أحمد المغلوث
ربما يجهل الكثيرون أن مدام كوري هي أول امرأة وعالمة حصلت على جائزتي نوبل، وكانت أول امرأة تفوز بجائزة نوبل في الفيزياء عام 1903م ثم أصبحت الشخص الوحيد الذي يفوز بها مرتين في مجالين علميين مختلفين بفوزها بجائزة نوبل في الكيمياء عام 1911م، ولكن المدهش أن هذه العالمة العبقرية بل والمعجزة كانت لا تري ولا تسمع ولا تتكلم منذ طفولتها ومع ذلك حققت بعلمها وتميزها المعجزات والمدهش انها كانت تتميز بخاصية «شم» عجيبة، حيث كانت تستطيع معرفة الناس سواء كانوا من أقاربها أم جيرانها أم من سبق وأن التقت بهم يوما ما، وبعدها راح العلماء والباحثون يدرسون خاصية «الشم» فأسسوا جمعية لدراسة هذه الحاسة الفريدة وبالتالي سبر غورها واكتشاف الطريقة التي يعمل بها جهاز الشم عند الإنسان وحتى الحيوان، ومدى دور الروائح المختلفة على الإنسان في الحياة ومع الأيام اكتشف علماء هذه الجمعية أن لكل إنسان رائحة تميزه عن غيره بل اكتشفوا أن لكل شيء في الحياة رائحته الخاصة التي تميزه، سواء أكان إنسانا أم حيوانا أو حتى نباتاً، ومن هنا اكتشفوا السر وراء اكتشاف «الكلاب» المدربة للممنوعات أو المجرمين وقبل عقود زرت مدينة «جراس» في جنوب فرنسا والتي اشتهرت بكونها مركزاً لصناعة العطور ويعمل فيها خبراء «الشم» واختيار العطور الأفضل، بل تصرف لهم مرتبات مالية خيالية، والمدينة كما قال لنا مرافقنا تعد أقدم مدينة في أوروبا لإنتاج وصناعة العطور الثمينة، ومع اكتشاف خاصية «الروائح» واكتشاف تأثيرها على الإنسان في الحياة الزوجية راحت الشركات المنتجة للعطور في إنتاج عشرات الأنواع من العطور الثمينة، بل راحت تستغل تأثيرها لترويج منتجاتها المتعددة بل راحت تطور وتحسن ما تطرحه من روائح لتضيف بعضها في المنتجات الغذائية من مأكولات ومشروبات بل وحتى مواد النظافة كالصابون والشامبو ..الخ، بعدما تضاعف إقبال المستهلكين على ما يباع في الأسواق هذا ومنذ قرون اكتشف العرب وغير العرب أهمية «روائح» العطور أكان بخوراً أو دهاناً أو أوراقاً طبيعية كالورد والريحان، وغير ذلك من الورقيات ذات الروائح النفاذة، وكان المصريون القدماء من أوائل الشعوب الذين اهتموا بالعطور وحتى الكنعانيون الذين حملوا معهم فسائل النخيل وبذور الورد والريحان من «الجرها» موطنهم الأصلي بالقرب من العقير أقدم ميناء في شرق جزيرة العرب وورث أحفادهم الفينيقيون تلك الفسائل والبذور، ومن هنا اتشرت صناعة العطور في مدن العرب الكبرى دمشق وبغداد والقدس وصيدا والقاهرة.. وماذا بعد ونحن نعيش في عصر يتطور يوماً بعد يوم مع إشراقة الشمس تقوم شركات متخصصة لحمل باقات الزهور لوضعها في قاعات الاستقبال وفي القصور وحتى البيوت فبات وجود الورود والزهور جزءا من حياتنا ولا تخلو بيوتنا منها.

