: آخر تحديث

حزب العنصرية في الكويت!

11
9
7

مرة أخرى، وليست الأخيرة، تنقسم الكويت اجتماعياً على أثر حملة عنصرية تستهدف ضحايا سحب جناسي مواطنات المادة الثامنة والأسر والأفراد المتضررة، وتوجيه روح ناطقة بلغة غير حضارية لا تحترم أدمية الناس وكراماتهم وظروفهم الأسرية والاجتماعية.

اختلط الكويتيون مع شعوب دول العالم في وقت مبكر جداً، عبر هجرات مختلفة وأيضاً نتيجة بعثات دراسية إلى الوطن العربي كمصر والعراق وإصدار الصحف والمجلات الثقافية في مختلف بقاع العالم.

ترك الكويتيون بصمات في التجارة والغوص والدراسة والسفر إلى دول العالم كالهند، ونتح عن ذلك اختلاط مع شعوب العالم، والتزاوج أيضاً، ولم تبرز أصوتٌ ناطقة بالتمييز ولا التمرد على هذه الحقائق التاريخية.

بعيداً عن مداخل تاريخ الكويت ورواياته المختلفة وتعقيدات التحليل والتفسير، إلا أنه كان لدينا واقع صدام اجتماعي بين طبقة مثقفة ومستنيرة، وأخرى غير مستعدة للتغيير والاندماج الثقافي والسياسي مع واقع ديمقراطي دستوري جديد.

الكويت دولة هجرات ومزيج من الأعراق، التي جاءت كنتيجة حتمية لزيجات مع نساء من أصول عربية وأخرى أسيوية وأجنبية من أمريكا وبريطانيا وبلدان أخرى. لم ينبهر الكويتيون في عالم خارجي بشكل عفوي، بل كانت الغايات والخلفيات الثقافية تلعب دورها بكل تلك المراحل.

المآخذ على مكونات المجتمع الكويتي من ناحية الأصل والأثر القبلي والطائفي والفئوي، بدأ يتمدد منذ زمن، ولعل الأبرز في السبعينات والثمانينات وما تلي ذلك من محاصصة قبلية وطائفية وفئوية.

الحكومات الكويتية كانت أول جهة رسمية تتبنى المحاصصة القبلية والطائفية، وانتقلت العدوى إلى الانتخابات النيابية، التي كثيرا ما تعرضت إلى نكسات وتغييرات وأخرها الصوت الواحد الذي كرس العصبيات الاجتماعية!

جيل اليوم، بالتأكيد، مختلف تماماً عن جيل الستينات والسبعينات والثمانينات مما عمق فجوة التفاهم والاتصال والتواصل التي كانت سائدة في تلك المراحل التاريخية مع أجيال اليوم والمستقبل.

نعلم متى جاءت العائلة الفلانية واستوطنت الكويت بعض أفرادها أو جميهم، وهي حركة هجرات طبيعة، لكن غير الطبيعي بوجهة نظر محايدة ما طال الجنسية الكويتية من تزوير وتدليس وسهل هذه العمليات والإجراءات من دون محاسبة قانونية وسياسية!

لا يختلف اثنان على أهمية المحافظة على الهوية الوطنية، والتصدي الحازم لملفات التزوير والتدليس كما ورد في أكثر من توجيه وخطاب سامي، لكن ثمة جوانب غير مدروسة اجتماعياً ونفسياً أو تحتم المراجعة وهو ما يتعلق بملف سحب جناسي المادة الثامنة.

ثمة أبعاد نفسية واجتماعية لملف جناسي المادة الثامنة، التي تستوجب التوقف عندها ومراجعتها من منظور أبوي وإنساني، فنحن نتحدث عن أجيال انفصلت تماما عن بلدانها ومجتمعاتها منذ عشرات السنين، وليس كحال البعض الذي يحصد الامتيازات المالية وهن في الخارج ولا علاقة لهن في الكويت!

الكويت تعيش اليوم تحت وطئه انبهار في الإجراءات والقرارات الصارمة لتصحيح ملف الهوية الوطنية، وخصوصا في ضوء عدم وجود مقدمات في عهود سياسية سابقة لهذا الملفات الشائكة، في حين يستغل البعض حناجر العنصرية والشماتة في تأجيج صراع على الهوية وارتكاب مجزرة اجتماعية!

التوجيهات السامية، بلا شك، تهدف إلى الإصلاح والتصدي للتزوير والمحافظة على الهوية الوطنية، لكن، للأسف، لدينا أبواق العنصرية، والشماتة لدجة مقززة ومنفرة وقاتلة إذا ما أخذنا بالاعتبار أن لدينا أسر كاملة من أفراد متضررة وأحفاد لا ذنب لهم في ملف المادة الثامنة.

حزب العنصرية غير المعلن وغير المرخص، يمارس أبغض اشكال العنصرية في تأجيج روح ناطقة بالتمييز العنصري، وتمزيق نسيج فئة أخرى كتعبير للمحافظة على الهوية الوطنية من دون النظر إلى جوانب نفسية واجتماعية معقدة وقد تزداد تعقيدا من ناحية سياسية وحقوقية!

لدينا قانون الوحدة الوطنية لسنة 2012، ولكنه غير مفعل في وسائل التواصل والإعلام عموما من قبل وزارة الإعلام، لذلك تشيع الفوضى بدلا من التنظيم وتتمدد مجازر اجتماعية جديدة!

*إعلامي كويتي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.