محمد سليمان العنقري
التوجه لإدراج شركة في سوق المال خطوة مهمة تتعدد منافعها للسوق والاقتصاد عموماً، فقد ساهمت أسواق المال في ولادة شركات عملاقة في مجالات عدة، لكن هناك أيضاً وجها سلبيا لبعض الادراجات التي منذ بدأ تداولها وهي تحقق خسائر بعكس ما كانت عليه قبل الاكتتاب، ويلحظ ذلك في بعض الشركات العائلية على وجه الخصوص لكن هل هذه الشركات التي تخطت خسارة بعضها نصف رأس مالها انعكس ذلك على ملاكها ومستثمريها على حد سواء!!
الحقيقة غير ذلك، فهي دجاجة تبيض ذهباً لملاكها الكبار او المؤسسين اذ تنشط فيها عقود ذوي العلاقة والملكية لم تنفصل عن الادارة وعندما تتراكم خسائرها تتجه لشطبها ومن ثم طلب رفع رأس مالها من جديد مع مبررات لخطط استثمارية جديدة، ثم يتكرر الفشل فيقوم مجلس ادارة الشركة الذي يسيطر عليه ملاكها المؤسسون بالتفكير خارج الصندوق للتخلص من التصاق خسائر السنين بها؛ فأول الافكار تغيير اسم الشركة غالباً ثم اضافة نشاط جديد غير ماهو معروف عنها وسرد خطط جديدة لتطمين المساهمين مع استخدام عبارات تدغدغ المشاعر من قبيل اعادة تقييم الانشطة والتخلص من الاقل اداءً او التي تحقق خسائر ظناً منهم بأن ذلك هو طوق النجاة..
ففي عالم الأعمال إذا كان النشاط مثلاً شركة صناعية وتحولت الى خدمات فجأة ودون مقدمات بقرار من مجلس الادارة فقط لأنها تعاني من خسائر بسبب ضعف الادارة وعدم التطور والتركيز على منفعة ضيقة للملاك الكبار او المؤسسين وليس بسبب ضعف القطاع فان ذلك لا يعني أنها اتخذت قراراً صحيحاً؛ فهي ليست إلا خطوة للهروب للامام فالتغيير يعني الحاجة لموظفين بتخصصات مختلفة، وسيترتب على ذلك تكاليف باهظة وستنخفض قيمة الاصول وستحتاج الشركة لاعوام حتى تثبت نفسها في قطاع هناك من هو متخصص فيه وله حصة كبيرة وخبرة واسعة ويمتلك كوادر متخصصة ومتمرسة الا ان التغيير هو لكسب الوقت فقط ومحاولة لاقناع المساهمين بضخ اموال جديدة برأس المال دون النظر للعواقب المترتبة على ذلك مستقبلاً بما أن النجاح غير مضمون ويحمل مخاطر عالية بسبب الخسائر المستمرة للشركة على يد من يديرونها منذ سنوات.
تحوّل الشركات لحقل تجارب يعد عبثاً كبيراً ويضر بسمعة الاستثمار بأسواق المال التي هي المكان المناسب لتوظيف المدخرات وتنميتها وتمويل الشركات لتتوسع بأعمالها الا أن بعض الشركات تصر اداراتها على تكرار الفشل فكيف تغير او تخفض من نشاط عرفت به لعقود او لسنوات طويلة وادرجت بالسوق على اساس تاريخ من النجاحات ثم تتحول للخسائر فتقوم باضافة انشطة وعمل تغييرات مكلفة، فكما يقال الخطأ أن تقوم بفعل الشيء مرتين وبنفس الاسلوب وتتوقع نتائج مختلفة مما يعني أن على المساهمين دورا كبيرا بإعادة تقويم اداء هذه الشركات والاستفادة من الانظمة التي تعطيهم الحق بتغيير مجالس ادارات الشركات، ومنع تحقيق منافع لملاكها الكبار، بينما مساهمو الشركة يتكبدون خسائر فادحة!

