: آخر تحديث

المملكة في قلب القرار العالمي

3
3
3

لم تكن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى الولايات المتحدة مجرد زيارة رسمية تُدرج في جدول الدبلوماسية، بل كانت فصلًا جديدًا تُعاد صياغته في سجل التحالفات الكبرى، زيارة حملت معها وزن المملكة الجديد في العالم، ورؤية قائد لم يعد ينتمي لحدود الجغرافيا، بل ينتمي إلى المستقبل نفسه.

بثّت الزيارة مباشرة على كافة القنوات الفضائية وبثّت شبكة (CBS News) تقريرًا وصفت فيه الاستقبال بأنه "مراسم استثنائية شملت مرورًا للطائرات الحربية ومدفعية وشرفات الخيالة الأميركية" طقوس لا تُمنح في العادة إلا في المناسبات الأعلى مكانة، مشهدٌ يعبّر عن تقديرٍ غير مسبوق، وعن اعترافٍ دولي واضح بأن المملكة باتت تقود التحولات الكبرى، وأن ولي العهد أصبح رمزًا عالميًا لصياغة المستقبل.

كانت واشنطن تستقبل ولي العهد.. لكنها في الحقيقة كانت تستقبل الرؤية. رؤية دولة تغيّرت خلال سنوات قليلة، وتحوّلت من اقتصاد يعتمد على مصدر واحد إلى اقتصاد متنوّع يتصدر ملفات الطاقة النظيفة، التقنية المتقدمة، الذكاء الاصطناعي، التنمية الحضرية، والصناعات المستقبلية.

وفي اللقاء الذي جمع سموه بالرئيس الأميركي، أكّد الجانبان على مرحلة جديدة من الشراكة تتجاوز إطار الدفاع والأمن والطاقة التقليدية نحو تعاون واسع في سلاسل الإمداد العالمية، والهيدروجين، والتقنيات الناشئة، والبنية التحتية الحديثة وهو ما وثّقه البيت الأبيض رسميًا في بيانه الصادر بتاريخ 19 نوفمبر 2025.

وعلى هامش الزيارة، انعقد منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي بمشاركة وفد سعودي رفيع المستوى وأكثر من (200) شركة أميركية كبرى. المنتدى قدّم صورة واضحة عن حجم الاهتمام المتزايد بالسوق السعودية، حيث أكد معالي المهندس خالد الفالح وزير الاستثمار: "الولايات المتحدة هي أكبر مستثمر أجنبي في المملكة، واستثماراتها تتجاوز 200 مليار دولار".

كما أعلن معاليه: "شراكتنا مع الولايات المتحدة ليست في الأرقام وحدها، بل في بناء مستقبل اقتصادي وتكنولوجي جديد".

وفي واحدة من أهم النتائج الاقتصادية للزيارة، أعلن البيت الأبيض أن المملكة رفعت استثماراتها المعلنة في الولايات المتحدة من (600) مليار دولار إلى ما يقارب تريليون دولار وهو أكبر توسع استثماري سعودي في الاقتصاد الأميركي منذ عقود.

أما على مستوى الاتفاقيات، فقد أكدت بيانات رسمية نشرتها (PR Newswire) أن القيمة الإجمالية للشراكات والتفاهمات بين الشركات الأميركية والسعودية تجاوزت (575) مليار دولار في مجالات تشمل:

الطاقة النظيفة والهيدروجين، التقنيات المتقدمة، الصناعات الدفاعية، الذكاء الاصطناعي، الأمن الغذائي، البنية التحتية، المدن الذكية والتنمية الحضرية.

هذه الاتفاقيات ليست مجرد صفقات، بل رافعة استراتيجية لاقتصاد سعودي يسابق الزمن نحو التنويع وتوطين الصناعات ونقل التقنية وبناء منظومات اقتصادية جديدة.

ولم يخفِ كبار المسؤولين الأميركيين إعجابهم بالتحول الذي تشهده المملكة، حيث وصفتها تقارير رسمية بأنها "القوة الاقتصادية الصاعدة الأسرع نموًا في الشرق الأوسط"، وأن مشاريعها العملاقة في البنية التحتية والابتكار العمراني أصبحت نموذجًا عالميًا للمدن المستقبلية.

لقد كانت الزيارة لحظة تتقاطع فيها السياسة مع الاستثمار، والطموح مع الشراكات الاستراتيجية، والقيادة مع مستقبل المنطقة. لم تكن زيارة بروتوكولية، بل كانت إعلانًا جديدًا عن موقع المملكة في العالم، وعن قائد يحمل رؤية لا تُصنع داخل الاجتماعات المغلقة، بل تُصنع في ساحات العمل، وعلى مستوى العلاقات الدولية الكبرى.

وفي الخلفية، يبقى الدور التاريخي لقيادتنا الرشيدة حاضرًا: خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي وضع قاعدة الاستقرار السياسي والاقتصادي، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- الذي أعاد صياغة مستقبل المملكة وموقعها في العالم.

هكذا تُكتب الزيارات التاريخية؛ لا تُقاس بما يجري فيها من اجتماعات فقط، بل بما تُحدثه من أثر، وبما تفتحه من أبواب،

وبما تبنيه من مستقبل.. بدأ من واشنطن، لكنه يمتد إلى العالم كله.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد