تواجه الشركات المشغلة لشبكات التواصل الاجتماعي غرامات مالية ضخمة قد تصل إلى 18 مليون جنيه إٍسترليني حال عدم حذف المحتوى الخاص بالعنف ضد الحيوانات الموجود على تلك الشبكات.
وجاء هذا التغيير الذي أُدخل على مشروع قانون "الأمن الإلكتروني" نتيجة لتقرير استقصائي أجرته "برنامج بي بي سي آي".
وقال وزراء في الحكومة البريطانية إن التقرير الاستقصائي الذي نشره برنامج "بي بي سي آي" بعنوان "كارهي القردة" - الذي كشف عن شبكة دولية لتعذيب القرود – كان مثالا واضحا للأسباب التي تقف وراء ظهور الحاجة إلى تعديل مشروع القانون.
ومن المتوقع أن تتحول مسودة القانون الحالية – التي تستهدف وضع رقابة على أنشطة الإنترنت – إلى قانون ملزم بحلول الخريف المقبل.
ومن المرجح أن مقاطع الفيديو تحتوي على ممارسات قسوة في التعامل مع الحيوانات سوف تندرج تحت بند "الجريمة المنظمة" بموجب التعديل الجديد لمشروع القانون – مما يجعلها تتساوى مع محتوى الإباحية الانتقامية، والمحتوى الذي يتضمن الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وفيديوهات التهديد بالقتل.
وتنص المواد المقترحة لمشروع القانون على أن عدم معالجة منصات التواصل الاجتماعي للمحتوى المخالف بشكل استباقي وحذفه يعرض الشركات المشغلة لها لغرامات تصل إلى 10 في المئة من إيراداتها السنوية العالمية.
وكشف تقرير استقصائي، استغرق إجراؤه حوالي سنة من قبل العاملين في برنامج "بي بي سي آي"، عن شبكة عالمية سادية لتعذيب القردة تمتد من إندونيسيا إلى الولايات المتحدة.
ودخل أحد مراسلي بي بي سي متخفيا إلى مجموعة خاصة على تطبيق الرسائل تليغرام تضم المئات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يتبادلون الأفكار ويدبرون تمويلا جماعيا من أجل تكليف مجموعة من الأشخاص في إندونيسيا بإعداد مقاطع فيديو لقردة صغيرة أثناء تعذيبها وقتلها.
ووجهت السلطات في الولايات المتحدة اتهامات لضابط سابق في القوات الجوية بسبب التحقيق الصحفي لبي بي سي عن التعامل بقسوة مع الحيوانات، كما يخضع أكثر من 20 شخصا للتحقيق في البلاد لنفس الأسباب. وسُجن أيضا رجلان في إندونيسيا علاوة على إلقاء القبض على ثلاث نساء في المملكة المتحدة، لكن السلطات أطلقت سراحهن على ذمة التحقيق.
وقالت شركة يوتيوب في بيان أصدرته في هذا الشأن إن إساءة معاملة الحيوانات "ليس لها مكان" على المنصة، مؤكدة أنها حذفت مئات الآلاف من مقاطع الفيديو من على موقع التواصل الاجتماعي عبر الفيديو الخاص بها. وقالت شركة تليغرام إن المشرفين علي تطبيق الرسائل الذي تشغله لا يمكنهم القيام بدوريات استباقية على المجموعات الخاصة.
وسلط تقرير "بي بي سي آي" الضوء على أن هناك إمكانية كبيرة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لدفع أموال من أجل تعذيب الحيوانات.
وقالت وزيرة التكنولوجيا البريطانية ميشيل دونيلان إن هذا النوع من النشاط "مزعج للغاية"، مؤكدة أن مشروع القانون يتوقع أن يتسع نطاقه إلى ما هو أبعد من حماية الأطفال إلى ما أطلقت عليه "وقف انتشار إساءة معاملة الحيوانات أيضا".
وقالت دونيلان: "كشف التحقيق الدؤوب الذي أجرته بي بي سي عن نقطة ضعف مظلمة في شبكة الإنترنت لدينا، والتي تعمل على نشر المحتوى الذي يظهر هذا النشاط الإجرامي السادي بين الناس".
ورحب ديفيد باولز، من الجمعية الملكية للحد من القسوة ضد الحيوانات، بالتعديل الجديد لمشروع قانون الأمن الإلكتروني، معربا عن أمله في أن يتم تحويل المشروع إلى قانون ملزم.
وقال باولز: "من المقلق والمحبط للغاية أن نرى هذا الانتشار الواسع لمقاطع الفيديو والصور المتعلقة بإساءة معاملة الحيوانات، ومع قضاء الشباب الكثير من الوقت عبر الإنترنت، قد يكون من الصعب للغاية على الآباء والمسؤولين عن القُصَر مراقبة المحتوى الذي يشاهدونه".
وقال نيكولا أوبراين، المنسق الرئيسي لتحالف وسائل التواصل الاجتماعي ضد القسوة على الحيوانات – الذي يضم بين أعضائه الجمعية الملكية للحد من القسوة ضد الحيوانات ومنظمة العمل من أجل الرئيسيات – إن التعديل المقترح "سيشدد على ضرورة أن تنهض منصات التواصل الاجتماعي بمسؤوليتها، والتوقف عن توفير منصة يمكن استغلالها من قبل المسيئين للحيوانات"، مضيفا أن هذه المنصات الاجتماعية لا تبذل ما يكفي من جهد لمنع نشر محتوى يتضمن انتهاكات ضد الحيوانات عبر مواقعها.
وقالت مؤسسة "دوغ ترست" لبي بي سي إنها تأمل أن تذهب الحكومة إلى ما هو أبعد من ذلك في المستقبل وتعالج بشكل صريح الممارسات الإعلانية الضارة للحيوانات الأليفة على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإعلانات المبوبة.
ومن المقرر أن يتحول مشروع قانون "الأمن الإلكتروني" الذي طال انتظاره – وهو عبارة عن مجموعة جديدة من القوانين التي تهدف إلى حماية الأطفال والكبار على الإنترنت – إلى قانون ملزم الشهر المقبل.
ويستهدف مشروع القانون أيضا أن تكون شركات وسائل التواصل الاجتماعي أكثر تحملا للمسؤولية عن سلامة مستخدميها على منصاتها.
لكن عمالقة التكنولوجيا في وادي السيليكون قاوموا بعض المقترحات التي تحتوي عليها المسودة، كما نفت الحكومة هذا الأسبوع أنها أسقطت خططا لإجبار التطبيقات على الوصول إلى الرسائل الخاصة للمستخدمين.
وتقول منصات تواصل اجتماعي، مثل واتساب وسيغنال وآيماسيدج، إنها لا تستطيع تمكين طرف ثالث من الوصول إلى رسائل أي شخص أو عرضها دون إحداث أضرار بالغة بإجراءات حماية الخصوصية لجميع المستخدمين، كما هددت هذه الشركات الثلاثة بمغادرة المملكة المتحدة بدلا من المساس بخصوصية المستخدمين.
ومن المقرر أن ينظر البرلمان في التغييرات النهائية على التشريع المقترح هذا الأسبوع عندما يعود مجلس العموم الثلاثاء المقبل.