ)، الدكتور بيتر ألتماير رئيس مكتب المستشارة السابقة أنجيلا ميركل (2018) ووزير الاقتصاد والطاقة السابق (2021)، البروفيسور أليخو فيدال كوادراس نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق، الذي تعرض لهجوم إرهابي من قبل عملاء النظام الإيراني في مدريد إسبانيا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والسناتور توريسيلي من الولايات المتحدة الأميركية.
وقالت زوسموت في رسالة إلى المتظاهرين: "نحن معكم ونزداد قوة بنموذجكم. نحن نتذكر بصوت عالٍ وبصمت ما الذي أوصلنا إلى هذه الوحدة. جوابي هو؛ قوى المقاومة، التفكير العميق في الحرية والسلام. أنتم لا تستسلمون ونحن أيضًا لن نستسلم. الحرية دائمًا هي هدفنا، يجب أن ينتهي القمع والملاحقة للبشر والطبيعة. نريد أن نعيش بهذه الطريقة ونشجع الناس على العيش في سلام وحرية وتضامن. نعلم أن تعزيز الكرامة الإنسانية يمكن أن يكون له تأثير كبير. لن نستسلم، نحن متحدون في الكفاح من أجل الحرية والسلام والاحترام المتبادل وتعزيز بعضنا البعض...".
وقال الدكتور ألتماير في خطابه: "النظام الإيراني يشكل تهديدًا للمنطقة بأكملها، وخاصة من خلال تدخله في حرب أوكرانيا، فهو يهدد السلام والأمن العالميين، ولهذا السبب أدعو السياسيين في العالم لدعم المعارضين الإيرانيين الذين يكافحون من أجل الحرية." وأعرب عن أمله في أن يتصرف البرلمان الأوروبي الجديد بحزم ويضع الحرس الثوري في قائمة المنظمات الإرهابية.
كما أشار إلى خطة العشر نقاط للسيدة مريم رجوي ووصفها بأنها "وثيقة حكم القانون، الحرية والديمقراطية" التي يجب نشرها على نطاق واسع.
نقيض الأصولية
أحد المتحدثين في اليوم الثالث من التجمع السنوي للمقاومة الإيرانية كان البروفيسور ألان ديرشويتز، أحد أبرز أساتذة القانون والأستاذ الفخري في كلية الحقوق بجامعة هارفارد وأحد أشهر المحامين في القانون الجنائي الدولي. إن الانتباه إلى كلماته مهم لأن مكافحة الأصولية، التي يمثلها النظام الإيراني، يمكن تفسيرها بشكل جيد من خلال نقيض الأصولية الذي يرمز إليه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وخطة العشر نقاط للسيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة لهذا المجلس لإيران حرة في المستقبل.
قال ديرشويتز في جزء من كلمته: "خطة العشر نقاط للسيدة رجوي هي واحدة من أفضل وثائق حقوق الإنسان التي حظيت بشرف قراءتها. تجمع هذه الخطة أفضل عناصر الدستور الأمريكي، والدستور الكندي، والدستور غير المكتوب في بريطانيا، والدساتير في جميع أنحاء أوروبا وأمريكا الجنوبية. لا أستطيع أن أصدق أن أي إيراني بصفته مواطنًا لن يقبل بهذه النقاط العشر ولن يرغب في العيش مع الامتيازات التي يوفرها هذا البرنامج التقدمي. إنها خارطة طريق مذهلة للديمقراطية الحقيقية ونموذج ليس فقط لإيران، بل للمنطقة والعالم بأسره. إن خطة العشر نقاط هي مسار لإيران حرة في المستقبل... إيران هي أكبر داعم للإرهاب في العالم المعاصر. لذلك يجب أن يتغير هذا الوضع، وحتى يتغير، لن تكون هناك ديمقراطية. الديمقراطية الحقيقية هي أن نجلب خطة العشر نقاط للسيدة رجوي لشعب إيران."
النتيجة
طالما أن نظام ولاية الفقيه يحكم في إيران ويدعم الإرهاب والأصولية، سيبقى العالم غير آمن وفي حالة فوضى. الحل الوحيد للتخلص من هذا الوحش المدمر هو الوقوف بجانب المقاومة الإيرانية ودعم المجلس الوطني للمقاومة وخطة العشر نقاط للسيدة مريم رجوي التي تسعى إلى إقامة الديمقراطية في إيران والتعايش السلمي مع الجيران والتعاون البناء مع جميع دول العالم. النقطة العاشرة في برنامج السيدة رجوي هي : "إيران غير نووية، خالية من أسلحة الدمار الشامل. السلام، التعايش والتعاون الدولي والإقليمي".