: آخر تحديث

عن أي شعب يتحدثون؟

2
1
1

هناك أحداث ومسائل تأريخية قابلة للتكرار ولكن في ظل ظروف وعوامل تمهد لذلك، في حين هناك وعلى الضد من ذلك، أحداث ومسائل تأريخية محددة لا يمكن أن تتكرر بعد أن يتبين بأنها لم تكن كما كان التصور السائد، ونتحدث عن حرب الثمانية أعوام بين إيران والعراق، حيث استغلها الخميني وقتها لكسب الشعب باستغلال المشاعر الوطنية، ولكن وبعد انتهاء الحرب بتجرع خميني لكأس سم قبوله بوقف إطلاق النار وما حدث بعدها للشعب الإيراني في ظل حكم هذا النظام عندها أدرك الشعب فداحة الضريبة الباهظة التي يدفعها لهذا النظام.

حرب الأعوام الثمانية مع العراق لم تكن لتحدث لو لم تكن هناك مخططات مشبوهة للخميني ونظامه من حيث السعي لفرض نفوذهم وهيمنتهم على بلدان المنطقة وخصوصاً العراق، وإثارة الحروب والأزمات التي صار الشعب الإيراني يعلم جيداً بأنها من صنع هذا النظام، جعلت الشعب الإيراني يقف على مسافة كبيرة من النظام وحروبه وأزماته المفتعلة، وما حدث أثناء الحرب مع العراق لا يمكن أن يتكرر مرة ثانية في ظل هذا النظام الذي صار أشهر من نار على علم من حيث ولعه المفرط بإثارة الحروب والأزمات.

"إنَّ الشعب الإيراني بدعمه الشامل للقوات المسلحة والمسؤولين في البلاد وجه أكبر ضربة لمخططات العدو وأفشل مشروعه لتقسيم إيران"، هذا ما قاله محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى الإسلامي، في كلمته قبيل جدول الأعمال خلال الجلسة العلنية لمجلس الشورى صباح يوم 26 آب (أغسطس) 2025، وهو تكرار لما ورد على لسان الولي الفقيه علي خامنئي وقادة النظام، في وقت يعلمون جيداً أن هذا الكلام أبعد ما يكون عن الحقيقة والواقع، وإن الإجراءات الأمنية غير المسبوقة التي قام النظام بها عشية حرب الأيام الـ12، إنما كانت من أجل الحيلولة دون اندلاع احتجاجات كانت ستتطور إلى انتفاضة ضد النظام.

تكرار هذا الزعم الواهي بدعم الشعب للنظام ووقوفه إلى جانبه أثناء حرب الأيام الـ12، والذي لا وجود له إلا في مخيلة قادة النظام الإيراني، يأتي في وقت تنقل فيه تقارير صحفية عن مواطنين إيرانيين قولهم إنهم قد سأموا من أجواء الحروب والأوضاع الاستثنائية ويريدون العيش في ظل ظروف وأوضاع طبيعية تماماً مثل شعوب بلدان العالم، وإن ما دفعوه ويدفعونه من ضريبة باهظة عن السياسات الطائشة للنظام على صعيد المنطقة والعالم، قد جعلهم يعانون من أسوأ أوضاع معيشية واجتماعية، وشعب بهذه الحالة وقد وصل به الحال إلى أسوأ ما يكون، ليس هو ذلك الشعب الذي يتحدث عنه قاليباف وخامنئي وغيرهما، بل هو شعب لا وجود له أصلاً!

هذا النظام من حيث قلبه للهزيمة نصراً، وتغييره لرفض الشعب للنظام وسعيه لإسقاطه إلى العكس من ذلك، وذكره لسيناريوهات واهية عن مخططات خارجية تستهدف وحدة إيران من أجل خلط الأوراق وخداع الشعب والتمويه عليه، كل هذا وغيره من الأمور والمسائل الأخرى المشابهة، لم تعد تنطلي على أحد لأن زمن هكذا مزاعم مخادعة قد ولى إلى غير رجعة، وإنه في الدقائق الأخيرة من الوقت الإضافي لمباراة أرهقت الشعب الإيراني كثيراً وكل المؤشرات تؤكد بخسارته لها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.