: آخر تحديث

تمجيد الإجهاد

1
1
1

سهوب بغدادي

لنتخيل أن هناك موظفاً نائماً على مكتبه خلال ساعات العمل، ما الصفة التي ستطلق عليه؟ ربما موظف كسول أو لامبالٍ أو سيء، إلا أن هذا الموظف النائم قد يوصف بالمجتهد والمتفاني في عمله في ثقافة عمل اليابان، إذ تمتاز ثقافة العمل اليابانية بالاجتهاد والولاء للساعات الطويلة والإرهاق؛ الأمر الذي أدى إلى بزوغ ظاهرة «كاروشي» أي (الموت بسبب العمل المفرط)، بل إن البعض يتصنع الإجهاد والتظاهر بالنوم عنوةً لكي يقال عنه إنه مجتهد ومرهق بسبب العمل، إلا أن قانونًا جديدًا في عام 2019 حاول الحد من تلك الظاهرة العجيبة.

جميعنا نرغب نيل المراد وأن نوصف بالجد والاجتهاد وغيرها من الصفات المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعمل الدؤوب والنجاح، إن هذا الأمر ليس حكرًا على العمل والمهنة بل ينبثق إلى مواضع مختلفة في حياة الفرد، ابتداءً من مقاعد الدراسة وسهر الليالي، وصولاً إلى الوظيفة والحياة العائلية والاجتماعية، لذا تتردد على مسامعنا عبارات وحكم واقتباسات مماثلة تحث على الاجتهاد المبالغ فيه واعتبارها من المسلمات، كما ورد في أبيات الشافعي:

«بقدر الكد تكتسب المعالي

ومن طلب العلا سهر الليالي»

أمر جميل أن تعمل وتخلص وتشعر بنتيجة ذلك الاجتهاد، ولكن دون تقصير أو جور على النفس التي كرمها الرحمن الرحيم، فالأولى أن ندير ذلك الجهد المبذول بطريقة مدروسة قبل بدء الدراسة على سبيل المثال لا الحصر، دون إغفال المعايير اللازمة لنجاح الأمر، مع الابتعاد عن المثالية الزائدة والزائفة، باعتبار أن الكمال محال وأن كل شيء قابل للتحسين والتعديل والتغيير وإن كان الأفضل في تلك اللحظة، ففي اليوم التالي قد تنهال النصائح والتعليمات والتعديلات وتلك طبيعة الحياة، فلا ضرر ولا ضرار.

«اعمل بذكاء، لا تعمل بجهد».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد