في يوم السبت، 15 حزيران (يونيو)، تم إطلاق سراح حميد نوري، أحد المجرمين في مجزرة عام 1988، بصفقة مشينة بين الحكومة الإيرانية والحكومة السويدية. كان هذا المجرم قد حُكم عليه بالسجن المؤبد في محكمة ستوكهولم (في مرحلتي الابتدائية والاستئناف)، وعقب هذه الصفقة المخزية عاد إلى حضن نظام ولاية الفقيه.
هذه الصفقة انتهكت بشكل صارخ جميع المبادئ والأسس القانونية، مما أثار ردود فعل شديدة وانتقادات واسعة. وفقًا لمبدأ فصل السلطات، الذي هو شرط أساسي للديمقراطية، يجب أن تعمل السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية بشكل مستقل. ولكن في هذه الصفقة، تم تجاهل أحكام محاكم ستوكهولم، وعملياً انتهت إدانة حميد نوري. يُعد هذا الإجراء تدخلاً مباشراً للسلطة التنفيذية في نطاق وصلاحيات السلطة القضائية وانتهاكاً صارخاً للمبادئ القانونية الراسخة.
حميد نوري حُكم عليه بالسجن المؤبد لمشاركته في مجزرة عام 1988، استناداً إلى أدلة قوية وشهادات الناجين من المجزرة. لذا فإن إطلاق سراحه لا ينتهك فقط المبادئ الأخلاقية وحقوق الإنسان الدولية، بل يتجاهل أيضاً معاناة السجناء ومطالبات عائلات الضحايا بالعدالة. ويشجع النظام الديني الفاشي الحاكم في إيران على مواصلة جرائمه واستمرار سياسة "الاحتجاز الرهائني" المربحة.
أدى هذا الإجراء إلى غضب شديد بين الناجين من مجزرة عام 1988، ونشطاء حقوق الإنسان، والشعب الإيراني، الذين أدانوا بشدة قرار الحكومة السويدية.
منظمة العفو الدولية في بيان أصدرته يوم الثلاثاء 18 حزيران (يونيو)، وصفت الإفراج "الصادم" عن حميد نوري، نائب المدعي العام السابق في سجن جوهردشت، الذي حكمت عليه المحكمة العليا السويدية بالسجن المؤبد بتهمة المشاركة في إعدام آلاف السجناء السياسيين في إيران عام 1988، بأنه "ضربة مذهلة" للناجين وأقارب الضحايا.
وحذرت منظمة العفو الدولية من أن تبادل السجناء بين النظام الإيراني والسويد يغذي "أزمة الإفلات من العقاب" في الجمهورية الإسلامية.
وأشارت هذه المنظمة في بيانها إلى أن قرار الحكومة السويدية لا يشجع فقط مسؤولي النظام الإيراني على ارتكاب المزيد من الجرائم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك "الاحتجاز كرهائن دون خوف من العواقب"، بل يضعف أيضًا "حق الوصول إلى العدالة" ويزيد من القلق بشأن التزام الحكومة السويدية بالقوانين الدولية.
وأكدت منظمة العفو الدولية أن ظروف إطلاق سراح حميد نوري من قبل الحكومة السويدية وإعادته إلى إيران، تعد دليلاً على المخاوف السابقة لهذه المنظمة بأن مسؤولي الجمهورية الإسلامية يأخذون المواطنين السويديين كرهائن من أجل تبادلهم.
تجدر أن محاولات للنظام الإيراني للإفراج عن حميد نوري منذ بدء اعتقاله والتحقيق في جرائمه رافقتها عمليات احتجاز رهائن وتهديد بإعدام مواطنين سويديين. ولهذا السبب، وعلى عكس ادعاءات محامي حميد نوري ومسؤولي النظام الإيراني، فإن هذه الصفقة لا تعكس بأي حال من الأحوال "دبلوماسية قوية"، بل تستند إلى أسس التهديد واحتجاز الرهائن والابتزاز.
إقرأ أيضاً: ظلال القمع المشؤوم: عمليات الإعدام المتصاعدة في إيران
للأسف، فإن وجهة نظر النظام الإيراني معروفة للعالم، حيث يميل إلى "المساومات" السرية والتستر. فقبل ذلك، تمكن النظام الإيراني من خلال سياسة الاسترضاء، من تبادل دبلوماسي إرهابي محكوم عليه بالسجن 20 عامًا في بلجيكا يُدعى أسد الله أسدي برهن بلجيكي وإعادته إلى إيران من خلال صفقة مشينة أخرى.
لو كان لدى النظام الإيراني ذرة من كرامة وسمعة حكومة حديثة، لما دخل أبدًا في مثل هذه الصفقة المشينة والمهينة للإفراج عن جلاد وشريك في الإبادة الجماعية من سجن سويدي. ولكن بما أن نظام ولاية الفقيه يفتقر إلى المبادئ والمبادئ السياسية، فقد دخل في هذه الصفقة المشينة وشارك السويد في هذه الفضيحة.
قبل من هذه الصفقة المشينة، ربما لم يكن وجه النظام الإيراني معروفًا تمامًا لرجال الدولة الغربيين. أما الآن، فقد سقطت كل الأقنعة، وأصبح من الواضح للجميع مدى عدم مبالاة نظام ولاية الفقيه بالمبادئ ومدى خروجه عن الأعراف.
إقرأ أيضاً: لماذا أصبح "الصندوق الأسود" لبيت خامنئي مرشحًا للرئاسة؟!
لذلك، من الضروري أن تلتزم الدول الديمقراطية، أو على الأقل الدول التي تدعي الديمقراطية، بقوانينها وقيمها، ليس فقط من أجل مصالحها وشعبها، ولكن أيضًا من أجل احترام الكرامة الإنسانية. وعليها تجنب الصفقات المشينة والمهينة مع نظام ولاية الفقيه فاقد المبادئ.
لقد أظهرت حادثة الإفراج المذهلة عن حميد نوري أن حماية الديمقراطية والعدالة تتطلب دفع ثمن باهظ. يجب ألا يفلت مجرمون مثل حميد نوري ودبلوماسي القنابل والإرهابي أسد الله أسدي من العدالة، بل يجب جرهم إلى محكمة العدل ومحاسبتهم. حان الوقت لتنفيذ حقوق الإنسان والعدالة.
نأمل أن يأتي يوم تفتح فيه العدالة الملائكية عينيها على مصراعيها وتوازن "ميزان العدالة" بشكل حقيقي وكما يستحق!