: آخر تحديث

مؤخرة دونالد ترامب!

13
10
8

تنوع شعوب أميركا وتعددها العرقي والثقافي، لم يبقِ تعريفاً قيمياً محدداً لوظيفة المؤخرة في جسم الإنسان، حسب الرؤية الأميركية، سوى أنها تكوّر لحمي يضم نافذة لاستخراج الفضلات الصلبة والغازية من جسم الإنسان. وإذ يرفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب نسبة الضرائب على الدول التي تصدّر بضائعها إلى أميركا بنسب غير مسبوقة، فإن ارتفاع الشعور السياسي المتعالي دفع زعيم أميركا الجمهوري ترامب إلى القول: رؤساء العالم سيأتون لنا لتقبيل مؤخرتي لكي نعقد معهم صفقات، ونخفض لهم الرسوم!

مؤخرة ترامب كناية عن مؤخرة أميركا، وفرط قسوتها في معاقبة العالم اقتصادياً عن طريق رفع الرسوم الجمركية ضدها. وإذ يذهب المختصون بالاقتصاد السياسي إلى تعليل هذا الإجراء الأميركي للتخفيف عن ديون أميركا الهائلة، فإن بعضهم يؤكد دورة جديدة لبعث اقتصاديات أميركا التي باتت تعيش مخاوف حقيقية من الغول الصيني!

لماذا تنظر أميركا إلى العالم من خلال مؤخرتها؟  

لأنها مؤخرة تخرج روائحها بأنماط من الثقافة الديمقراطية للشعوب التي أماتتها سلطات الاستبداد الوطني والصراعات المسلحة وحروب الطوائف، مؤخرة تصدّر الدولار والأساطيل وأحدث الطائرات القادرة على إنجاز مشاهد حيّة من تفاصيل جهنم على الأرض.  

إقرأ أيضاً: انتصار العقل السياسي الكردي

أصبحت مؤخرة أميركا قبلة رؤساء الدول في ممارسة التقبيل وتلقي عطاياها، من هنا فإنها أثقل عجيزة متهدلة في حداثة العهر السياسي وشهوة الانتقام وفق منهج ارتفاع النزعة الإمبريالية!

كان الشاعر السوري محمد الماغوط يصف باستعارة نقدية ساخرة ماضي الأمة العربية وصراعاتها المذهبية الكثيرة بقوله: ما من أمة بالتاريخ لها مثل هذه العجيزة المترهلة!  

ولا أعتقد توجد أشهر من مؤخرة عارضة الأزياء الأميركية من أصل أرمني، كيم كارديشيان، التي أصبحت الموضة الأكثر انتشاراً في أميركا، لكن تبقى مؤخرة دونالد ترامب تمثل سلطة في النظام الرأسمالي، فهي تتبرز على أنظمة الشرق الأوسط الفقيرة، وتطلق ريحها على دول أوروبا، لكن تخشى ركلة القدم الصينية، ربما تشقها نصفين إذا ركزت بضربتها على خفض أكبر للسلع التي تعتاش عليها أنظمة الدول الفقيرة والغنية على حد سواء، وتوفر على رؤسائها مذلة تقبيل مؤخرة الرأسمالية الأميركية في أبشع حالات غرورها ونرجسيتها الفاقدة للذوق واحترام الآخر.

إقرأ أيضاً: أميركا وإيران: استسلام أم حرب؟

إعلان ترامب عن استعداد رؤساء العالم لتقبيل مؤخرته من أجل خفض الرسوم وعقد الصفقات، لا يمثل نزق ترامب ونرجسيته المتطرفة وحسب، بل يكشف عن انسلاخ قادة أميركا عن تعاليم الآباء المؤسسين لأميركا، والأسس التي وضعوها لنشر الحرية والديمقراطية ومساعدة شعوب العالم على ذلك، لكن المعيارية التي وضعها ترامب لعلاقة رؤساء العالم مع مؤخرته تجسد بنيته اللغوية كمعطى لجوهر الفكر الليبرالي المتوحش كما وصفها المفكر اليساري الأميركي نعوم تشومسكي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف