اسطنبول: تراجعت الليرة التركية بشكل كبير إلى أدنى مستوياتها، لتؤكّد صوابية تصنيفها عملة الأسواق الناشئة الأسوأ أداء في 2021.
وخسرت الليرة التركية نحو أربعة بالمئة من قيمتها لتصل إلى 10,36 مقابل الدولار، لكنّها عادت وعوّضت جزءًا من خسائرها قبيل اجتماع مرتقب الخميس للمصرف المركزي التركي يتوقّع أن يتقرّر خلاله خفض معدّلات الفائدة للشهر الثالث على التوالي.
وعلى الرغم من تمتّعه نظريًّا بالإستقلالية، يرضخ المصرف المركزي التركي لضغوط متواصلة يمارسها الرئيس رجب طيب إردوغان لخفض تكاليف الأعمال التجارية بهدف تحفيز النمو.
ووضعت هذه السياسات الإقتصاد التركي على مسار تحقيق توسّع إقتصادي بنسبة 10 بالمئة هذا العام.
لكنّها في المقابل رفعت معدّل التضخّم السنوي إلى نحو 20 بالمئة، فيما خسرت الليرة أكثر من ربع قيمتها مقابل الدولار هذا العام.
مخاطر متزايدة
واعتبر جيسون تافي المحلّل في مركز "كابيتال إيكونوميكس" للأبحاث الاقتصادية أنّ "هناك مخاطر متزايدة من أن يؤدّي الرضوخ المستمر للمصرف المركزي لضغوط الرئيس إردوغان على صعيد خفض معدّلات الفائدة إلى تدهور كبير وغير منضبط للعملة في الأيام والأسابيع المقبلة".
ومنذ آب/أغسطس خفّض المصرف المركزي معدّل الفائدة إلى 16 بالمئة.
يعني ذلك أنّ معدّل الفائدة الحقيقي في تركيا سلبي، ومن شأن هذا الأمر أن يفقد الليرة قيمتها وأن يعطي الناس حوافز إضافية لشراء العملات الأجنبية والذهب.
وترزح الليرة التركية تحت وطأة ضغوط إضافية من جرّاء مخاوف من رفع الإحتياطي الفدرالي الأميركي (المصرف المركزي) معدّلات الفائدة بأسرع من المتوقّع للتصدّي لارتفاع التضخّم.
ويجعل هذا الأمر حيازة الدولار أكثر جاذبية ويدفع الاستثمارات للهروب من الأسواق الناشئة.
السياسات الإقتصادية
لكن محلّلين يشدّدون على أنّ غالبية مشاكل تركيا مردّها السياسات الإقتصادية غير التقليدية التي تركّز على النمو الإقتصادي على حساب ارتفاع التضخّم وفقدان العملة قيمتها.
ومن شأن هذه التدابير أن تصبّ في مصلحة قطاع التصدير والشركات الكبرى، لكنّها تضرّ بالمواطنين العاديين الذين سيواجهون ارتفاعًا كبيرًا في أسعار المواد الاستهلاكية.
لكن حتى الشركات الكبيرة بدأت تبدي قلقها إزاء احتمال غرق تركيا في أزمة عملة تضع المصارف تحت وطأة ضغوط كبيرة نظرًا إلى ترتّب ديون عليها بالدولار تقدّر بالمليارات يتوجّب سدادها في الأشهر المقبلة.
توسّع إقتصادي
والثلاثاء قال وزير المالية التركي لطفي ألوان أمام منتدى للأعمال إنّ تركيز الحكومة لا يزال منصبّا على تثبيت الأسعار وكبح خسائر الليرة.
واعتبر تافي أنّ "الدافع الأساسي لتدهور قيمة الليرة في الآونة الأخيرة هو القلق المتزايد للمستثمرين بشأن وضع صناعة القرار السياسي المحلي".
وقال خبير الأسواق الناشئة تيموثي آش إنّ إردوغان الذي تراجعت شعبيّته إلى قرابة أدنى مستوياتها خلال سنوات حكمه الـ19، قرّر تحقيق توسّع إقتصادي سريع بأي ثمن سيساعده في الفوز بولاية رئاسية جديدة في الانتخابات المقرّرة في العام 2023.
وفي مذكّرة للزبائن اعتبر آش أنّه "من المثير للاهتمام أنّ فريق إردوغان يعتقد أنّ النمو وخلق الوظائف وليس خفض التضخّم سيساعدانه على الفوز في الانتخابات المقبلة".