تخلفت روسيا عن سداد ديونها الخارجية لأول مرة منذ أكثر من قرن، بعد أن عجزت عن الوفاء بموعد نهائي كان مقررا في يوم الأحد، بحسب تقرير.
وتمتلك روسيا المال اللازم لدفع فوائد بقيمة 100 مليون دولار وهي على استعداد للدفع، ولكن العقوبات المفروضة عليها جعلت من المستحيل دفع المبالغ إلى الجهات الدولية الدائنة.
وكان الكرملين مصمما على تجنب التخلف عن السداد، الذي يمثل ضربة كبيرة لهيبة الدولة.
ووصف وزير المالية الروسي الوضع بأنه "مهزلة".
وكانت آخر مرة تتخلف فيها روسيا عن سداد ديونها الخارجية في 1918، أثناء الثورة البلشفية عندما رفض الزعيم الشيوعي آنذاك فلاديمير لينين سداد ديون الإمبراطورية الروسية.
وفي عام 1998، كانت آخر مرة تتخلف فيها روسيا عن سداد ديون من أي نوع، حين هزت البلاد أزمة الروبل خلال النهاية الفوضوية لنظام بوريس يلتسين.
وفي ذلك الوقت، فشلت موسكو في الاستمرار في سداد مدفوعات سنداتها المحلية، لكنها تمكنت من سداد ديونها الخارجية.
وبدا أن روسيا تتجه في مسار حتمي للتخلف عن السداد، منذ أن فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات عليها في أعقاب غزو أوكرانيا.
وأدى ذلك إلى تقييد وصول موسكو إلى الشبكات المصرفية الدولية، التي تنظم المدفوعات من روسيا إلى المستثمرين في جميع أنحاء العالم.
وقالت الحكومة الروسية إنها تريد تسديد جميع مدفوعاتها في الوقت المحدد، وكانت قد نجحت حتى الآن.
وكان على روسيا دفع الفائدة البالغ قيمتها 100 مليون دولار في أيار/27 مايو.
وتقول روسيا إن الأموال أرسلت إلى "يوروكلير"، وهو مصرف يقوم بعد ذلك بتوزيع المدفوعات على المستثمرين.
لكن هذه المدفوعات ظلت عالقة هناك، وفقًا لشبكة بلومبرغ، ولم يتسلمها الدائنون.
ولم تصل الأموال في غضون 30 يومًا من تاريخ الاستحقاق، أي مساء الأحد، وبالتالي يُعتبر ذلك تخلفا عن السداد.
ولم يذكر "يوروكلير" ما إذا كان قد منع تسديد الأموال، لكنه قال إنه يلتزم بجميع العقوبات.
وبدا التخلف حتميًا مع قرار وزارة الخزانة الأمريكية عدم تجديد الإعفاء الخاص في قواعد العقوبات، والذي يسمح للمستثمرين بتلقي مدفوعات الفائدة من روسيا، والذي انتهت صلاحيته في 25 أيار/مايو.
ويبدو الآن أن الكرملين قد قبل هذه الحتمية أيضًا، وقد أصدر مرسوماً في 23 حزيران/يونيو ينص على أن جميع مدفوعات الديون المستقبلية ستتم بالروبل من خلال مصرف روسي، حتى في حال كانت تنصّ العقود على تسديدها بالدولار أو بعملات دولية أخرى.
وأقر وزير المالية أنطون سيلوانوف أن المستثمرين الأجانب "لن يتمكنوا من تلقي" المدفوعات، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء "ريا نوفوستي".
وقال إن ذلك يعود لسببين: "الأول هو أن البنية التحتية الأجنبية - البنوك المراسلة وأنظمة التسوية والمودعين - ممنوعة من إجراء أي عمليات تتعلق بروسيا".
والثاني هو "منع المستثمرين الأجانب من تلقي مدفوعات منا".
ونظرًا لأن روسيا تريد الدفع ولديها الكثير من المال للقيام بذلك، نفى وزيرا المالية أن يكون هذا بمثابة تخلف حقيقي عن السداد، والذي يحدث عادةً عندما ترفض الحكومات الدفع، أو عندما تكون اقتصاداتها ضعيفة جدًا بحيث لا يمكنها إيجاد المال.
ونقلت وكالة ريا نوفوستي عنه قوله: "جميع من يعرفون، يدركون أن هذا ليس تقصيرًا على الإطلاق". وأضاف أنّ "هذا الوضع برمته يبدو وكأنه مهزلة".
وعلى الرغم من أن التخلف عن السداد يمثل ضربة رمزية، إلا أنه لن يكون له سوى القليل من التداعيات العملية المباشرة بالنسبة لروسيا.
وعادة ما تواجه الدول المتعثرة استحالة اقتراض المزيد من الأموال، لكن روسيا كانت ممنوعة بالفعل من الاقتراض في الأسواق الغربية بسبب العقوبات.
وعلى أي حال، يقال إن روسيا تكسب نحو مليار دولار يوميًا من صادرات الوقود الأحفوري، وقال سيلوانوف في نيسان/أبريل، إن ليس لدى البلاد خطط لاقتراض المزيد.