إيلاف من دبي: حذر الاتحاد الأوروبي من أن روسيا تستخدم سلاح الغاز لفرض سياستها على مولدوفا. وإن كان الأمر يقتصر الآن على هذه الدولة الجارة التي تشهد حالة طوارئ بعدما عجزت عن تأمين حاجتها من إمدادات الغاز، إلا أنه قد يشكل ورقة ضغط في يد الكرملين على دول أوروبية أخرى، خصوصاً مع اعتماد أوروبا الكبير على الغاز الروسي منذ عشرات السنين، في مجالات صناعية وحياتية ملحّة.
وبحسب "الشرق"، هذا الوضع دفع الأوروبيين إلى البحث عن بدائل لإمدادهم بالطاقة، كي لا يقعوا ضحية الاحتكار أو الاستغلال السياسي، فيتطلعون إلى "منتدى غاز شرق المتوسط" الذي تلعب فيه القاهرة دوراً محورياً، خصوصاً مع تبنّيها مشاريع ضخمة بإسالة وتصدير مخزونها الهائل من الغاز المكتشف حديثاً.
السؤال اليوم: هل تصبح مصر بديلًا للاتحاد الأوروبي عن روسيا في مجال التزود بالغاز؟
ينقل "الشرق" أستاذ الاقتصاد في جامعة باريس الدكتور دانيال ملحم قوله: "نظراً إلى مخزونات مصر الكبيرة من الغاز، التي تبلغ أكثر من ترليوني متر مكعب، فضلاً عن إمكان زيادتها باكتشاف جديد، فهي تمتلك الإمكانات لتصبح البديل لتوفير التنوع بالنسبة للطاقة في أوروبا، لكن السؤال في أوروبا اليوم ليس مَن يمتلك الإمكانات، بل البحث عن مصادر آمنة. فالمصادر الآمنة هي عملياً الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة التي تقع فيه، ومصر محيطها كله غير آمن، من تونس إلى ليبيا إلى السودان وغيرها.. وحتى مصر نفسها اليوم، منذ عام 2012، تشهد نوعاً من الاستقرار الاقتصادي، لكن هل هناك استقرار سياسي واقتصادي على المدى الطويل؟"
في المقابل، قال الدكتور كريم العمدة أستاذ الاقتصاد الدولي إن مصر آمنة بشكل كامل، وهي توسعت بشكل كبير، وضخّت استثمارات ضخمة في استخراج وتجديد وزيادة كفاءة حقول الغاز الطبيعي، ولديها أيضاً احتياطات 200 ترليون متر مكعب، وهو احتياطي مؤكد وهناك المزيد من الاكتشافات الأخرى، ولديها أكبر بنية تحتية في المنطقة، وهي تصدّر بالفعل منذ بداية عام 2021 شحنات الغاز المُسال إلى أوروبا، وتقع في الترتيب الحاد عشر عالمياً بين أكبر الدول المنتجة للغاز الطبيعي، وعندما تعمل بكامل طاقتها سيصل إنتاجها من الغاز الطبيعي يومياً إلى 8 مليارات قدم مكعبة، وبالتالي ستزيح الجزائر من الترتيب العاشر عالمياً وستحتل مكانها.
بحسب "الشرق"، أضاف العمدة: "الغاز الروسي يغطي مقدار 37 في المئة من احتياجات أوروبا. واستهلاك أوروبا من الغاز سيتزايد سنوياً، ما يعني أن أوروبا ستأخذ من روسيا ومن مصر ومن الجزائر، ويمكن أن تشتري شحنات من الولايات المتحدة"..
إلى ذلك، قال ملحم إنه منذ عام 2007، "هناك توجه في أوروبا نحو الطاقة البديلة والاهتمام بكل ما يتعلق بالطاقة الأحفورية من بينها الغاز، لذلك تخلت فرنسا وهولندا عن مشاريعهما، وأصبح الاعتماد شيئاً فشيئاً على الغاز الروسي وبعض الغاز الذي يأتي من النرويج وهي خارج الاتحاد الأوروبي، وبعض الدول الأخرى مثل ليبيا والجزائر. ولكن بشكل رئيسي من روسيا والنرويج".
وبحسبه، روسيا تلعب ورقة الابتزاز مع الاتحاد الأوروبي في الطلب من الاتحاد التوقيع على عقود طويلة الأجل، وهذا من مصلحتها، كما أن هناك مصلحة تجارية لشركة "غازبروم" وروسيا من خلفها، وفي الحصول على ورقة ضغط على أوروبا كتلك التي تلعبها اليوم في مولدوفا.
وقال العمدة إن روسيا تضغط على الجانب الأوروبي في القضايا السياسية، وتُدخّل الغاز والطاقة في القضايا السياسية، "وكانت مشكلة أوكرانيا حاضرة بقوة في السنوات السابقة؛ أيضاً الجانب الأوروبي يخشى من الاعتماد بشكل كبير ومبالغ فيه على الغاز الروسي".