: آخر تحديث
تلاقوا لأول مرة منذ 8 سنوات.. لكنه فصح كئيب

أرمن دياربكر: "تراثنا في خبر كان ولم يبق سوى الكنيسة"

31
31
33
مواضيع ذات صلة

دياربكر (تركيا): تفوح في شوارع دياربكر في جنوب شرق تركيا روائح فطائر "تشوريك" التي يعدها الأرمن لمناسبة عيد الفصح، فللمرة الأولى منذ ثماني سنوات تمكنت هذه الأقلية من التلاقي في كنيستها الأحد.

ظلت الكنيسة الأرمنية سورب غيراغوس، في هذه المدينة الكبيرة ذات الأغلبية الكردية، مغلقة منذ الاشتباكات بين الجيش التركي والمتمردين الأكراد في حزب العمال الكردستاني في 2015-2016 والتي ألحقت أضرارًا بالغة بها، تاركة الجماعة الأرمنية الصغيرة في المنطقة من دون مكان للتلاقي.

والكنيسة التي رُمّمت مؤخرًا هي أحد المعالم القديمة النادرة في حي سور في وسط دياربكر التاريخي الذي دُمّر بالكامل تقريبًا أيضاً.

يطلق المسلمون على المنطقة تسمية "حي الكفار"، في إشارة إلى سكانها السابقين من المسيحيين. كانت تعرف بشوارعها الضيقة وبيوتها القديمة المصنوعة من الحجر البركاني الأسود الذي يميّز المباني في المدينة.

ولكن بات المكان يضم حالياً طرقات واسعة وفيلات ومتاجر جديدة، إلى جانب ما تبقى من المدينة القديمة.

شكل قطاع البناء لمدة سنوات إحدى ركائز السياسة الاقتصادية للرئيس رجب طيب إردوغان، وغالبًا على حساب حماية التراث الثقافي، ما مهد لتغيير معالم المكان.

وقال غفور اوهانس تركاي أحد أعضاء المؤسسة التي تدير الكنيسة "كنا قبلا نمازح بعضنا بعضا قائلين +رحل الكفار، لكن الحي موجود+. لكن بسبب الاشتباكات، فُقد الحي أيضًا. وأخشى أن لا نتمكن أبداً من استعادة الأجواء عينها مجدداً".

وأضاف "إنه احتفال كئيب. الوضع برمته لا يشبه ما كان عليه في السابق".

في العام 2011 سمحت أول عملية ترميم للكنيسة بإعادة تشكيل المجتمع الأرمني في المدينة بعدما اعتقد كثيرون أنه انقرض جراء مجازر العام 1915 والتمييز والعنف، إذ دفعت هذه الممارسات معظم الأرمن إلى المغادرة إلى اسطنبول أو أوروبا، حتى ثمانينات القرن الماضي.

وأعاد كثر ينتمون الى عائلات أرمنية اعتنقت الاسلام إحياء الروابط مع ثقافتهم الأصلية من خلال أنشطة، مثل المشاركة بوجبات غداء أو دورات لتعلم اللغة الأرمنية نظمتها الكنيسة.

وينتمي تركاي بدوره إلى أسرة اعتنقت الإسلام لتنجو من الإبادة التي قادتها السلطات العثمانية في العام 1915. وقال "ينتمي حالياً ما بين 50 إلى 60 شخصًا رسميًا إلى الجالية الأرمنية في دياربكر، لكن عددا كبيرا من الناس يشاركون باحتفالات الأعياد والطقوس الدينية بسبب وجود العديد من الأرمن الذين اعتنقوا الإسلام في هذه المنطقة".

ووجه إغلاق الكنيسة لثماني سنوات ضربة قاسية لهذا الجماعة التي تعيد تكوين نفسها.

تؤدي الكنيسة حالياً دورًا جديدًا إذ توفر مكانًا نادرًا يعثر فيه السكان على آثار من دياربكر القديمة.

وفي حين ينتقد السكان الأجزاء التي أعيد بناؤها في المدينة القديمة، لا يفارق الناس حديقة الكنيسة حيث يوجد مقهى.

وقال عرفان الذي يقصد هذا المقهى باستمرار "أجلس هنا فقط. أرفض الذهاب إلى مكان أبعد. تؤلمني رؤية الحي على هذه الحال".

وقال حكمت وهو أحد زبائن المقهى أيضاً "نقاطع الأماكن الأخرى. ولكن الأمر مختلف هنا".

واعتبرت سيلفا أوزييرلي وهي أرمنية من دياربكر جاءت من اسطنبول للاحتفال بعيد الفصح أنّ "الكنيسة تمثل بالنسبة لجميع السكان، مسيحيين ومسلمين، رابطاً مع دياربكر التي اختفت". وأضافت "يمكننا أن نتنفس هنا، الأجزاء التي أعيد بناؤها تخنقنا".

وتابعت "نجد هنا آثار الماضي المفقود. أتجنب الأجزاء التي أعيد بناؤها لأنني أريد أن أحافظ على ذكرى الحي كما كان خلال طفولتي".

ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 14 أيار/مايو، يعتقد عدد قليل من هؤلاء أن تغييرًا محتملًا في السلطة يمكن أن يسمح بترميم الحي على أسس تحترم تراثه الثقافي.

وقالت أوزييرلي "عيد الفصح يعني القيامة والولادة الجديدة. أود الاحتفاظ بالأمل، لكن استعادة الحي كما كان في الماضي تبدو أمراً مستحيلاً". وأضافت، "اليوم أشكر الله لأنه حافظ على كنيستنا على الأقل".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار