: آخر تحديث
أهمها الحدّ من التوغل الإسرائيلي في الدول الأفريقية

هذه هي مكاسب مصر من توقيع اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية

72
57
61
مواضيع ذات صلة

أطلق الاتحاد الأفريقي المرحلة التشغيلية لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، خلال القمة الاستثنائية التي عقدت في عاصمة النيجر نيامي لرؤساء الدول والحكومات الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، حيث وقعت 54 من دول القارة، وعددها 55، على الاتفاقية، بينما لم تصدق عليها سوى 25 دولة حتى الآن، وتعد إريتريا الدولة الأفريقية الوحيدة التي لم توقع على الاتفاقية.

إيلاف من القاهرة: يرى خبراء الاقتصاد أن اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية سوف تحقق العديد من المكاسب التجارية والاقتصادية لمصر عن طريق زيادة التبادل التجاري مع الدول الأفريقية، وبالتالي الحدّ من التوغل الإسرائيلي في الدول الأفريقية، حيث تهدُف اتفاقية منطقة التجارة الحرة الأفريقية إلى إزالة التعريفة الجمركية على غالبية السلع بين دول الاتحاد الأفريقي؛ لتعزيز التجارة البينية الإقليمية، وتقوية سلاسل الإمدادات في ما بينها، حيث من المتوقع أن تؤدي إلى ارتفاع حجم التجارة في القارة بنحو 15% إلى 25% على المدى المتوسط، ونحو 52.3% على المدى البعيد.

الاتفاقية الأكبر
تُعتبر منطقة التجارة الحرة القارية أكبر منطقة للتجارة الحرة على المستوى العالمي منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية عام 1995، إذ تضم تلك الكتلة الاقتصادية أكثر من 1.2 مليار مستهلك، ويقدر الناتج المحلي الإجمالي لها بنحو 3.4 تريليون دولار.

وبلغ حجم التجارة البينية في أفريقيا في عام 2017 نحو 17% من إجمالي التجارة في القارة، مقارنة بـ59% في آسيا، و69% في أوروبا، ومن المستهدف الوصول بحجم التجارة البينية في أفريقيا إلى نحو 60% بحلول عام 2022.

وقعت مصر على اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في مارس 2018، خلال فعاليات القمة الأفريقية المنعقدة في العاصمة الرواندية كيغالي، التي شارك فيها عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات الأفريقية ووزراء التجارة وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني وأعضاء البرلمانات الأفريقية وشركاء التنمية.

حجم التبادل التجاري
تستحوذ الصادرات المصرية لدول أفريقيا على نسبة تتراوح من 5%- 8%، سنويًا من إجمالي صادرات مصر، بينما تستحوذ واردات مصر من "القارة السمراء" على نسبة تتراوح من 1.5%- 4% سنويًا من إجمالي الواردات المصرية، وذلك وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وأظهرت البيانات الإحصائية أيضًا أن أعلى القيم التصديرية من مصر لدول أفريقيا تتركز في 4 دول أفريقية، تتمثل في كينيا، جنوب أفريقيا، أثيوبيا، نيجيريا. وعلى مستوى الواردات، تتركز أعلى قيم استيراد مصر من الدول الأفريقية في زامبيا، وكينيا، وجنوب أفريقيا".

بحسب البيانات الإحصائية، تتمثل أبرز السلع المصدرة إلى دول أفريقيا في السكر، والذهب ومصنوعاته، والزيوت العطرية، واللدائن "البلاستيك"، والورق ومصنوعاته، في حين تتمثل أبرز السلع التي تستوردها مصر من القارة الأفريقية في الشاي والتوابل واللحوم والموز.

يشار إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر ودول أفريقيا سجل 6.9 مليارات دولار خلال عام 2018، بارتفاع 23% عن عام 2017، التي بلغت قيمة التبادل التجاري خلالها 5.6 مليارات دولار.

فيما بلغت قيمة الصادرات المصرية لدول أفريقيا 4.7 مليارات دولار في 2018، مقابل 3.7 مليارات دولار خلال عام 2017 بنسبة ارتفاع قدرها 26.9%.

وبلغت قيمة الواردات المصرية من دول أفريقيا 2.1 مليار دولار خلال عام 2018، مقابل 1.9 مليار دولار خلال عـام 2017 بنسبة ارتفاع قدرها 15.2%.

تعزيز التعاون الأفريقي
قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يترأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي: "إن أنظار العالم مسلطة على أفريقيا"، مضيفًا إن اتفاقية التجارة الحرة ستعزز موقف القارة التفاوضي على الساحة الدولية. ودعا السيسي، خلال الجلسة الافتتاحية للقمة الأفريقية الاستثنائية، جميع الدول الأعضاء إلى التصديق على اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، مؤكدًا ضرورة تفعيل البنية التحتية في القارة السمراء.

وأكد الرئيس السيسي خلال القمة أن تحقيق التكامل الإنتاجي والصناعي بين دول القارة يتطلب المزيد من الجهد والمثابرة؛ لتحرير التجارة في السلع والخدمات، وتوفير الضمانات التجارية اللازمة، وخلق البيئة الاستثمارية المواتية، وذلك لتحقيق أهداف الاتفاقية الطموحة، وتلبية التطلعات المشروعة للشعوب الأفريقية.

وأشار إلى أن الارتقاء بشبكة البنية التحتية الأفريقية أمر لا بد منه لنجاح الاتفاقية، باعتباره ضرورة حتمية لأية تجربة ناجحة للتكامل الإقليمي، وذلك لتسهيل انسياب حركة السلع والخدمات والاتصالات والبيانات والأفراد، مما يساهم في تخفيض تكلفة التجارة والاستثمار.

سوق تجارية
من جانبه، أكد الدكتور سعد عبد المنعم، خبير الشؤون الأفريقية في معهد البحوث والدراسات الأفريقية، أن اتفاق الدول الأفريقية على إنشاء منطقة تجارة حرة في ما بينها، يمثل نقطة تحوّل في مسار التعاون الاقتصادي بين دول القارة، حيث سينتج من الاتفاقية  بمجرد دخولها حيز التنفيذ إيجابيات عدة، تتمثل في ظهور أكبر سوق تجارية في العالم، لحوالى 1.2 مليار شخص في القارة.

وقال الدكتور عبد المنعم لـ"إيلاف": إن "مصر من أكثر دول القارة استفادة من إطلاق اتفاقية التجارة الحرة في أفريقيا، حيث تسعى مصر إلى إقامة سوق أفريقية مشتركة، لتعزيز التبادل التجاري والتقارب بين الدول، خاصة أن اتفاقية التجارة الحرة تأتي من أجل دعم وتدعيم التنمية المستدامة لمصلحة القارة، وهو الأمر الذي كانت تسعى إليه القاهرة على مدار السنوات الأربع الماضية منذ سعي الرئيس السيسي إلى تعزيز العلاقات مع دول القارة الأفريقية".

وأشار خبير الشؤون الأفريقية إلى أن مصر تسعى من خلال توقيع الدول الأفريقية على اتفاقية التجارة الحرة إلى إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم، مما يمهد الطريق إلى اندماج القارة في مؤسسات وآليات الاقتصاد العالمي، ويزيد من معدلات التجارة البينية للدول الأفريقية، وكذا تعظيم فرص الاستثمار ودعم التنمية والاستغلال الأنسب للموارد.

ولفت الدكتور سعد عبد المنعم إلى أن "مصر سوف تحقق مكاسب اقتصادية كبيرة فور سريان تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة في القارة بحلول عام 2022، أبرزها فتح أسواق جديدة أمام المنتجات المصرية في دول القارة، حيث ينتظر وصول حجم الصادرات المصرية إلى دول القارة الأفريقية نحو 8 مليارات دولار فور بدء سريان الاتفاقية، كما ستصبح الأسواق الأفريقية فرصة أيضًا لإقامة مشروعات صناعية وزراعية ومائية في دول القارة الأفريقية، وهو ما يحقق رواجًا كبيرًا في حجم التبادل التجاري لمعدل غير مسبوق في تاريخ الاقتصاد المصري مستقبلًا.

التوغل الإسرائيلي
وقال الدكتور إبراهيم صالح خبير الاقتصاد والتخطيط في المعهد القومي للتخطيط: "إن اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية تُعتبر في المرتبة الثانية من حيث القوة الاقتصادية كمنظمة قارية بعد منظمة التجارة العالمية".

وفي ما يخص عوائد تفعيل الاتفاقية على مصر، أوضح صالح لـ"إيلاف" أن الاتفاقية تعتبر انطلاقة حقيقية لزيادة الصادرات المصرية، مما ينتج منها زيادة في الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي رفع معدل النمو وخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، عن طريق  تشجيع المستثمرين ورجال الأعمال الوطنيين على التوغل في أفريقيا لإنشاء المشروعات الاستثمارية فيها.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن مصر تعتبر الممر الرئيس لمرور التجارة الأوروبية لدول القارة الأفريقية، وبالتالي فهناك مكاسب عديدة سوف تعود على مصر ماليًا من مرور هذا التجارة، خاصة أن القاهرة لديها بنية تحتية قوية، مما يسهل من حركة التجارة بين الدول وبعضها البعض، لحدوث الربط والتعاون.

تابع إن هذه الاتفاقية تعتبر واحدة من أهم أولويات الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقي، التي سعت مصر إلى تفعيلها وجعلها واقعًا؛ نظرًا إلى أنها تمثل علامة فارقة في مسيرة التكامل الاقتصادي للقارة، وهو ما يمهد الطريق إلى اندماج القارة في مؤسسات وآليات الاقتصاد العالمي.

وأكد الدكتور إبراهيم صالح أن أهم مكاسب مصر من اتفاقية التجارة الحرة في أفريقيا هي الحد بشكل كبير من التوغل الإسرائيلي في القارة السمراء، خاصة أن هناك العديد من الدول الأفريقية يعتبر سوقًا كبيرًا أمام الاقتصاد الإسرائيلي. فمنذ سنوات أنجزت إسرائيل العديد من المشاريع في أفريقيا من خلال مجالات عدة، على رأسها التكنولوجيا الطبية والزراعة وتقنيات تصفية المياه والتنمية والأمن والتدريب العسكري، أي في كل الاحتياجات الأساسية للقارة الأفريقية.

وتوقع في حالة سريان الاتفاقية بشكل إيجابي أن تحدّ من التواجد  الصهيوني في القارة الأفريقية، وهو ما يتيح لمصر التواجد بقوة مكان إسرائيل في عدد من الأسواق الأفريقية، وخاصة في منطقة شرق ووسط أفريقيا.


 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في اقتصاد