في بعض الأحيان، تبعث الأحداث التي نتابعها برسائل مباشرة أو غير مباشرة، من الخطأ تجاهلها أو القفز فوقها، خاصة لو كانت ذات علاقة بمستقبل وطن بحجم ومكانة وأهمية المملكة العربية السعودية، هذه الرسائل كشفت عن نفسها بوضوح، أثناء زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إلى الولايات المتحدة الأميركية أخيراً، تلك الزيارة نالت من الاهتمام المحلي والإقليمي والدولي ما لم تنله زيارة أي مسؤول آخر إلى أميركا في العصر الحديث.
في أميركا، كان حضور سمو ولي العهد طاغياً على تفاصيل الزيارة، وما شهدته من أحداث كثيرة ومهمة، وكانت هيبة الأمير وثقته في نفسه، وقدرات وطنه وتطلعاته، الشغل الشاغل للمحليين والصحافيين، الذين أجمعوا على أن لسموه شخصية استثنائية مُلهمة، اكتسبها من غيرته على وطنه، وحرصه على شعبه، ورغبته الصادقة في أن تكون المملكة في الصف الأول من دول العالم المتطورة والمزدهرة.
ولعل أهم رسائل الزيارة، التي قرأها العالم وأدرك فحواها، أن المملكة تسير نحو المستقبل بخطى واثقة، تحت قيادة شابة وطموحة، تمتلك القدرة على التفكير من خارج الصندوق، والتأثير المباشر في الساحة الإقليمية والدولية، وهذا المشهد يبعث الفخر والاطمئنان في نفوس كل مواطن ومواطنة، بأن القيادة الرشيدة تُخطط بحكمة، وتُنفذ بدقة، وتتحدث من منطلق القوة والفعل، ومن ثم تحقق المطلوب بأقل مجهود، وهو ما ترجمته رؤية المملكة 2030، التي نجحت في إعادة بناء الوطن على مرتكزات قوية وراسخة.
ولفترة طويلة، ستبقى تفاصيل زيارة سمو ولي العهد إلى الولايات المتحدة الأميركية، راسخة في العقول، ليس لسبب سوى أنها رسخت مبدأً سعودياً خالصاً، يميز علاقات المملكة الخارجية، وهو أن كل تعاون للسعودية مع دول العالم، يهدف أولًا وأخيرًا، إلى تحقيق الرخاء والازدهار للمواطن السعودي، سواء على المدى القصير أو البعيد، ويشهد على ذلك، حزمة الاتفاقات ومذكرات التعاون التي أبرمتها السعودية وأميركا، وتستهدف النهوض بمسيرة التنمية السعودية، وبناء دولة حديثة ومتطورة ذات اقتصاد قوي ومستدام.
الحصيلة النهائية للزيارة، أنها تشكل نقطة تحول مهمة في مستقبل المملكة، الساعية إلى طرق أبواب العالمية، من خلال توقيع صفقات عسكرية واقتصادية كبرى، هذه الصفقات ليست مجرد أرقام بل هي محرك مباشر لنمو مقبل للاقتصاد الوطني، سيعود بالفائدة المباشرة على أبناء الوطن من خلال توطين الصناعات المتقدمة، ونقل المعرفة والتقنية، وتأسيس مئات الآلاف من الوظائف النوعية الجديدة.

