الكثير من الإضافات يمكن أن يُعاد تصنيفها ضمن إطار المستحيلات الثلاثة الخاصة بالأخطاء التحكيمية التي طالما تحدث في إدارة المباريات الرياضية التي صارت تعيشها، وبكل أبعادها، ملاعب الكرة!
وإذا ما حاولنا أن نعرّف بالمستحيلات الثلاثة، وهي: الغول، والعنقاء، والخلّ الوفي، فإنَّ المستحيل الرابع الذي يمكن أن نضيفه إلى سلسلتها، ولا يمكن بحال أن نغفل عنه في عالم الكرة، هو تحكيم بلا أخطاء، وخامسها هو تواجد أشخاص من عشاق اللعبة يحاولون ضبط أنفسهم، وكبت انفعالاتهم وغيظهم حيال الأخطاء التي يرتكبها حكام الفيفا الدوليون، الذين يقودون المباريات عالية الجودة، والتي لطالما بقراراتهم الخاطئة ـ الحاسمة قلبت الموازين رأساً على عقب، وأهدت الفريق الفائز نتيجة إيجابية لا يستحقها بغفلة من حكم المباراة، وهذا ما أثار الكثير من التساؤلات لجهة المدربين وإدارات الأندية!
وقبل فترة لاحظنا ـ وبكل وضوح ـ الأخطاء التي وقع بها الحكم الألماني دينيز آيتكين الذي قاد مباراة برشلونة الاسباني مع سان جيرمان الفرنسي في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا في ملعب الكامب نو، ومنحت الأخطاء لمصلحة برشلونة دون انقطاع إلى تحقيق أصحاب الأرض لأكبر عودة في تاريخ "الشامبيونزليج" والفوز بستة أهداف مقابل هدف واحد، وخرج في حينها باريس سان جيرمان خاسراً ومظلوماً من أقوى البطولات. وقبلها شرب الألمان من الكأس ذاتها، ولم يصدق معها الكثيرون ما فعله الحكم الهنغاري فيكتور كاساي ومساعداه في مباراة ريال مدريد الاسباني وضيفه الألماني بايرن ميونيخ في إياب ربع نهائي "شامبيونزليج" في ملعب سانتياغو بيرنابيو. وتوالت الأخطاء لتهزّ أركان الضيوف وتمنح الريال فوزاً غير عادل وبأربعة أهداف مقابل هدفين، وودع البايرن البطولة متحسّراً على العدالة الغائبة!
وفي حادثة أخرى شاهد الجميع في ملعب "لا سيراميكا" اللاعب الكونغولي سيدريك باكمبو يسجل بيده هدفاً لحساب فياريال في مرمى ضيوفهم ليغانيس في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع ليخطف فوزاً مؤلماً ومشبوهاً 2 ـ 1، وبقي الحكم خايمي سانتياجو ومساعداه وزملاؤهم من بقية الطاقم وحدهم بلا أدنى رؤية لتلك المخالفة الفنية والأخلاقية.. وظل موقف ليغانيس خطيراً في سعيه للهروب من الهبوط.
وألغى حكم مباراة البرتغال والمكسيك في بطولة كأس القارات التي جرت نهائياتها في روسيا هدفاً من مشارف المنطقة سدده بيسراه اللاعب البرتغالي بيبي من كرة ارتطمت بالعارضة لترتد فتابعها داخل الشباك لكن الحكم قرّر عدم احتساب الهدف بداعي التسلل!
إقرأ أيضاً: صلاح... وميركاتو صيفي ساخن!
وشهدت الملاعب المصرية في إطار الدوري العام مسرحاً لركلة جزاء غير محتسبة للزمالك ضد مصر المقاصة من لمسة يد لا يمكن أن تمر دون أن يلحظها الجميع.. ولكن الأقدار ساقت العَمى المؤقت إلى عيون الحكم الدولي جهاد جريشة ومساعديه ليغفلوا تلك الواقعة ويتجاهلوا احتساب الركلة، وتنتهي المباراة بخسارة غير عادلة للزمالك، وبهدف يتيم، وقامت بعدها الدنيا ولم تقعد في مصر!
ومن أبرز الفضائح التحكيمية في عالم كرة القدم تلك التي حرمت منتخب جمهورية إيرلندا من الوصول لمونديال 2010. خلال مباراة الملحق أمام فرنسا، صنع نجم "الديوك" تيري هنري هدف التأهل، بيده، بشكل فاضح، ليقود بلاده إلى مونديال 2010 في جنوب إفريقيا.
ومن الحالات الغريبة جداً في تاريخ اللعبة، تلك التي وقعت في الدوري الألماني. كرة رأسية لامست الشباك الخارجية من المرمى، ثم دخلت الهدف من الخلف، بسبب فتحة في الشباك. الحكم لم يلاحظ الخلل، واحتسبه هدفاً لمصلحة ليفركوزن في مرمى هوفنهايم. ألمانيا لقبته بـ"الهدف الشبح".
إقرأ أيضاً: سالزبورغ النمساوية... الغد الأمل
والحالة الأغرب في تاريخ بطولات كأس العالم وقعت في مونديال 2006، حين أشهر الحكم الإنجليزي غراهام بول 3 بطاقات صفراء في وجه مدافع كرواتيا جوسيب سيمونيتش، قبل أن يطرده. بول نسي أن يطرد المدافع الكرواتي بعد البطاقة الثانية، وسمح له باللعب، قبل أن يتلقى بطاقة ثالثة، كانت كفيلة بطرده. وكذلك الحكم المصري جمال الغندور الذي لم يحسن إدارة لقاء إسبانيا وكوريا الجنوبية، في مونديال 2002، وحرم الإسبان من تأهل مستحق لنصف النهائي. الغندور بإلغائه هدفين صريحين لإسبانيا، أبرزهما ذلك الذي أشار له حكم الراية بأنَّ الكرة عبرت خط المرمى خلال التمرير. كوريا الجنوبية عبرت بركلات الترجيح لنصف النهائي، في إنجاز تاريخي آسيوي.
لعل الحالة التحكيمية الخاطئة الأبرز، هي التي كان بطلها الأسطورة دييغو مارادونا، الذي سجل هدف الفوز لمنتخب بلاده الأرجنتين على حساب إنجلترا، في ربع نهائي مونديال 1986 في المكسيك.
هناك أخطاء استفاد وتضرر منها الأندية، كل الأندية بلا استثناء، ويحتفظ جمهور كل نادٍ بقائمة طويلة لجهة الأخطاء التحكيمية التي دفع ثمنها أنديتهم وخسروا بسببها الكثير، بينما تملك جماهير الأندية المنافسة قائمة أخرى بكل الأخطاء التحكيمية التي استفاد منها هذا النادي أو ذاك في المقابل.
إقرأ أيضاً: الخطيب.. "فلتة" أخلاقية وكروية!
أخطاء ربما يكون سببها الإرهاق، أو ضغوطاً وتوتراً وانفعالاً وعدم تركيز، أو ضعف لياقة نفسية وبدنية، أو عدم تعاون وتناغم بين الطاقم التحكيمى في الملعب.
في زمن تقنية الفيديو و"الفار" وتوقيف المباريات للتأكد من اللقطات، أصبحت الأخطاء التحكيمية المؤثرة في مباريات كرة القدم الحالية قليلة جداً.
النماذج كثيرة ولا يمكن إحصاؤها، وهناك الآلاف من الأخطاء في كل مكان تمارس فيه كرة القدم.
فهل من علاج ناجع لتلك الأخطاء التي تحولت إلى وباء وشر مستطير أصاب عشاق الكرة في الصميم!