: آخر تحديث

ولي العهد والزيارة التاريخية

0
0
0

عبدالله الزازان

جاءت زيارة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتعزيز الشراكة الإستراتيجية، وعلاقة التحالف والصداقة التاريخية بين السعودية وأمريكا، ومن جانب آخر الحوار وتبادل وجهات النظر حول المصالح الوطنية والإقليمية والعالمية، ولا سيما أن هذه الزيارة التاريخية تأتي في ظروف تتصاعد فيها الأحداث بمنطقتنا، ما يستلزم التحرك سعياً وراء الحفاظ على استقلالية عالمنا العربي واستقراره. فالعالم اليوم أحوج ما يكون لأن يتمثل روح الحوار، لأنه البديل للصراع، والوسيلة المثلى لتحقيق الأهداف الوطنية والإقليمية والعالمية في هذا العالم المتشابك المصالح. في هذا الإطار كانت الزيارة مؤكدة الإيمان الواعي بالحوار كوسيلة ليس فقط لتوضيح وجهات النظر، وإنما للسعي الإيجابي لتأكيد الذات، ليعرف العالم كله أن السعودية في جميع خطواتها تنطلق من معرفتها بما تريد هي، لا ما يريد الآخرون، وإن كانت معرفتها بمواقف الآخرين جزءًا من انتهاجها سياسة الحوار والتزامها بها. فليس ضروريًا أن تتطابق وجهات النظر، ولكن أن تتوافر المعرفة المتبادلة بضرورة السعي نحو تقريب وجهات النظر في عالم يسعى للوفاق، لا للصراع واقتسام مناطق النفوذ. وقد شاء الله أن يكون قدر السعودية أن تحمل مع تطلعاتها الوطنية تطلعات منطقة بأكملها، وهي منطقة إستراتيجية ذات أهمية قصوى للعالم، وأن تشارك أكثر من غيرها في التصدي لمشكلات كثيرة. وتحملت هذا القدر بروح المسؤولية من منطلق معرفتها بحجمها الدولي، ورغبتها في أن تكون قوة فاعلة في المسرح العالمي، كما ينبغي أن تكون. فأمريكا تدرك حجم ودور المملكة الحقيقي كدولة قائدة ومحورية، تتمتع بثقل واستقرار اقتصادي وسياسي، ومكانة قيادية على مستوى العالم العربي والإسلامي، فهي على ساحة الاقتصاد العالمي الطاقة العضو الأكبر بحكم حجم الإنتاج، وأحد أكبر الأعضاء الفاعلين في منظمة التجارة العالمية، وأحد الأعضاء الكبار في مجموعة العشرين الاقتصادية الكبرى، وقبل ذلك أحد الأعضاء المؤسسين لمنظمة الأمم المتحدة. ومن هنا أخذت العلاقات السعودية - الأمريكية أشكالاً جديدة، أملتها الأوضاع العالمية والمتغيرات السياسية في العالم. فالعلاقات السعودية - الأمريكية لا تقوم على تفوق موروث لأي من الطرفين على الآخر، بل على تحليل منطقي لمصالح الطرفين في ضوء انتماء كل منهما إلى حضارته، واحترام كل منهما تراثه الثقافي والفكري وقيمه وخياراته الإستراتيجية. واليوم المتغيرات الإستراتيجية العالمية استدعت دخول المملكة كبلد رئيس في الساحة العالمية، واستخدمت المملكة ثقلها السياسي والاقتصادي والإستراتيجي والدبلوماسي، إقليمياً وعالمياً، من أجل الوصول إلى حلول عادلة وسليمة، وذلك لما تتمتع به من حنكة وحكمة وحصافة ونظرة واسعة، بحيث أصبحت كياناً يجمع، وبلد يوحد، وقوة تعزز وتدعم الحق وتقف إلى جانب المبادئ، حيث تكمن أهميتها في مواقفها المعتدلة ونفوذها السياسي وموقعها الإستراتيجي وقوتها الاقتصادية وأدوارها الدبلوماسية، ما مكنها من أن تحتل مكان الصدارة إقليمياً وعالمياً.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد