: آخر تحديث

الصالح في أقوال نجيب الصالح

0
0
0

تنقسم الأنظمة الاقتصادية لرأسمالية؛ تتمثل في الاقتصادات الغربية المتقدمة، واشتراكية، أو شيوعية سابقا، التي تضع الاقتصاد بأكمله بيد الحكومة، ويتم التعامل مع الجميع بمساواة كاملة، أو هذا ما تقوله النظرية. أما النظام الاقتصادي في الكويت فربما يتميز بفرادته، حيث يجمع بين الرأسمالية والاشتراكية، فللقطاع الخاص الحق في العمل بحرية كاملة، وفق ضوابط الحكومة، دون دفع أية ضرائب، مع تعهد حكومي بضمان السكن والغذاء والدواء والعمل لكل مواطن، وأيضا دون ضرائب، ومن ثم هيمنة الحكومة الكاملة على كل موارد الدولة، وملكيتها لكل الأراضي الزراعية والتخزينية والصناعية والشاليهات والاستراحات والسواحل البحرية، بخلاف تملكها لحصص مؤثرة في غالبية الشركات المساهمة الكبيرة، في غياب واضح لأية سياسات مالية او اقتصادية مستدامة، أو حتى خطط خمسية أو عشرية، مع رفض التقيد بأية التزامات، أو وعود، قد لا تتمكن من تحقيقها. وكانت النتيجة خلق مواطن يؤمن بقدرة حكومته على توفير «كل شيء» له، وتلبية كل احتياجاته، وهذا أفقده الرغبة في أن ينتج أو يتميز، فرغباته أوامر ومطالبه حقوق مكتسبة.

* * *

إيمانا من القبس بدورها التوعوي، قامت باستضافة رجل الأعمال نجيب حمد الصالح، على «قناتها»، مع نشر ملخصها على القبس الورقية، فلاقت انتشارا، كنت أتوقعه، بالرغم من أن غالبية ما ورد بها من آراء سبق أن ذكرها في لقاءات صحافية جرت قبلها بأيام، إلا أن مكانة القبس ومهارة المحاورة «حوراء غالب» أعطتا المقابلة ما تستحق من زخم، تمثل في الاعجاب بمضامينها، من البعض، وحدة ردود الفعل السلبية عليها، من البعض الآخر، خاصة في ما يتعلق بالنقاط التالية:

1. الفوائض المالية، إلى جانب قلة عدد السكان، والرغبة في التوسع السريع، خلقت نمواً كبيراً، لكنها جعلت الكويتيين «أقلية مدللة» داخل بلدهم.

2. فقد القطاع الخاص، الذي كان يمول الدولة قبل عصر النفط، دوره تدريجياً، حتى بات لا يشغّل إلا نحو 4% من المواطنين، بسبب منظومة عمل دفعت الجميع للوظيفة الحكومية، وأصبح 90% من القوى الوطنية العاملة تعمل في الحكومة، وهذا خلق شعوراً بالأمان لدى المواطن، وأثر في قدراته، وقلّص اهتمامه بالتعليم الجيد وتطوير مهاراته، مع تلاشي عامل التنافس في سوق العمل.

3. المطالبة بإلغاء برنامج الدعوم، التي تكلف الموازنة 5 مليارات دينار سنويا.

4. الفصل بين الموظفين المنتجين، الذين تحتاجهم الحكومة، وإرسال البقية للتقاعد، برواتب مقطوعة، مدفوعة من احتياطي الأجيال القادمة، وليس من موازنة الدولة، وإتاحة الفرصة لهم للعمل في القطاع الخاص أو إنشاء مشروعاتهم الخاصة.

5. إلغاء دعم العمالة ومكافآت الطلبة وبرنامج التموين بصيغته الحالية، بعد أن تحول لمصدر هدر وسوء استهلاك.

6. السماح لطلبة الجامعة بالعمل بدوام جزئي Part-time، ليكتسبوا خبرة عملية مبكرة، كما هو متبع في كل دول العالم المتقدم.

* * *

ما طُرح أعلاه، وإن شكل صدمة واستياء، واستنكار جاهل عند غيرهم، إلا أن منطقية مطالبات الصالح نالت إعجاب الكثيرين، وشكلت جرس إنذار، وطروحات مفاجئة لجزء من المجتمع لم يعتد إلا على القبض والاستلام، دون بذل أي جهد أو المشاركة بأي نشاط، بحجة أن «الخير وايد» وإن لم نستمتع بأموالنا اليوم، فمتى سنستمتع بها، وما حاجتنا لأموال الأجيال القادمة، إن لم تصرف اليوم على «أبنائنا»؟ فلا يلام هؤلاء على قسوة ردود أفعالهم، ولا على سذاجة آرائهم، فهم نتاج سياسات حكومية خاطئة استمرت لأكثر من جيلين، جعلت المواطن يعتقد أنه يتعامل مع حكومة اشتراكية، مجبرة على توفير كل متطلباته، ويريدها رأسمالية، بحيث تتركه حرا يفعل ما يشاء، وهو حلم «قد يكون مشروعا»، لكنه بحاجة لرافد مالي لا ينقطع يقوم بدعم كل هذه الطلبات المتزايدة، وهذا غير متوفر اصلا، وسينتج عن الاستمرار في سياسات الصرف غير المنضبط «إفلاس الدولة وتخريب الأمة»، دون حساب لمستقبل الأجيال القادمة، ولا للتناقص المتسارع في موارد الدولة، وهذا ما انتبهت له الحكومة الحالية، أخيرا، وبدأت تدرك تماما أن الاستمرار في سياسات «الدلال والرفاهية المخربة»، يجب أن يتوقف، رحمة بنا جميعا.

وإلى مقال الغد..


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد