: آخر تحديث

قمة مبدعة ومستشرفة

1
1
1

أمينة خيري

وسط الأحداث السياسية المتلاحقة، والصراعات التي تأبى أن تخفت لتلتقط البشرية أنفاسها، وأوضاع اقتصادية صعبة في العديد من دول العالم، تأتي قمة المعرفة لتطرح نسمة هواء نقية في هواء ملبد بالغيوم.. إنه الهواء الذي يعيد ثقة الإنسان في نفسه وقدراته ومستقبله رغم المصاعب وضبابية الرؤية.

كما عودتنا على مدار عشر سنوات، تدهشنا قمة المعرفة بطرح أسئلة كبرى حول مستقبلنا، وأساسات اقتصاد المعرفة، وماهية المجتمعات المستدامة، وما يمكن للبشر أن ينجزوه بمساعدة المعرفة في عالم دائم وسريع التغير.

إنها القمة التي سلطت الضوء على المعرفة المتجاوزة لحدود المعلومة، والفكرة المتحولة فرصاً نابضة بالحياة، والمهارات القادرة على تحويل أحلام الشباب إلى حقيقة، وتعديل فهمنا للبيانات والخبرات لتتحول من أرقام ومعلومات جامدة إلى أنظمة معرفية قادرة على طرح حلول فعلية تحسن جودة حياة الناس، كل الناس.

قمة المعرفة في دبي المعرفة كاشفة ومستشرفة، والمتابع لها على مدار دوراتها، لا يسعه سوى الجمع بين مشاعر الشغف والإثارة والرغبة في المزيد من المعرفة من جهة، وبين نوع مستجد من الطمأنينة من جهة أخرى. الشغف والإثارة والدهشة حزمة كلاسيكية تصاحب العلوم والمعارف والإبداع والابتكار، وهي الحزمة التي تتجلى على وجوه وأفكار وتفاصيل فعاليات قمة المعرفة.

إنها القمة التي يجتمع فيها أصحاب العقول المنفتحة علمياً المستنيرة فكرياً والمتمكنة علمياً والمتحررة من قيود الإحباط والعرقلة والتعجيز، مع آخرين تجمعهم القدرات والأحلام ذاتها، تحت مظلة أدوات التمكين من المعرفة، ورعاية الأفكار، وفي حضور صناع القرار.

المعاني الكامنة في دورة هذا العام في حد ذاتها مبدعة ومؤثرة. أسواق المعرفة: تطوير المجتمعات المستدامة، أتى محملاً بكل ما تمثله القمة منذ انطلاقها من قدرة على استشراف المستقبل وقراءة إمكانات الحاضر وتشخيص ما تحتاجه هذه الإمكانات والملكات من أجل تعظيم قدراتها.

بالأمس القريب، انتابت البشرية مخاوف من أن يقضي العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي على العنصر البشري.. إنها المخاوف التي ما زالت تسيطر على كثيرين، وذلك لنقص المعرفة وقصور الرؤى. قمة المعرفة تثبت في كل عام أننا أعداء ما نجهل، وكذلك ما نرفض التعامل معه، أو نقاومه خوفاً منه.

في قمة المعرفة هذا العام، يعاد التأكيد بحجة خبراء المجال، وبرهان من لديهم خطوات فارقة وعلامات بارزة في توظيف أدوات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إن هذه الثورة الرقمية والتقنية قادرة على تمكين البشرية من تجاوز الحدود وصناعة التغيير المنشود. نعم، هناك آثار جانبية، والأمر لا يخلو من مخاطر، ولكن الجاهزية مع الواقعية في التعامل مع الحراك المعرفي والمساهمة فيه لا تقلص هذه السلبيات فقط، بل تحول أغلبها إلى فوائد ومكاسب.

المعرفة لم تعد حكراً على الجامعات والمعاهد والمراكز.. المعرفة أداة ومنصة، وكذلك سلعة استراتيجية، ومحدد محوري في ترتيب مكانات الدول في العالم في الربع الثاني من الألفية الثالثة.

لذلك فإن مؤشر المعرفة أمر بالغ الأهمية، يخبرنا أين نقف، وما الذي يتحتم علينا عمله من أجل المضي قدماً، وما ينبغي إضافته من أجد التميز والتفرد والريادة. 6 مؤشرات رئيسية تخبرنا بحالنا: التعليم ما قبل الجامعي، التعليم التقني والتدريب المهني والتعليم العالي، البحث والتطوير والابتكار، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الاقتصاد، والبيئة التمكينية.

ومن دواعي الفخر العربي أن تأتي الإمارات على رأس الدول العربية في مؤشر المعرفة العالمي هذا العام، والسعودية في المرتبة الثانية، وقطر في المرتبة الثالثة.

تخبرنا قمة المعرفة أن نقول تحولات لا تهديدات، وأن نسلك طريق الابتكار وفيه قدر من المغامرة أفضل من الجمود الذي يعطي إحساساً كاذباً بالأمان، وأن ندعم الابتكار لتنافسية الدول لا الاحتكار لتستأثر دول بالمنافع دون غيرها، وتمكين الأجيال القادمة عبر تزويدهم بالأدوات لا حبسهم في قوالب وأنماط جامدة من التفكير والقيود.. وتؤكد لنا دائماً أن الاستثمار في الإنسان عنوان المستقبل وطريقه الآمن ومجتمعاته المستدامة تنموياً.

قمة المعرفة تظل قمة تمكين الإنسان، وطمأنته بأن العلم والابتكار والتكنولوجيا وجدت لتحسين حياته وضمان نمائه، لا للقضاء عليه أو منافسته في لقمة عيشه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد