أدانت القمة الخليجية في دورتها الرابعة والأربعين في الدوحة "ممارسات إسرائيل" في حرب غزة، وطالبت بوقف إطلاق نار دائم، واستئناف عملية سلام شامل.
واتهم أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، المجتمع الدولي بأنه "تخلى عن الفلسطينيين وسط القصف الإسرائيلي لغزة"، مطالبا بوقف دائم لإطلاق النار في القطاع المحاصر، وذلك أثناء افتتاحه قمة مجلس التعاون الخليجي في الدوحة الثلاثاء.
وقال الأمير تميم بن حمد: "من العار على جبين المجتمع الدولي أن يتيح لهذه الجريمة النكراء أن تستمر لمدة قاربت الشهرين يتواصل معها القتل الممنهج والمقصود للمدنيين الأبرياء بما في ذلك النساء والأطفال. أسر بكاملها شطبت من السجل المدني، وجرى استهداف البنى التحتية الهشة أصلا، وقطع إمدادات الكهرباء والمياه والغذاء والوقود والدواء وتدمير المستشفيات ودور العبادة والمدارس".
كما اتهم إسرائيل بأنها تمارس "الإبادة الجماعية، كما تعمق جرائم القوات الإسرائيلية الشعور بالظلم وغياب الشرعية الدولية"، متسائلا: "لماذا يتخلى المجتمع الدولي عن الأطفال الفلسطينيين ويتبنى معايير مزدوجة" في التعامل مع الأزمة، مشددا على أن "الدفاع عن النفس لا ينطبق على الاحتلال وفق القانون الدولي، ولا يجيز ما ترتكبه إسرائيل من جرائم إبادة".
واحتلت الأزمة في غزة القدر الأكبر على الإطلاق من اهتمام الدول المشاركة في القمة الخليجية وسط اتهامات لإسرائيل بارتكاب "جرائم في حق الإنسانية" و"إبادة جماعية"، و"انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان".
وأعرب قادة دول مجلس التعاون الخليجي عن قلقهم واستيائهم مما وصفوه بالعدوان الإسرائيلي السافر ضد الشعب الفلسطيني، وأدانوا القصف العشوائي في قطاع غزة والتهجير القسري للسكان المدنيين وتدمير المنشآت المدنية والبُنى التحتية، فيما اعتبروه مخالفة صريحة للقانون الدولي والإنساني.
وثمّن القادة الخليجيون الذين اجتمعوا في الدوحة جهود الوساطة المشتركة لقطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدين على ضرورة الاستئناف الفوري للهدنة الإنسانية وصولاً لوقف كامل ومستدام لإطلاق النار.
كما حذروا من مخاطر توسع المواجهات وامتداد رقعة الصراع إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط ما لم تتوقف الحرب، وعواقب ذلك على شعوب المنطقة وعلى الأمن والسلم الدوليين. وطالب القادة المجتمع الدولي بالتدخل لوقف إطلاق النار واتخاذ الإجراءات اللازمة ضمن القانون الدولي للرد على ممارسات إسرائيل، وضرورة مضاعفة جهود المجتمع الدولي لحل الصراع بما يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يوم الثلاثاء إن محادثات الوساطة بشأن غزة لا تزال مستمرة بهدف إنهاء الحرب. وأضاف في مؤتمر صحفي عقب قمة لمجلس التعاون الخليجي: "قطر مستمرة في بذل الجهد لعودة العمل بالهدنة وإطلاق سراح الرهائن وتبادل السجناء".
سلام دائم
طالب أمين عام مجلس التعاون الخليجي، جاسم بن محمد البديوي، المجتمع الدولي "بالاضطلاع بمسؤولياته، والعمل أولاً على ضمان وقف فوري لإطلاق النار، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتفعيل عملية سلمية ذات مصداقية تفضي إلى حل الدولتين بما يحقق الأمن والسلم في المنطقة، ويحمي المدنيين".
وقال البديوي: "نحن اليوم نجد أنفسنا محاطين بشدائد شاخصة، خاصة ما نشهده من جرائم دموية جسيمة تقترف بحق الشعب الفلسطيني في غزة".
واقتبس البديوي جزءاً مما تضمنه أول بيان ختامي لمجلس التعاون الخليجي عام 1981، والذي نص حينها على أن "ضمان الاستقرار في الخليج مرتبط بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، الأمر الذي يؤكد ضرورة حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً يؤمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بما فيه حقه في العودة إلى وطنه وإقامة دولته المستقلة، ويؤمن الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي طليعتها القدس الشريف".
وأضاف أمين عام مجلس التعاون الخليجي في كلمته: "ما زلنا الآن نؤكد خطورة استمرار الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه من جهة، وتكرار الاستفزازات الممنهجة ضد مقدساته من جهة أخرى".
واستقبل أمير قطر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، ونائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عمان فهد بن محمود آل سعيد، الذي يحضر نيابة عن السلطان هيثم بن طارق، ووزير خارجية الكويت الشيخ سالم عبد الله الجابر، ممثلاً لأمير دولة الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر.
يُذكر أن هذه هي الزيارة الرسمية الأولى التي يقوم بها ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة لقطر منذ الأزمة الخليجية عندما بدأت السعودية، والإمارات، والبحرين، ومصر فرض حصار على الدوحة في 2017.
"لا مناص من تأسيس دولة فلسطين"
حضر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قمة مجلس التعاون الخليجي التي انعقدت الثلاثاء، والتي تزامنت مع زيارة رسمية يقوم بها أردوغان إلى الدوحة التي بدأت أمس الاثنين الرابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وأدان الرئيس التركي الحرب على غزة، متهما حكومة بنيامين نتنياهو بأنها "تضع أمن المنطقة ومستقبلها في خطر من أجل إطالة عمرها السياسي"، وفقا لوكالة أنباء العالم العربي.
وأضاف: "قتل 17 ألف شخص جريمة ضد الإنسانية ولا يمكن أن تبقى بلا حساب"، مشددا على أن الأولوية لابد أن تعطى لتحقيق وقف إطلاق النار الدائم وتوصيل المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة.
وأكد أنه "لا مناص من تأسيس دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما يجب أن نحول دون تحول الأزمة في فلسطين إلى أزمة إقليمية".
كما تناولت القمة قضايا أخرى، لكن ليس بنفس القدر من الأهمية الذي احتلته أزمة الحرب على غزة، أبرزها قضايا اقتصادية تتضمن مناقشة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول الخليج وتنمية المشروعات المشتركة بينها.
ورأس أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اجتماع المجلس التنسيقي القطري السعودي المشترك في الدوحة.
وتضمنت أجندة القمة الخليجية رقم 44 في الدوحة ملفات اقتصادية هامة في مقدمتها استكمال خطوات قيام الاتحاد الجمركي قبل نهاية عام 2024، ومشروع السكة الحديد، الذي من المقرر أن يربط بين الدول الأعضاء، واعتماد مشروع التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة.