تطمح الكويت لفتح مسار سياحي جديد متطور يخلق نشاطا سياحيا جاذبا للسياحة المحلية، وجاذبا ايضا للسياح الخارجيين للاستمتاع بكل ما يبدعه شبابنا وأبناؤنا وأهلنا في الكويت.
في السنوات الأخيرة برزت السياحة الزراعية التي خلقها أصحاب المزارع في منطقتَي العبدلي والوفرة بشكل رئيسي، حيث حُوِّلت بعض هذه المزارع إلى أماكن ترفيهية يُستمتع في التجول والبقاء فيها، وممارسة بعض الأنشطة البسيطة، خاصة لمن لا تتوافر لهم فرص البقاء أو الوجود في أماكن مفتوحة والتجول في مزارع كويتية تنتج شتى أنواع الخضار والفواكه، التي نجح أصحابها في استزراعها وإنتاجها داخل هذه المزارع.
هذه السياحة لم تبرز عبر مؤتمرات أو ميزانيات، بل عبر اجتهاد أصحاب المزارع في العبدلي والوفرة، الذين فتحوا أبوابهم، وقدموا تجربة محلية نقية، أصبحت مقصدًا للعائلات والزوّار من الخليج.
وكانت هذه المزارع متنفسا شتويا حقيقيا ومكانا يرى فيه الطفل شجرة مثمرة لأول مرة، ويمسك الحيوان بيده، ويشتري محصولا خرج من الأرض قبل ساعات.
وكانت هذه الصورة جزءا من المشهد السياحي الذي نفتقده... وجزءًا من صورة الكويت الحديثة.
التساؤل هو: لماذا الإغلاق الفوري لهذه المزارع؟ وماذا عن الخسائر؟
الجهات المعنية برّرت، بشكل غير مباشر، بأن بعض المزارع تزاول أنشطة غير متوافقة مع تراخيصها الزراعية... وهذا حق للدولة اذا ما تجاوز احد القانون ومارس نشاطا غير مصرح به.
لكن الإغلاق الشامل والسريع خلق مشكلات لم يتم الانتباه لها، مثل خسارة موسم كامل في أشهر الذروة من نوفمبر الى فبراير، وهي أشهر السياحة الداخلية. ثم ان هذا القرار السريع والمفاجئ أربك الأسر التي تعودت على رحلات هذا الموسم مع غياب البدائل المتاحة لعناصر الترفيه المماثلة في هذه المناطق الزراعية.
بعض أصحاب المزارع استثمروا أموالهم ووقتهم، ووظّفوا عمالا وشبابا، ووفّروا منتجات محلية، وهم اليوم يحسبون خسائرهم التي لا يتحمّلها مشروع عائلي صغير.
تسويق المزارع الريفية كعلامة سياحية شتوية... بالكويت
نعم، نحن مع التنظيم ووضع ضوابط لعمليات البيع والنشاطات، وتوفير شروط السلامة، ولكن السؤال المباشر هنا: هل الإغلاق التام هو الحل؟
الحل يكون في تصحيح الأوضاع، وتنظيم رخص واضحة تغطي هذه النشاطات، وتتيح لصاحب المزرعة الجمع ما بين الترفيه والبيع، وأيضا استضافة الزوار أو من يحب قضاء عطلة نهاية الأسبوع وسط أجواء المزارع في هذا الوقت الجميل من السنة في الكويت.
دول أوروبية كثيرة عندها مثل هذه الأنشطة، تمارسها بشكل قانوني وتتيح لأهل البلد أو من خارجها الاستمتاع في أجوائها.
هذه ليست شكوى وليست اعتراضا، بل رغبة في تنظيم يحمي الجميع، حتى يتسنى للمزارع أو صاحب المزرعة العمل بشكل قانوني.
كان من الأجدر منح أصحاب هذه المزارع فرصة أو مهلة تمتد من ثلاثة إلى ستة أشهر لتصحيح الأوضاع بدل الإغلاق الفوري، وفي الوقت نفسه تكون هناك جهة تتولى صياغة القوانين المنظمة لهذا النشاط، بمشاركة من يعنيهم الأمر بشكل مباشر وغير مباشر، حتى يخرج القانون كاملا لا ثغرة فيه.
هذه الحلول من شأنها دعم المشاريع الصغيرة بدل إضعافها، وأيضا دعم المشاريع العائلية التي تعيد اسرا وتتيح فرصا مناسبة أيضا للشباب...
لماذا لا نحول من هذه السياحة الشتوية ميزة تنافسية تدمج المزارع ضمن خطة «السياحة الشتوية» للكويت، وبدل إغلاق قطاع كامل، الاجدى ان نحوله الى ذراع سياحية جديدة وعنصر جديد من عناصر الترفيه والسياحة ايضا داخل الكويت، خاصة أننا نتوجه نحو فتح البلاد واستقطاب أكبر عدد من أهالي الخليج والعرب والأجانب أيضا.
إن ما يطلبه الناس اليوم شيء بسيط: مهلة للتصحيح.
السياحة الزراعية بالكويت، اليوم، ليست ترفا، بل مساحة حياة في بلد يحتاج إلى الهواء، والمساحات الخضراء، والأنشطة الأسرية. هي فرصة اقتصادية وسياحية تعكس وجه الكويت الجميل... فلا يجوز أن تُغلق بهذه السرعة.
اتمنى من الجهة المعنية بالموضوع التعجيل بتنظيم هذا الموضوع، وإعادة رونق موسم المزارع والنشاطات الجاذبة هناك، والاستمتاع بخيراتنا المحلية التي تضاهي المنتجات التي نستوردها من الخارج وتتميز عنها.
إقبال الأحمد

