: آخر تحديث

حقل الجافورة

1
0
1

لا يخفى على أحد أهمية ودور المملكة كأحد أهم منتجي البترول في العالم، ومع اكتشاف حقل الجافورة ستتحول المملكة إلى عصر جديد في تصدير الغاز الطبيعي، ما سيجعل الكثير من الدول المصدرة للنفط تعيد ترتيب أوراقها، خاصة أنَّ رؤية المملكة للمستقبل النفطي أصبحت تتجه لتعزيز الاقتصاد نفطياً وصناعياً، عن طريق دعم المشروعات الصناعية والاستثمارية، وهي الرؤية التي تضمن تنوعاً اقتصادياً يوسع من دائرة الصادرات خارج إطار النفط والمحروقات، خاصة أن الصناعة ترتبط بشكل وثيق بالمحروقات في ظل اتجاه العالم إلى الصناعة.  

وأود التأكيد هنا على أنَّ إنتاج النفط لن يتوقف، فالتحول لن يكون بنفس الزخم مقارنة بالاستثمارات النفطية، لكنه سيكون تحولاً بنسبة «ضئيلة» مع تحول مستقبل الطاقة، الذي سيظل وسيطاً ومحفزاً للصناعات المحلية والمنتجات الاستهلاكية والمصدرة للخارج.  

إقرأ أيضاً: مغارف المعارف والإناء المعرفي

وعلى كل الأحوال، لن تؤثر الثورة الصناعية على النفط في ظل المخاوف من التغير المناخي للمستقبل النفطي؛ لأن صناعة النفط، خاصة بالمملكة، مشرقة وجزء لا يتجزأ من التحدي المنتظر لتغير المناخ، وهو الأمر الذي تتعامل معه السعودية بجدية شديدة لتتحول إلى دولة صناعية بجانب كونها دولة مصدرة للطاقة.  

وسيعود هذا الأمر بنتائج إيجابية رائعة، منها أنه سيوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للمواطن، كما أنه سيضع المملكة في المرتبة الثالثة عالمياً كواحدة من أهم وأكبر الدول المنتجة للغاز مع حلول عام 2030، وهو ما يعكس حالة التحدي والقوة التي تعيشها المملكة، خاصة بعد رؤية الغرب بأن استثمار حقل الجافورة أمر يكاد يكون مستحيلاً بسبب احتياج الحقل إلى الماء المعالج والرمال، ما جعل عملاق النفط أرامكو يستعين بمياه البحر ويكتشف محلياً نوع الرمال المطلوبة لاستثمار المشروع والعمل بكد واجتهاد للانتهاء منه.  

إقرأ أيضاً: قراءتي لشخصية ترامب

وقد كتبت قبل فترة أن الطفرة النفطية غير المسبوقة هي ما يميز السعودية، حيث يجعلها الدولة الوحيدة بين الدول المنتجة للنفط التي تحافظ على فائضها النفطي، والذي يعوضها في حال حدوث أي نقص في إمدادات الأسواق العالمية عند وقوع كوارث طبيعية أو حروب، وهو ما بدأت تلوح به أزمة انتشار فيروس كورونا العالمية، بعد انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها مسجلة تراجعاً بلغ نسبته 5 بالمئة، وهي نسبة لم تحدث منذ عام، وسط ترقب ومخاوف كبيرة بشأن تداعيات تلك الأزمة الغامضة التي ضربت معظم دول العالم، وهددت منتجي النفط بشكل رئيس بسبب تخوف الدول المنتجة للنفط من تراجع الطلب على الطاقة.  

هذه الضربة الاقتصادية الموجعة بدورها ستفتح أبواباً لاضطرابات إقليمية، خاصة بعد تضرر الصين، وهي واحدة من أكبر الدول المستوردة للنفط، إذ سينخفض تصدير النفط إلى الصين من مليوني برميل يومياً إلى 500 ألف برميل إذا استمرت الأزمة لفترة طويلة بسبب تراجع الطلب، الأمر الذي يعني تراجعاً حاداً في الإيرادات العامة قد يصل إلى 4 مليارات دولار شهرياً، بواقع خسارة 137 مليون دولار يومياً. ومع التفكير في كل الاحتمالات المرجحة لتوابع فيروس كورونا، فإن الاستقرار الاقتصادي أمر مرجح أيضاً إذا ما وُجد حل سريع لتلك الأزمة، التي تعمل عليها منظمة الصحة العالمية بشكل جاد.  

إقرأ أيضاً: معقول تهزئة زيلينسكي متفق عليها؟

وبدورها، تبذل أرامكو جهداً مضنياً في طمأنة الأسواق إقليمياً وعالمياً لإعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي، حتى لا تتأثر أسواق النفط بشكل دراماتيكي بالأحداث السياسية والاقتصادية على الصعيدين، بجانب وضع السعودية استراتيجية جديدة لقطاع الطاقة ستمكنها من تحويل محطات الكهرباء من المنتجات النفطية إلى الغاز، وهو من أهم خطوات ترشيد الوقود التي ستخفض بشكل تدريجي تعرفة الاستهلاك للمواطن مستقبلاً، مع ضرورة تحفيز القطاع الصناعي للمساهمة في الناتج المحلي لتنويع الاقتصاد وتخفيض فرص الاعتماد الكلي على النفط حتى لا يتأثر المواطن بشكل كبير بالأزمة، وهو ما بدأ العمل عليه بالفعل من قبل الصندوق الصناعي السعودي عن طريق تحفيز المنشآت الصغيرة وريادة الأعمال لخلق بيئة صناعية قوية تحقق أهداف رؤية 2030 وبرامجها الوطنية. 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف