: آخر تحديث

زيارة سمو ولي العهد لأمريكا.. أهمية غير مسبوقة

2
2
2

صيغة الشمري

شكَّلت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحظة حافلة بالتحولات الدولية، لتعيد رسم ملامح الشراكة بين الرياض وواشنطن وتؤكد أن العلاقة بين البلدين لم تعد مجرد ارتباطات تقليدية، بل مشروعًا إستراتيجيًا طويل الأمد يقوم على المصالح المشتركة والتوازنات الجديدة في العالم.

واتسمت الزيارة بزخم غير مسبوق، مما يدل على أهمية سمو ولي العهد كقائد من قادات العالم المؤثِّرين، مما يعكس بوضوح انتقال العلاقات من إطار التعاون إلى مستوى إعادة البناء لمستقبل شراكة أعمق في مختلف المجالات.

ومما يلفت الانتباه في هذه الزيارة أن سمو ولي العهد ذهب إلى واشنطن ليتم استقباله كأحد أهم وأقوى زعماء العالم، كقائد يمتلك رؤيةً واضحةً وبرنامجًا تنفيذيًا قادرًا على تحويل أي تفاهم إلى نتائج ملموسة. وهذا مما بدا جليًا في الملفات الجوهرية التي تمت مناقشتها، وعلى رأسها التعاون الدفاعي، حيث تم الإعلان عن إعادة صياغة العلاقة الأمنية بما يلبي احتياجات المنطقة ويمنح بلادنا قدرات نوعية تواكب مكانتها ودورها الإقليمي والدولي، فالقائدان يدركان أن الاستقرار في الشرق الأوسط لم يعد مسألة محلية، بل جزء من معادلة السلام العالمي. أظهرت الزيارة في الجانب الاقتصادي، أن مستقبل الاستثمارات بين البلدين يتجاوز الأرقام التقليدية، ليمتد إلى مشاريع إستراتيجية، مثل الطاقة النووية المدنية، وسلاسل الإمداد للمعادن الحيوية، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات المتقدمة. وهذه المجالات ليست مجرد قطاعات استثمارية، بل أدوات تأثير عالمي تتسابق الدول للتمركز فيها. وفي هذا السياق، تدرك السعودية، وفقًا لرؤية 2030، أن التحول الاقتصادي الحقيقي يتطلب امتلاك التكنولوجيا وليس فقط استيرادها، وهو ما عكسته مذكرات التفاهم التي تهدف لنقل المعرفة وتوطين الابتكار.

أما سياسياً، فقد أكدت الزيارة على أهمية بلادنا عالمياً وإقليمياً، كبلد قادر على إدارة علاقاته الكبرى بخطوط واضحة لا تتقاطع مع مصالحه ولا تنفصل عن دوره الإقليمي والعالمي، سمو ولي العهد -حفظه الله- نقل علاقتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية من حليف تقليدي إلى ند يملك رؤية وموقعًا ومهارات تفاوضية تجعله عنصرًا أساسيًا في تشكيل التوازنات الدولية القادمة، ودولة فاعلة في حل الأزمات السياسية عبر الحوار، وآخرها ما طرحه سمو ولي العهد بشأن حل أزمة السودان وجاءت الاستجابة السريعة من الرئيس الأمريكي.

زيارة سمو ولي العهد إلى الولايات المتحدة لم تكن مناسبة بروتوكولية بقدر ما كانت محطة مفصلية في بناء شراكة جديدة بين البلدين، شراكة تقوم على الاستثمار في المستقبل. ومع حجم الاتفاقيات وطبيعة الملفات التي طُرحت، يمكن القول إن ما تم هو خطوة متقدمة نحو صياغة علاقة إستراتيجية تعزِّز مكانة السعودية عالميًا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد