: آخر تحديث

إيران وصفقة القرن

73
77
68

كما هو معروف، تستثمر إيران في قضايا العرب من باب الشعارات والمزايدات، ولعل أهم شعار تاجرت به إيران في المنطقة العربية هو شعار القضية الفلسطينية. فإيران (وفي العقدين الأخيرين دخلت تركيا كذلك على الخط) التي ظلت تتاجر بشعارات القضية الفلسطينية، تعرف تماماً أنها تفعل ذلك ليس لإثبات قدرتها على مواجهة إسرائيل، ولكن من أجل المزايدة وكسب الأتباع في المنطقة العربية عبر رفع الشعارات الطنانة. 

وحتى إلى عهد قريب،  ولاسيما منذ إبرام الاتفاق النووي معها في العام 2015 من قبل الولايات المتحدة ومجموعة 5 + 1 تغافل ذلك الاتفاق عن الدور التخريبي لإيران في المنطقة العربية، ولم يشمله ضمن إطار الاتفاقية. الأمر الذي منح إيران إدماجا مجانياً في منظومة الشرعية الدولية فكت به عزلتها، وجنت من خلاله فوائد كثيرة حيث عادت له كثيرون من أموالها المجمدة. 

اليوم مع حزمة العقوبات القاسية جداً إثر انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، وبعد مقتل أقوى رجل لإيران في الشرق الأوسط ومهندس الخراب العام في المنطقة العربية قاسم سليماني ، تأتي صفقة القرن في ظل اختبار قوي لإيران، ولرصد ما إذا كان للدور الإيراني قدرة على المزايدات غير الخطابية ، من مثل ما كانت تقوم به إيران عبر وكلاءها في المنطقة العربية، لاسيما في لبنان وفلسطين. 

بات الجميع مدركاً أن إيران أكثر حذراً وخوفاً اليوم من الولايات المتحدة بعد أن لمست جدية ترامب عقب مقتل سليماني. وبعد ردها الكاريكتوري على مقتل سليماني، ولهذا فإن إعلان ترامب لصفقة القرن يوم 28 يناير الماضي أتى في جملة ما أتي إليه، اختباراَ لردود الفعل التي يمكن على ضوؤها السير في مسار الصفقة. وذلك بوضع إيران، في ظل المعطيات الجديدة، أمام محك اختبار جديد وحرج لمعرفة ما إذا كانت قد استوعبت الدرس أم لا. 

في تقديرنا، أن إيران استوعبت الدرس تماماً، ولن نرى ردود فعل من شاكلة تلك التي نراها دائماً في أفعال وكلاء إيران كلما كانت الأخيرة تمارس عليها ضغوط سواءً أكانت ضغوطاً داخليةً أم خارجية. 

لن تمر بعد اليوم ردود فعل عبثية تجنى ثمارها إيران وتجلب الضرر على البلدان العربية، كما فعل حزب الله في حربه ضد اسرائيل العام 2006 مما تسبب في إلحاق الضرر البالغ بالبنية التحتية للبنان وأدى إلى خضوع لبنان تحت اشراف قرار أممي. 

بطبيعة الحال ربما تعلم إيران على أعمال دعائية للفت الأنظار لكنها غالباً ما ستكون على شكل مؤتمرات أو مهرجانات خطابية، أو القاء كلمة للولي الفقيه خامنئي والسلام. 

إن مشكلة مواجهة صفقة القرن عربياً تحتاج إلى تفكير استراتيجي وبراغماتي في الوقت نفسه، تفكير  عليه أن يدرك تماماً أن ميزان القوى اليوم لا اقليمياً ولا دولياً يصب في صالح القضية الفلسطينية، ومع ذلك، ورغم قرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن والتضامن الوجداني من طرف دول العالم في جلسات الأمم المتحدة، على العرب أن يعرفوا كيف يتعاطوا مع وضع جديد كهذا الذي أصبح عليه مصير القضية الفلسطينية. 

لكن في كل الأحوال لا ينبغي للعرب أن يظنوا خيراً في النظام الإيراني الذي أسس فيلقاً أسماه فيلق القدس، لكي يعيث به خراباً في 4 عواصم عربية ولكي يزعزع استقرار تلك العواصم العربية الأربع ويجعلها في مهب الريح، بعيداً عن زعزعة إسرائيل أو تل أبيب. 

صحيح أن أوضاع العرب اليوم ليست على ما يرام، لكن حق العرب والفلسطينيين لا يجب تستثمره دول إقليمية  من أجل مصالحها الخاصة كإيران وتركيا. 

 

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في