: آخر تحديث

مارك سافايا مبعوثًا لترامب: سياق سياسي أم مكافأة انتخابية؟

2
2
2

أعلنت إدارة الرئيس دونالد ترامب مؤخرًا تعيين رجل الأعمال الأميركي من أصل عراقي مارك سافايا مبعوثًا خاصًا إلى العراق. الخبر أثار جدلًا واسعًا بين المراقبين في واشنطن وبغداد: هل الخطوة دبلوماسية محكومة بحسابات جيوسياسية بهدف الضغط على نفوذ إيران في العراق، أم أنها نتيجة علاقة شخصية ومكافأة سياسية لفاعل انتخابي؟ هنا نحاول ربط ثلاث حقائق مقدَّمة بتحليلات الصحافة العالمية والعراقية واستخلاص الاستنتاجات الممكنة.

علاقة ترامب بسافايا ودوره في دعم الحملة
ترامب روّج للتعيين وذكر أن سافايا ساهم في تعبئة أصوات مهمة لصالحه في ميشيغان خلال الحملة، وهو ما ظهر في تغطية عدد من الصحف الأميركية المحلية والوطنية. التعيين جاء بعد ذكر واضح لدور سافايا في الوصول إلى فئات ناخبة حساسة في الولاية، وهو ما يضع بعدًا عمليًا: الرجل ليس فقط اسمًا مألوفًا لدى الرئيس بل عنصر ساهم في حسابات سياسية انتخابية.

ما يعنيه ذلك: عندما يعيّن رئيسٌ مبعوثًا كان له دور انتخابي في فوز هذا الرئيس، فثمّة على الأقل دافعان متداخلان — الأول شخصي/مكافئ، والثاني سياسي: تثبيت قنوات اتصال موثوقة مع شخص يُنسب إليه ولاء ونجاح انتخابي. الصحافة ربطت هذا البعد بقراءة أن التعيين يحمل طابع المكافأة والموثوقية الشخصية، وليس بالضرورة معيار الكفاءة الدبلوماسية التقليدية.

سافايا رجل أعمال — وليس دبلوماسيًا مخضرمًا
التقارير المحلية والوطنية بوضوح تصف سافايا بملهم أعمال في قطاع القنب (Cannabis) في ميشيغان، ومؤسس سلسلة متاجر محلية، مع خبرة قليلة أو منعدمة في الجهاز الدبلوماسي أو المناصب الحكومية التقليدية. الصحافة العراقية والعالمية سلطت الضوء على هذا التباين بين مهنة المبعوث التقليدية (دبلوماسي أو خبير سياسة خارجية) ومهنة سافايا التجارية.

تداعيات واقعية:
مبعوث من خلفية تجارية قد يقدم منهجية «صفقات» و«قنوات غير رسمية» أسرع من القنوات الدبلوماسية التقليدية — ذلك مفيد عندما يريد البيت الأبيض تحريك ملفات محددة بسرعة.

في المقابل، يثير تعيين شخص من خارج المؤسسة خبرة ومخاوف بغداد وطهران من أن الرسائل ستكون شخصية/سياسية أكثر من أن تكون مؤسساتية، ما قد يزيد الشكوك حول النوايا ويقوض قدرة المبعوث على العمل كوسيط محايد. تقارير الصحافة ربطت هذه النقطة بردود فعل عراقية متباينة، من الترحيب الرسمي إلى التحفظ والريبة من قبل قوى محسوبة على إيران.

تلميح ترامب في شرم الشيخ عن نفط العراق — إشارة أم تصريح تكتيكي؟
في كلمته بمؤتمر السلام في شرم الشيخ أشار ترامب إلى ثروة العراق النفطية بقالب نقدي/تلميحي بأن البلد «يمتلك الكثير من النفط ولا يعرف كيف يستغله» (تعابير التغطية نقلت عبارة مماثلة)، وهذه الجملة لقيت رواجًا في وسائل الإعلام المحسوبة عالميًا ومحليًا. مثل هذا التصريح، مع تعيين مبعوث يحمل ولاءً شخصيًا لترامب، يفتح باب تفسير تفصيلي: هل ثمة نية أميركية لإعادة فتح ملفات استثمارية/اقتصادية وسط نَفَس دبلوماسي جديد يقوده مبعوث شخصي؟ أم أن العبارة مجرد تعليق سياسي عام؟

القراءة الأعمق: الحديث عن النفط لا يكون بريئًا في العراق. صحافة العالم ربطت الاقتباسات والنبرة بتحذير غير مباشر: واشنطن ترى أن الموارد العراقية لم تُستغل لصالح الاستقرار والتنمية، وأن هذا الفراغ قد يُستثمر سياسيًا من قبل قوى إقليمية (وفي القراءة الضمنية تُعد إيران أحد أطراف النفوذ). تعيين مبعوث شخصي قد يُستخدم كأداة لتنسيق ملفات استثمار، مراقبة صفقات الطاقة، أو الضغط من أجل إصلاحات في قطاع النفط والشفافية. لكن لا توجد حتى الآن وثيقة أو تصريح رسمي يقول إن هدف التعيين هو «إبعاد العراق عن إيران عبر النفط» — الصحافة تصف العلاقة بأنها ضمن إطار فرض تأثير سياسي واقتصادي أوسع.

كيف ربطت الصحافة العالمية والعراقية النقاط الثلاث؟
الصحافة الأميركية والمحلية في ميشيغان ركزت على بعديْ: دور سافايا في الحملة وكونه رجل أعمال قنب معروفًا محليًا (تغطيات محلية ووطنية). هذا أسهم في رواية "مكافأة سياسية".

الصحافة الإقليمية (بما في ذلك وسائل عربية وعراقية) أبرزت البعد الجيوسياسي: كيف يمكن لمبعوث شخصي سريع التحرك أن يخدم أهداف واشنطن في الحد من نشاط الفصائل المسلحة أو الضغط على بغداد لتبني مواقف أقرب إلى المصالح الأميركية، لا سيما في ملفات الوجود العسكري والصفقات الاقتصادية. لكنها في الوقت نفسه سلطت الضوء على مخاوف من أن اختيار شخصية ليست من جهاز السياسة الخارجية يعقد العلاقات الرسمية ويثير الريبة.

خلاصة واستنتاجات — ماذا نتوقع؟
1. تعيين مزدوج الأبعاد:
 القرار يجمع بين مكافأة سياسية لشخص دعم حملة ترامب، وبين محاولة استثمار شخصية موثوقة لدى الرئيس لفتح قنوات سريعة مع بغداد في ملفات حساسة.

2. أداة غير تقليدية: السلوك المتوقع من مبعوثٍ من خلفية تجارية سيكون عمليًا وتركيزه على نتائج قابلة للقياس (صفقات، تفاهمات أمنية فورية، قنوات اتصال بديلة)، لكنه سيعاني من نقص غطاء مؤسسات الدبلوماسية التقليدية.

3. النفط كخلفية استراتيجية، لا كهدف معلن: تصريح ترامب في شرم الشيخ أعطى بعدًا اقتصاديًا للخطوة، لكن لا دليل على أن البادرة هي حملة منظمة لانتزاع السيطرة على النفط. الأرجح أنها محاولة لاستخدام الملف الاقتصادي للضغط السياسي — وهو ما تراه الصحافة كأداة ضمن مجموعة أدوات التأثير الأميركية.

4. ردود فعل بغداد وطهران سترسم المسار: إذا تعاملت بغداد بترحيب مؤسسي ومنحت المبعوث قنوات رسمية، قد يتحول دوره إلى جسر مفيد. أما إذا استُقبل بتوجس أو رفض، فستكون النتيجة مزيدًا من الاحتكاك والتصعيد السياسي داخل العراق وفي علاقاته الإقليمية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.