: آخر تحديث

أحمد بن علي آل الشيخ مبارك.. سفير الأدب

1
1
1

عبده الأسمري

ما بين «وقار» الذات و»واقتدار» النفس بنى صروح «الإلهام» على أركان «العلا» ليكون «الضمير» المتصل في عوالم «الثقافة» ومعالم «الدبلوماسية».

وزع «بركة» العمر بنصيب مفروض ما بين متون «العلم» وشؤون «العمل» فنال «الذكر الواجب» و«الشكر المستوجب» في مساحة «الذاكرة المشرقة» وساحة «المعرفة المبهجة» في ثنايا «الوطنية» وعطايا «المهنية».

إنه رائد الأدب الإحسائي الأديب السفير أحمد بن علي آل الشيخ مبارك رحمه الله أحد أبرز الأدباء ووجوه العمل الدبلوماسي.

بوجه ذي سحنة «حنطية» تتوارد منها سمات اليقين وصفات الرقي وتقاسيم «شرقاوية» بحكم النشأة واحتكام التنشئة وملامح طغى عليها «بياض المشيب» فزادها هيبة وطيبة وعينين ساطعتين بنظرات «التدبر» ولمحات «التبصر» وأناقة تعتمر «البشوت الحساوية» الشهيرة وكاريزما تتسطر وسطها معاني الأدب والتهذيب وحسن الخلق وشخصية أنيقة الحضور رائعة الأثر لينة الجانب صافية القلب نقية الداخل ولغة مزيجة بين «حساوية» جائلة في مجالس العائلة ومحافل الأصدقاء و«فصيحة» بليغة في منصات «الأعمال» ومواطن «الأفعال» قضى المبارك من عمره عقودا» وهو يؤسس أصول «الأدب» ويعلي شأن «الثقافة» ويرفع «راية» الدبلوماسية ويحقق «غاية» الاحترافية ويهدي للأجيال «مناهج» من المآثر الجلية في اتجاهات «النماء» ومجالات «العطاء» أديباً وتربوياً ودبلوماسياً حفر اسمه على صفحات «الوطن» بمداد أخضر وأبقى صيته عبر «ومضات» الزمن بانفراد مستحق.

في الأحساء الغنية بتخريج «البارزين» وزفهم إلى «أعراس» المسؤولية ولد عام 1922م ونشأ في «أحضان» التعليم وربى في كنف «التوجيه» وتفتحت عيناه على أب وجيه كريم من «أعيان» قومه وأم ودودة من فضيلات جيلها..

تعتقت نفسه طفلاً بأنفاس «الحقول» في مساءات «الهفوف» المكتظة بالألفة.. وتشربت روحه نفائس «القول» في نهارات «الحساويين» المسجوعة بالتآلف فكبر وفي قلبه موجبات «النبل» وفي وجدانه عزائم «الفضل» وظل ينهل من «معين» باذخ بالنصح في مجلس والده العامر بمواقف «الفضلاء» ووقفات «النبلاء» من أبناء عشيرته التي توارثت «طيب السمعة» و «جميل الصيت».

ركض الطفل «النابه» ذو «النبوغ المبكر» وفق توقعات «الحكماء» من قبيلته بين أحياء «الأحساء» وظل ينصت لتلك «الألحان السماوية» الصادرة من مسجد قريته «الصغير» الذي كان «مكانه» المفضل وموقعه الأفضل لقضاء يوم عامر بالصالحات حيث انبرى صغيراً في تعلم القرآن الكريم والكتابة ودراسة العلوم الدينية والعربية على يد والده «المبارك» وعدد من مشايخ الأحساء البارعين مثل عبدالعزيز بن صالح العلجي، وعبدالعزيز بن حمد آل مبارك، ومبارك بن عبداللطيف آل مبارك وأحمد بن سعد آل مهيني.

وظل يرصد «عقارب الساعة» في ليالي «الشتاء» العامرة بالمعرفة ليحضر مجالس الأدب والفقه.

ولأنه مسكون بالتعلم والبحث عن ضالته في توفير «إجابات» شافية عن «تساؤلات» غمرت وجدانه سافر في عام 1354هـ إلى البحرين ثم إلى الكويت ومنها إلى البصرة فبغداد لتعلم العلوم العربية والدينية وأمضى فيها وقتاً من حياته ثم غادر العراق ليعود مجدداً إلى بلدته في الأحساء وفي قلبه دوي «الإصرار» وصدى «الطموح» في مواصلة رحلة العلوم والمعارف والتحق ببعثه إلى مصر عام (1356هـ) ليكمل دراسته الثانوية بتفوق ثم واصل دراسته «الجامعية» وتخرج من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر. ثم التحق بجامعة عين شمس وحصل منها على دبلوم في التربية وعلم النفس.

في عام 1371 عاد المبارك إلى أرض الوطن مشفوعاً بشهادات علمية وكفاءة بحثية ثم انطلق في ميادين «التربية والتعليم» وتدرج في عدة وظائف حيث تعين مفتشاً عاماً على جميع مدارس المملكة الابتدائية والثانوية بمديرية المعارف العامة ثم انتقل مديراً للتعليم بجدة لمدة أربع سنوات.

وبعدها انتقل إلى وزارة الخارجية وبدأ في «منصب» مدير الإدارة الثقافية والصحية، ونظراً لكفاءته فقد تم تعيينه مسئولا عن الشئون القنصلية بالسفارة السعودية في الأردن ثم نقل على «ذات المنصب» في السفارة السعودية بالكويت وفي عام (1381هــ) تعين مستشاراً للسفارة ثم عاد لأرض الوطن وتولى إدارة الصحافة والنشر والترجمة بوزارة الخارجية ثم تعين قنصلاً في البصرة لمدة أربع سنوات ثم جمهورية غانا ثم تم تعيينه سفيراً للسعودية لدى دولة قطر وبعد تلك المهمات المنوعة خارجياً عاد ليتولى منصب مدير عام الإدارة الإسلامية في وزارة الخارجية، وبقي فيها حتى تقاعد سنة (1415هـ).

وقد تم ترشيحه عضواً في مجلس إدارة النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية وله عضويات متعددة وعلاقات واسعة على المستوى المحلي والعربي في مجال الأدب والثقافة وقد أسس عام 1411هـ ندوة أدبية ثقافية تعقد كل أحد تحت مسمى «الأحدية المباركية».

كان مهتماً بالأدب والثقافة بارعاً في شؤونها مبدعاً في مقاماتها وقد تميز في نظم الشعر ونشرت أعماله الشعرية في عدد من الصحف والمجلات المحلية والخليجية وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات المحلية والدولية.

وامتهن الكتابة في شؤون متعددة نشرت في عدة صحف.

أصدر عددا من «المؤلفات» ومنها ديوان مخطوط بعنوان «ديوان أحمد علي آل مبارك». ورواية بعنوان «في بداية الطريق» وكتب «أسباب سقوط الخلافة العثمانية» و»تأملات في المجتمع والأدب والحياة» و»تاريخ الأحساء في ماضيها وحاضرها» و»رحلة الأمل والألم» و»سوانح الفكر» وعبقرية الملك عبدالعزيز رحمه الله ورسائل «في المودة والعتاب والاعتذار والرثاء» وديوان شعري بعنوان «سفير الأدباء وأديب السفراء».

تم تكريمه في عدة محافل حيث تم منحه وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى وكرمته اثنينية الشيخ عثمان الصالح عام 1423هـ وأقيم له حفل تكريمي في جريدة اليوم عام 1423هـ وتم الاحتفاء به في عدة مواقع ومناسبات تتويجاً لجهوده وأعماله.

وقد أصدر الباحثان خالد الجريان وعبدالله الذرمان مؤلفاً يحكي حياة الشيخ أحمد وأدبه يحمل اسم (الشيخ أحمد بن على الشيخ مبارك رائد الأدب الأحسائي الحديث.. حياته وأدبه) في 310 صفحة.

قدم المبارك عطاءات مضيئة ظلت زاهية بالمكارم في حضرة «الأدب» موجهاً قبلة «سيرته» شطر «الدبلوماسية» فكان الأديب المهيب والسفير الخبير الذي قدم «مهر» الأثر في «مشاهد» من الضياء و»شواهد» من الإمضاء ارتبطت باسمه الذي سطع في سماوات «التربية والسياسة والشعر والفكر»..

انتقل المبارك إلى رحمة الله عام 2010 بعد حياة حافلة بالمنجزات على صعيد الحركة الأدبية والنهضة التعليمية والتمثيل الدبلوماسي وقد تناقلت وسائل الإعلام بمختلف أطيافها النبأ الذي اقترن بمآثر ومناقب الراحل على الصعيدين الشخصي والفكري.

أحمد بن علي آل الشيخ مبارك.. التربوي النخبوي والأديب المبدع والسفير البارع صاحب البصمات المضيئة في عوالم «النماء» والإضاءات الساطعة في معالم «الانتماء».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد