: آخر تحديث

المملكة.. من الندرة إلى قيادة عالمية في تحلية المياه

2
2
2

تجاوزت السعودية التعامل التقليدي مع التحدي الجغرافي المتمثل في شح المياه، ورسخت أرضها كأكبر مختبر عالمي لتطوير تقنيات تحلية المياه، لتصبح اليوم الرائدة عالميا في إنتاج المياه المحلاة وامتلاك الخبرة التراكمية في هذا القطاع الاستراتيجي.

هذه الريادة هي نتاج "معادلة وطنية دقيقة" ربطت بين الابتكار، والتشغيل الفعال، واستدامة الموارد. فمنذ عقود استبدلت المملكة الحلول المؤقتة ببناء صناعة وطنية متكاملة قادتها الهيئة السعودية للمياه.

وفي الوقت الذي تتفاقم فيه ندرة المياه حول العالم، مهددة الأمن الغذائي والتنمية في العديد من القارات، برزت تقنية التحلية كخيار استراتيجي لا غنى عنه، ومع تصاعد التحديات المناخية والنمو السكاني المتسارع، يتجه الاهتمام الدولي نحو ابتكار حلول مستدامة ومنخفضة التكلفة، وهو المجال الذي وضعت فيه السعودية بصمتها القيادية بتوفير نموذج عملي أثبت فعاليته على نطاق ضخم.

لذا تتصدر السعودية المشهد العالمي بأكبر بنية تحتية للتحلية على الكوكب، وتنتج ما يزيد على نصف المياه المحلاة في المنطقة. وقد شهد القطاع تحولا نوعيا من التحلية الحرارية كثيفة الطاقة إلى تقنية التناضح العكسي، كمنهج اقتصادي يقلل الاستهلاك والانبعاثات بشكل غير مسبوق.

وتتجسد المكانة القيادية للبلاد في استضافتها المرتقبة؛ إذ تستضيف مدينة جدة النسخة الرابعة من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (IDWS 2025)، خلال الفترة من 8 إلى 10 ديسمبر الجاري كمنصة دولية للحلول التي تعيد تشكيل مستقبل الموارد المائية عالمياً.

لم يكن مشروع التحلية مجرد تحديات هندسية، بل تحول اليوم إلى بناء "قدرة وطنية استراتيجية" ضمن مستهدفات ومحددات رؤية البلاد 2030.

اليوم.. يقود المهندسون السعوديون أكبر المحطات، وتتحول الأبحاث المحلية إلى براءات اختراع دولية، حيث تتجه المملكة بقوة نحو إنشاء محطات "صفر انبعاثات"، وتطوير شبكات نقل وتوزيع تعتمد على الذكاء الاصطناعي لخفض الفاقد، هذا التحول الاستراتيجي جعل السعودية أكبر مطور لمستقبل التحلية.

أصبحت البلاد اليوم، بخبرتها التقنية المتقدمة وقدراتها الإنتاجية الضخمة وكفاءاتها الوطنية المؤهلة، مُصدرة لخبرتها في قطاع التحلية إلى دول العالم. فالنموذج السعودي لم يعد نجاحا محليا فقط، بل مرجع دولي يستند إليه في بناء وتشغيل المحطات وتطوير الحلول المستدامة لهذا القطاع الحيوي المهم.

في تقديري.. الإنجاز السعودي هو صياغة لنموذج عالمي يجمع بين التقنية المتقدمة والإدارة الرشيدة والاستثمار في البحث العلمي، مؤكدا أن "الجغرافيا ليست قدرا" وأن الندرة يمكن أن تتحول إلى ميزة تنافسية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد