مونتريال: مع استعادة سام ألتمان أخيراً موقعه على رأس شركة "أوبن ايه آي"، يزداد قلق الخبراء من التطور السريع للذكاء الاصطناعي، وتحديداً في مونتريال حيث تتمحور أبحاث العلماء على الأخلاقيات المحيطة بهذه التكنولوجيا.
ويرى الأستاذ الجامعي المتحدر من مونتريال يوشوا بينجيو الذي يُعدّ أحد "الآباء المؤسسين" للذكاء الاصطناعي، أنّ التكنولوجيا، وبهذه الوتيرة، ستصل سريعاً إلى مستوى الذكاء البشري، أو حتى تتفوّق عليه.
ويقول الفائز عام 2018 بجائزة تورينغ التي تعادل جائزة نوبل للمتخصصين في الكمبيوتر، "سيكون الأمر كما لو أننا ننشئ نوعاً جديداً من الكائنات على الأرض" قادرة على "اتخاذ قرارات مضرّة وخطرة على البشر".
وتجلّى الجدل الدائر في شأن التطور الجامح للذكاء الاصطناعي في حادثة إقالة سام ألتمان من رئاسة شركة "أوبن ايه آي" ثم إعادته إلى منصبه، بعد اتهامه بأنه لا يولي الاهتمام الأكبر لمسألة السلامة.
ويحذّر البروفيسور بنجيو منذ فترة طويلة من هذه الشركات التي "لن تتباطأ، ولن تتخذ الاحتياطات اللازمة على حساب العامّة ربما".
ومن الضروري اعتماد "قواعد ينبغي أن تكون نفسها لدى مختلف الشركات"، على قول الباحث.
وفي أوائل تشرين الثاني/نوفمبر، اختير بنجيو من المجتمع الدولي لكتابة أول تقرير عن "حالة العلم"، وهو تقويم علمي للأبحاث الحالية والمخاطر والإمكانيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.
داخل مختبره البحثي الواقع في أحد الأحياء العصرية في مونتريال، يجمع بينجيو منذ تسعينات القرن العشرين "عدداً كبيراً من الباحثين في الذكاء الاصطناعي".
وعلى بعد مسافة قصيرة من المبنى المشيّد بالطوب الأحمر، أنشات شركات أميركية كبرى كـ"مايكروسوفت" و"ميتا" و"آي بي إم" و"غوغل" أجزاءً من أقسامها المعنية بالأبحاث في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويقول هوغو لاروشيل، المدير العلمي لـ"ديب مايند" الذي يشكّل الفرع المعني بالذكاء الاصطناعي لدى "غوغل"، "كما الحال في أوروبا، ثمة في كيبيك استثمارات كثيرة في البحوث الأساسية. وفي الوقت نفسه، ثمة مرونة لدى لشركات مما يجعلنا أقرب إلى الولايات المتحدة".
وسرعان ما بدأ عدد من الباحثين بالتفكير في مستقبل هذه التكنولوجيا.
وفي العام 2018، كانت المدينة مهد إعلان مونتريال، أحد المواثيق العالمية الأولى التي تنظّم استخدام الذكاء الاصطناعي.
يقول غيّوم ماكو، نائب رئيس مرصد "أوبفيا" المستقل للأبحاث، "من أهم ما يميّز كيبيك هو إحداثها في وقت مبكر رغبةً لدى المجتمع العلمي في العمل على كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في المجتمع بصورة أفضل".
ويعوّل المرصد الرائد من نوعه والذي تم إنشاؤه في أعقاب إعلان مونتريال، على تعدد التخصصات لدى باحثيه لتقديم توصيات بشأن السياسات الحكومية ورفع مستوى الوعي لدى العامّة.
"فك ألغاز الذكاء الاصطناعي"
ويشكل "فك ألغاز الذكاء الاصطناعي" مهمّة أوكلها الفنانون في المدينة الناطقة بالفرنسية لأنفسهم.
وتدعو ساندرا رودريغيز وهي تضع خوذة الواقع الافتراضي، الحاضرين للمناقشة وطرح أسئلة على برنامج للذكاء الاصطناعي مستوحى من عالِم اللغويات الأميركي الشهير نوام تشومسكي.
وتُنقَل إجابات الآلة فوراً امام الحاضرين ضمن أجواء من عالم مستقبلي. ومن خلال لمس النص بأطراف الاصبع، تظهر كل بدائل الاجابات التي توفرها الخوارزمية. وتقول الباحثة في الوسائط الرقمية لدى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "نحن ندرك أن هذه مجرد إحصائيات".
وتضيف الفنانة ذات الشعر الأسود الطويل المجعد إنّ "مونتريال ميدان مذهل للتجارب".
وتشدّد على أن "سمعة المدينة في مجال الإبداع الرقمي" إلى جانب خبرتها في الذكاء الاصطناعي تجعلانها "مكاناً مثالياً لمناقشة المسائل الأخلاقية والمجتمعية".
وترى أنّ الفن "بات ضرورياً أكثر من أي وقت مضى"، بهدف دعوة "قادة أوسع من العامّة لطرح أسئلة تتمحور على مسائل الذكاء الاصطناعي التي ستؤثر عليهم مستقبلاً".