: آخر تحديث

الشيخان

0
0
1

يلعب المؤسسون في الدول والأمم والمنظمات أدواراً ريادية يبني الجميع عليها فيما بعد. وتظهر نوعية التأسيس وأهميته بعد ذلك عبر السنين. وتكون بعض البلدان أكثر حظاً من سواها إذا تزامنت أسسها في ظل رجل استثنائي في مستوى المرحلة. تم إجماع بين العلماء والعامة على أن عبد الله السالم، أمير الاستقلال، أنشأ الكويت على غرار أحدث وأرحب الدول. ولئن تزامن الاستقلال مع تدفق النفط، فقد كان في ذلك تحدٍّ أولي لعدالة الحاكم في الداخل، وأفقه السياسي في محيطه العربي.

أحاط عبد الله السالم نفسه بعدد من حكماء الدولة الحديثة، كانوا بمثابة مجلس استشاري غير رسمي. وانتقى للحكم عدداً من ذوي الأهلية للمشاركة في صُنع القرار، أولهم نائبه الشيخ عبد الله المبارك. في كتابها الجديد «الشيخان» تؤرخ الدكتورة سعاد الصباح لتلك المرحلة الذهبية كعادتها: بكثير من الوداعة وكثير من الحقائق. ولا بد أيضاً من العنصر الجوهري، شيء من الشعر من أجل حبها الأبدي، الكويت وأبو مبارك، الزوج الذي كان يحمل يوم الاستقلال، جواز السفر رقم 2. نائب الأمير.

يُشكل «الشيخان» في خلاصته جزءاً مهماً من تاريخ الخليج العربي المعاصر. دارت الكويت مطامع عربية معلنة من العراق، ومطامع إيرانية فاقعة من الجانب الفارسي. ولعب عبد الله المبارك دوراً كبيراً في تجييش الدعم العربي من خلال صداقته مع الرئيس عبد الناصر، فيما أرسلت السعودية قواتها على الفور، معلنة أن أي اعتداء على الكويت اعتداء مباشر عليها.

تكررت المأساة على نطاق أكثر خطورة عندما انتقلت مطالبة العراق بالكويت إلى احتلال يشبه إلى حد بعيد احتلال إسرائيل لفلسطين. أسوأ الرصاصات كانت تلك التي أطلقها صدام حسين على كبار مؤيديه في الكويت. على البيت الذي أهداه له عبد الله المبارك، لكي يكون منزله عندما يعبر الحدود إلى الجارة الصغيرة. لكن صدام أراد الكويت برمتها.

كانت الشاعرة سعاد الصباح تكتب قصائد الحداء في تأييد العراق في حرب إيران، فرأت نفسها تكتب قصائد الحداد في نعي الوفاء والشهامة ومودات العرب... «الشيخان» عمل تاريخي من أعمال التاريخ المعاصر. وهو يرد كثيراً من الحقوق إلى الشيخين الكبيرين، ويرد حقاً مستحقاً إلى الشيخة المؤرخة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد