: آخر تحديث

أردوغان والعثمانيون.. وحقائق الأمور

62
72
53
مواضيع ذات صلة

دأب رجب طيب أردوغان على تبرير تدخله الشائن في ليبيا، وقد تتْبعها تونس إذا تفوّق الإخوان المسلمون على مناهضيهم، بأنّ هذا البلد "أملاكٌ" عثمانية طالما أنها كانت تحت حكم العثمانيين، والمفترض أنّ الرئيس التركي يعرف أن الأتراك قد أخرجوا من أقطار الوطن العربي كلها بعد إسقاط إمبراطوريتهم وأنّ الوجود العثماني في البلاد العربية كان "إستعماراً" لا بل منْ أبشع وأسوأ أشكال الإستعمار، وإنّ حكم آل عثمان في هذه البلاد كان عامل تأخر وتجهيل وإفقار وتغييب لأمة عظيمة كانت إنجازاتها هائلة إنْ في عهد الخلفاء الراشدين وإنْ في العهد الأموي والعثماني وما تبعهما وبخاصة في بلاد الأندلس.

كان على رجب طيب أردوغان، الذي من المعروف أنّ "أجداده" كانوا وافدين على تركيا وأنّ "العثمانيين" هم الأتراك أهل الأناضول وأنّ "أردوغان" هذه التي ينتسب إليها هي قرية تقع ضمن أملاك روسيا القديمة، وإنّ إحتلال العثمانيين لها هو الذي جعل "جدود" الرئيس التركي يحزمون أمتعتهم ويأخذون إسم قريتهم "الروسية" هذه معهم، وحيث ساعدتهم الأقدار ليصبح أحد أحفادهم رئيساً لهذه الدولة التركية التي لا علاقة لها لا بالعثمانيين ولا بالعثمانية.

وبالطبع؛ فإنّ رجب طيب أردوغان إمّا أنه لا يعرف تاريخ الدولة العثمانية معرفة أكيدة أو أنه يعرفه ويتجنب ذكر الجانب الدموي والإستبدادي والأسود منه، وإلا لكان يعرف أنّ هناك جنرالاً عثمانياً إسمه جمال باشا "السفاح" قد علّق خيرة قادة ورجالات العرب على أعواد المشانق في دمشق "الشام" وفي بيروت.

والمفترض إذا كان رجب طيب أردوغان لا يذكر هذا فإنه بالتأكيد يعرف أنّ الأتراك هم من "هال" التراب على العثمانية والعثمانيين وأنّ مصطفى كمال "أتاتورك" قد تخلىّ عن إسطنبول كعاصمة للدولة التركية "الجديدة" وأختار أنقرة بديلاً لها، وأنّ دولته التي أقامها كانت دولة "علمانية" وهي حتى الآن علمانية لا يجوز أن يكون رئيسها المرشد الأعلى للإخوان المسلمين الذي هناك قرار كوني إلتزمت به معظم الدول الإسلامية لا بل كلها بإستثناء إستثناءات قليلة بأنهم تنظيم إرهابي لا يجوز الإقتراب منه وتجب محاربته والتصدي له.

ولهذا؛ فإنّ رجب طيب أردوغان عندما يقول أنه وريث العثمانيين وعندما يتصرف على أساس أنه المرشد الأعلى للإخوان المسلمين وهو رئيس دولة علمانية هي الدولة التي إستبدل بها مصطفى كمال (أتاتورك) الدولة السابقة فإنّ المفترض أنّ يتصدى له الأتراك الذين يرفضون العثمانيين والعثمانية والذين يتمسكون بدولتهم الديموقراطية ولا يقبلون أنْ يكون عهد رئيسهم هذا عهد السجون التي تطفح بالمعتقلين وتغرق بالفساد.. ثمّ كيف من الممكن يا ترى أنْ تكون هذه الدولة علمانية ويكون رئيسها في الوقت ذاته "المرشد الأعلى" لتنظيم دولي صدر بحقه قرار كوني بأنه منظمة إرهابية؟!.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.