استأنف التطرف الديني والإرهاب نشاطه على مسرح الكويت عبر عناصر كويتية وعربية من بينها طلبة ثانوية متهمون بالانتماء إلى تنظيم إرهابي والتخطيط لقلب نظام الحكم وتنفيذ عمليات إرهابية وتهديد مصالح دول خليجية وحليفة، ليجدد الاستفهام حول الأمن الفكري في الكويت!
تنوعت الجنسيات وتكررت الأهداف الإرهابية، ولكن ظل العامل المشترك الذي لم يتغير هو الدولة المستهدفة، وهي الكويت، وأيضاً ظل عنصراً مشتركاً في تنفيذ المخططات وهو المواطن الكويتي، ومن شريحة "طلبة الثانوية العامة" هذه المرة!
المخططات الإرهابية في الكويت خرجت عن وصف الجماعات الإسلامية بـ"خوارج العصر"، فالقضية تتلخص في تمدد فكر الغلو في الدين والإرهاب الفكري الذي تطور إلى إرهاب سلوكي وعنف دموي في التخطيط والتنفيذ ضد الأبرياء والمصالح الحيوية.
الكويت، ما زالت بيئة جاذبة لمحركات التطرف الديني والغلو والجماعات الدينية السياسية، ونشاط مخططات الإرهاب فيها - لا بد - أن يكون بسبب غياب المعالجة الحكومية الجذرية لهشاشة الأمن الفكري والتحليل السياسي لأسباب التجاهل الحكومي والعجز!
ليس بسيطأ تعلق الجماعات الدينية السياسية، "الإخوان"، في الكويت، فالمناخ التشريعي والسياسي والواقع الحكومي يحفز على التبرير "الجهادي" والجدل الفقهي للإعمال الإرهابية، وليس مناقشة فكرية وثقافية للتطرف الديني والإرهاب الذي لم يغادر الكويت حتى اليوم!
تحليل أصل المشكلة التي تواجهها الكويت سياسياً وثقافياً واجتماعياً ليس من صلب اختصاص السلطة القضائية ولا الجهات الأمنية، فهي جهات غير معنية بالتحليل للمعلومات والسلوكيات والحركات الدينية واتخاذ القرارات التنفيذية ومعالجة تردد القرار الحكومي والتهاون!
وصلت قضية التطرف الديني والإرهاب الفكري في الكويت إلى مراحل متقدمة وخطرة نتيجة تراكم تجاهل حكومات لأصل القضية والأزمة ومنابعها ومصادرها وتعقيداتها التي تئن منها البلد منذ زمن دون وقفة حاسمة!
قضية التطرف الديني والإرهاب الفكري، تستدعي عملية مراجعة جريئة للخطاب الديني وعمل الأجهزة ذات الصلة كوزارات التربية والأوقاف والإعلام، ودراسة ظاهرة تمدد التيار الديني في مجالات حيوية، والوقوف عند أسباب تجاهل حكومات لملفات ملتهبة.
لدى الكويت أجهزة تتربع على عروش من الترف المادي والسخاء الوظيفي كمركز "الوسطية" التابع لوزارة الأوقاف، الذي يقوم بعمل انتقائي وشكلي لواقع التطرف الديني والإرهاب، وليس عمل فكري عميق يعالج أسباب وظروف فزع حكومات من التيار الديني المتشدد و"الإخوان"!
مركز "الوسطية" اعتمد على رجال وشيوخ الدين ومنهم "الإخوان"، في حين يتم تجاهل ثروة الكويت التي تحتضن شعراء ومثقفين وإعلاميين الذين يستطيعون تحليل محركات فكر الغلو والتطرف والإرهاب وتقديم الحلول ولكنهم مستبعدين لأغراض مصالح حزبية.
أصبحت الحكومة - ربما - مستضعفة من الجماعات الدينية المتشددة و"الإخوان" بسبب قوة النفوذ في مفاصل الدولة والتوغل للفكر الديني المتشدد تحت غطاءات شتى وتحالفات سياسية على عكس ما حصل في دول شقيقة التي نجحت في اقتلاع الجذور الدينية لهذه الجماعات!
أصل الأزمة الحقيقي في تراخي الحكومات، مما قاد إلى تحول الكويت لمأوى حنون للتيار الديني المشدد وملاذ لجماعة "الإخوان"، في حين نبذتهم دول شقيقة ومنها السعودية والإمارات، دون مبادرة كويتية للتعاون على صعيد المواجهة والتصدي!
الكويت ليست مدعوة في استهداف جماعة سياسية واغتيال عمل سياسي مشروع، ولكنها مدعوة إلى جمع وتحليل المعلومات والبيانات المتوفرة لدى السعودية والإمارات عن التيار الديني المتشدد وجماعة "الإخوان"، فهي جماعات تعرف متى تنقض على الضحية ومتى تهادن!
الدرس الأهم من التطورات الأخيرة والأحداث الماضية، أن أصل المشكلة التي تعاني منها الكويت في حكومات مترددة ومستضعفة في مواجهة التطرف الديني والإرهاب الفكري الذي طال المجال الوظيفي والتعليمي والديني في نهاية مفتوحة!
والدرس المهم، يحتم تحليل وتقصي الأموال والتبرعات التي تستفيد منها مراكز (إسلامية) خارجية تحت غطاءات نشر التسامح وتمويل الدراسات والمشاريع في حين الكويت ما زالت مستهدفة من جماعات التطرف الديني والإرهاب!
تقول الحقيقة غير المتواضعة؛ أن الحكومة تملك القرار في التنادي لجنازة التطرف الديني والإرهاب الفكري وجماعة الإسلام السياسي، "الإخوان"، والتعاون مع دول شقيقة في اقتلاع جذور الأفة إذا ارادت الحكومة الاستفادة من الدروس الحديثة والتجارب السابقة!