: آخر تحديث

منظمة الامم المتحدة: 76 عاماً في مواجهة التحديات

70
67
47
مواضيع ذات صلة

مقدمة
 سبق قيام الامم المتحدة منظمة دولية اطلق عليها عصبة الامم كانت اول منظمة دولية تلي الحرب العالمية الاولى من عام 1919 حتى 1945 وكانت العصبة غير قادرة على تحقيق السلم والامن الدوليين وغير مهيأة للقيام بدورها المطلوب نتيجة تأثيرات سياسية واقتصادية، وثبت فشلها فيعدم قرتها على منع قيام الحرب العالمية الثانية 1939-1945 وانتهت الحرب لتعلن نهاية العصبة وعهدها، فقرر المنتصرين في الحرب البحث عن منظمة اكثر شمولية واكبر تمثيلا واوسع اختصاصا، تمهيدا للمضي بتأسيس تلك المنظمة وقد سبق ذلك العديد من التصريحات الدولية التي صدرت عن الدول الكبرى وكشفت النية بإنشاء المنظمة الدولية مثل (تصريح الاطلنطي عام 1941) من الرئيس الامريكي روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل  ثم جاء (تصريح الامم المتحدة عام 1942)  الذي ذكر ولأول مرة عبارة الامم المتحدة، من خلال 26 دولة اعلنوا  اقرارهم للمبادئ التي وردت في تصريح الاطلنطي ثم اعقبه (تصريح موسكو 1943) الذي صدر عن ممثلي من الاتحاد السوفيتي (سابقا) والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والصين، بينوا فيهم الرغبة بإنشاء هيئة دولية لصيانة السلام والامن الدوليين، وفي العام نفسه صدر (تصريح طهران عام 1943) من روزفلت وستالين لغرض التوصل لسلام عالمي  ترضاه الغالبية العظمى من الشعوب، واعقب مرحلة التصريحات قيام مؤتمرات دولية  مثل (مؤتمر دومبارتون اوكسا عام 1944 ) و(مؤتمر يالطا عام 1945) ثم (مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945) الذي اسفر عن وضع ميثاق الامم المتحدة والتوقيع عليه في 26 حزيران 1945 من خمسين دولة اشتركت في اعمال المؤتمر من ضمنها العراق، واصبح ميثاق الامم المتحدة نافذا اعتبارا من 24 تشرين الاول 1945 وعقدت الجمعية العامة اول اجتماعاتها في 10 كانون الثاني 1946 في لندن  لتخرج المنظمة الى النور بعد ذلك، والى يومنا هذا. ويتم الاحتفال بيوم الأمم المتحدة في 24 تشرين الأول، اذ أوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1971 الدول الأعضاء بالاحتفال بهذا اليوم .

ميثاق الامم المتحدة 24 تشرين الاول 1945
يمثل ميثاق المنظمة الدولية معاهدة شارعة انضم اليها غالبية دول العالم، واصبحت طرفا فيه ومن ثم تلتزم تلك الدول بالعمل بموجبه، بما يتفق ومقاصد ومبادئ المنظمة الدولية، وقد جاء الميثاق متضمنا (19) فصلا و(111) وقد وقع عليه 50 دولة كان من بينها العراق الذي يعد من الاعضاء الاصليين في المنظمة فضلا عن ذلك فقد شارك العراق في اعمال مجلس الامن كعضو غير دائم مرتين: الاولى في عامي 1957-1958، والثانية في عامي 1974- 1975.

تهدف الأمـم المتحدة كما اشارت اليها المادة الاولى من الميثاق الى: حفظ السلم والأمن الدولي وإنماء العلاقات الودية بين الأمم وتحقيق التعاون الدولي، وجعل هذه الهيئة مرجعا لتنسيق أعمال الأمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة، اما بالنسبة لمبادئ المنظمة فقد بينتها المادة الثانية من الميثاق وهي: مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها، ومبدأ حسن النية ‏بالالتزامات التي أخذوها على أنفسهم بهذا الميثاق، كذلك يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية، ويمتنع أعضاء الهيئة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة ويقدم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى "الأمم المتحدة" في أي عمل تتخذه. وتعمل الهيئة على أن تسير الدول غير الأعضاء فيها على هذه المبادئ بقدر ما تفتضيه ضرورة حفظ السلم ‏والأمن الدولي.‏ واخيرا عدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي ‏لدولة ما.

تتضمن المنظمة ست اجهزة رئيسة وهي: الجمعية العامة التي تضم الدول الاعضاء كافة، ومجلس الامن يشمل 15 عضو منهم 5 دول دائمة العضوية، وهو المسؤول عن حفظ السلم والامن الدوليين (الجهاز التنفيذي في المنظمة) وقد اصدر ما يقارب 2573 قرار دولي في مجال حفظ السلم والامن الدوليين في مختلف الحالات وعلى الدول كافة، كذلك مجلس الوصاية والامانة العامة التي تضطلع بشتى الأعمال اليومية للمنظمة. وقد تعاقب على الامم المتحدة الامناء وهم كل من ( تريغف هالفدان لي) (داغ همرشولد)، ( يو ثانت)، (كورت فالدهايم) (خافيير بيريز دي كوييار) (بطرس بطرس غالي) (كوفي انان) (بان كي مون) والامين العام الحالي ( أنطونيو غوتيريس) اما محكمة العدل الدولية، فهي الجهاز القضائي الرئيس للأمم المتحدة. مقرها في لاهاي بهولندا. وتختص بتسوية المنازعات القائمة بين الأعضاء وإصدار فتاوى، واخيرا المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهو الجهاز الرئيس لتنسيق الأعمال الاقتصادية والاجتماعية.

الامم المتحدة والتطورات الدولية
المنظمة الدولية جاءت اثر حرب عالمية ثانية، ومن ثم لا بد ان يكون عملها معالجة الاثار التي تسببت في دمار الدول وضحايا الحرب، ومعالجة الأسباب، التي ادت اليها لمنع تكرارها في المستقبل، وكان للحرب الباردة دورا في التأثير على عمل المنظمة من خلال عجز مجلس الامن من اتخاذ قرارات مهمة لصالح بعض الدول بسبب التأثير السياسي، وما يتضمنه من وجود حق النقض (الفيتو) في عدم قيام مجلس الامن بدوره الحقيقي، مما ادى مثلا الى قيام الجمعية العامة باتخاذ قرارات تدخل في صميم عمل المجلس ابرزها  قرار الجمعية المرقم 377 عام 1950 في الازمة الكورية او ما يطلق عليه الاتحاد من اجل السلام، واثر هذا الخلاف الأيديولوجي على القيام بدورها المطلوب أثناء تلك الفترة التي امتدت من 1945-1990 ثم اعقب ذلك انتهاء الحرب الباردة وكانت جل القرارات التي طبقت طبقا للفصل السابع الذي يعد اهم فصول الميثاق او ما يطلق عليه البعض (فصل الحرب) طبق على العراق عام 1990 بشكل كامل، كما طبق على دول مثل الصومال وليبيا ورواندا ويوغسلافيا، وعدد اخر من الدول بشكل يعطي صورة واضحة على تغير معالم النظام الدولي وتأثير القرار الامريكي على المنظمة.

في ظل التسعينات بدت ملامح النظام الدولي تتغير فالنزاعات لم تعد قائمة على الحروب وما يتبعها بل تطور الامر الى مسائل تدخل ضمن البيئة والفقر والاوبئة والامراض وحقوق الانسان والديمقراطية وغيرها مما اعطى مساحة واسعة لتدخل الامم المتحدة بتكييف تلك المواضيع ضمن اختصاصها لمعالجتها كونها ترتبط ارتباطا مباشرا او غير مباشر بالسلم والامن الدوليين.

بدأت النزاعات القائمة  تتطور من نزاعات دولية الى نزاعات مسلحة غير ذات طابع دولي، ليبدا عمل جديد ومهم للمنظمة في معالجة تلك النزاعات، وهذا ما أعلنت عنه المنظمة من خلال رؤيتها في اجندة السلام عبر دور الامم المتحدة في الدبلوماسية الوقائية وبناء السلام وصنع السلام وحفظ السلام التي اطلقها الامين العام الراحل (بطرس بطرس غالي) لتكون مبادئ عمل في مرحلة التسعينات، تواكب التطورات الدولية، خصوصا وان تلك النزاعات بدت بتأثيرها الواضح على حقوق الانسان، في المناطق التي شهدت جرائم ابادة جماعية او جرائم ضد الانسانية او جرائم حرب،  فكان للمنظمة الدولية الدور في انشاء محاكم دولية ابرزها محكمة يوغسلافيا 1993 ومحكمة راوندا 1994 تمهيدا لأنشاء نظام قضائي دولي يعني بتلك الجرائم، تمثل في انشاء المحكمة الجنائية الدولية بموجب معاهدة روما 1998.

الذكرى ال 76 لقيام الامم المتحدة
تقف الامم المتحدة اليوم في ذكراها الـ 76 لتعبر عن رغبتها في تحقيق السلام، صون الامن تطبيقا لمقاصدها وعملا بمبادئها، خصوصا بعد التطورات الدولية المعاصرة، والتي كلفت المنظمة جهودا كبيرة في التدخل بالميدان وتسوية النزاعات باقل الاضرار والخسائر. فضلا عن المواضيع ذات التأثير البيئي والمناخي والامن الانساني وتأثير الاوبئة والامراض وغيرها من المسائل التي اضحت ميدان عمل المنظمة بعد ان كان لها دورا في تحجيم النزاعات او الصراعات الدولية بالدرجة الاساس.

ورغم التغييرات والتطورات وما نتج عن النزاعات وتغيير معالم الدول وقيام دول وانتهاء دول والتأثيرات التي لحقت بالإنسان اليوم، نتيجة هذه التغييرات سواء بسبب النزاعات ام بسبب البيئة ام الفقر ام الامراض ام بسبب الاوبئة وغيرها تقف المنظمة على اعتاب متغيرات جديدة ترافق هذا العالم الواسع والمتغير والمتطور، لتكون المكان الاكثر مقبولية لحل المنازعات الدولية، وتمتين العلاقات على الرغم من الكثير من المأخذ والملاحظات على عملها من دول العالم وتأثير القرار الدولي للدول الكبرى عليها، تحاول التعبير عن مدى تماسكها وتصميمها على الاخذ بشكل تجريدي وموضوعي لحل الاشكاليات العالمية والاقليمية.

76 عاما من العمل المستمر في ظل عالم ملئ بالمتغيرات الدولية والبيئية والانسانية، تحتفل المنظمة لتؤكد الاصرار على المواصلة دائما لعالم افضل تحقيقا للسلم والامن، بوصفه الهدف الرئيس من اهدافها، الذي يعد اساس لكل الاهداف، وتأسيا لكل المبادئ، وغاية دولية وانسانية في عالم الامس واليوم وعالم الغد بأجياله اللاحقة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي