عاش الياباني نوتوهارا بيننا لأربعين عاماً، باحثاً في اللغة العربية وآدابها، متنقلاً في العيش بين مصر ومدن سوريا وريفها، والبادية، حيث قضى تسعة عشر عاماً، مركزاً على ثقافة البدو في المجتمعات العربية. وفي كتابه «العرب: وجهة نظر يابانية»، يتطرق إلى بعض مشاهداته مع تحليلاته الشخصية عن المجتمع العربي من وجهة نظر يابانية، عارضاً جوانب الشخصية العربية وسلبياتها، حسب فهمه ودراسته لمجتمعاتنا، مؤكداً أن ما توصل إليه من قناعات وآراء كانت وليدة تجربته الذاتية، وليست تأثراً بأفكار وقوالب سابقة.
وضع نوتوهارا كتابه عام 2003، وذكر فيه أن بعض حكومات المنطقة، بعكس فهمه من واقع بيئته، لا تعامل شعوبها بجدية، بل نجدها تضحك عليهم. وأن الشعور بالاختناق والتوتر سمة عامة للمجتمعات العربية، فالشوارع تمتلئ بنظرات الناس العدوانية، والاستعداد للدخول في أي شجار، ولأكثر الأسباب تفاهة، وأن المجتمعات العربية، بعكس تجربته، لا تضيف حقائق جديدة، بل تكتفي باستعادة ما تعرفه من الماضي البعيد، كما أنها تركز على الدين، فهو أهم ما يتم تعلمه وتعليمه، مع أنه لم يمنع الفساد، ولم يمنع تدني قيمة الإنسان والاحترام له.
ويقول إن هذا الاهتمام المفرط لدى العرب، المسلمين بالذات، أعطاهم الشعور والإحساس بأن الدين منحهم العالم، وهم سادته! وان على الأجنبي فهم سلوك الإنسان العربي العادي، وان ينتبه دوماً لمفهوم الحلال والحرام. ويستطرد بأنه، كياباني، يؤمن بالتنوع، ولكن لأسباب معروفة، فإن العربي مشغول بفكرة النمط الواحد، على غرار الحاكم الواحد، لذلك يحاول الناس أن يوحدوا أفكارهم وملابسهم، وهذا نراه في أغلبية أشهر السنة، حيث يرتدي الجميع الدشداشة، أو الرداء الأبيض، باللون نفسه والقصّة نفسها والطول نفسه، مع اختلافات طفيفة، وهذا ما نجده سائداً في بقية دول الخليج!
ويقول إنه لاحظ أن العربي يدمّر الممتلكات العامة، لاعتقاده أنه يسبب الضرر والأذى للممتلكات، كونها ملكه، وليست ملكية عامة، كما يستعمل القمع في المدارس، من تهديد وضرب، كما يحدث خارج المدرسة تالياً.
يخضع الراكب العربي لاضطهاد سائق التاكسي، فالسائق يختار الراكب حسب وجهته، ولا يقدم الخدمة لمن لا يعجبه شكله. كما يلح الرجل العربي في تعظيم قيمته في البيت (ظاهرة سي السيد) ورفعها لدرجة الزعامة، ربما لرغبته في تعويض ما يتعرّض له من مهانة وزجر خارج البيت. كما تتصرف الغالبية في الحياة العامة حسب وزنها المالي والوظيفي والعسكري، وهذا تنتج عنه غالباً أنواع شتى من الرياء والخداع والنفاق.
كما أن مفهوم الشرف والعار يسيطر على مفهوم الثقة في مجالات واسعة من الحياة العربية. وبالرغم من العنصرية التي مورست على العرب من غيرهم، فإنهم يمارسونها بعضهم ضد بعض. أما ضيافة العرب فهي فريدة ومميزة، لكنهم، عادة، لا يستفيدون من تجاربهم، ولذا نجدهم يكررون الأخطاء نفسها!
كتاب جدير بالقراءة، ويستحق أن نتعلّم منه شيئاً عن أنفسنا، وهذا قد يساعدنا في إصلاح «شيء» من أحوالنا.
أحمد الصراف